حبس صحافي أردني بسبب تغريدة.. تحذير رسمي من مغبة الانتقاد

ناشطون: كيف نعلم أن التعليق على الحكم لا يستوجب المساءلة وفق قانون الجرائم الإلكترونية.
الاثنين 2023/08/14
حبسه أثار جدلا واسعا

عمان - تطوع العشرات من المحامين الأردنيين للدفاع عن الكاتب الصحافي أحمد حسن الزعبي، إثر صدور أمر يقضي بحبسه بسبب تغريدة على موقع إكس. وقد لقي تضامنا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي.

وكانت محكمة صلح جزاء عمان قد أصدرت حكما بحبس ناشر موقع سواليف الإخباري أحمد حسن الزعبي لمدة عام مع تغريمه أيضا، على خلفية القضية التي حركها “الحق العام” بسبب منشور متعلق بإضراب الشاحنات الذي شهدته محافظات الجنوب في أواخر العام الماضي احتجاجا على ارتفاع أسعار الديزل، بحسب ما أكده الكاتب بنفسه في تغريدة له. وقال الزعبي:

 

وجاء حكم محكمة صلح عمان ضد الزعبي بعدما كانت محكمة الصلح قد قررت حبس الزعبي شهرين، لتقوم النيابة العامة بالطعن في الحكم، حيث تمّ قبول الطعن وتغليظ العقوبة على الزعبي ليتقرر حبسه سنة مع الغرامة.

وأوضح القرار أن الزعبي أدين “بجرم القيام بفعل أدى إلى إثارة النزاع بين عناصر الأمة".

والزعبي من مواليد مدينة الرمثا شمال الأردن عام 1975، ويحمل الدرجة الجامعية بتخصص المحاسبة، وهو كاتب ساخر ومعروف بانتقاده لسياسات الحكومات، ويفوق عدد متابعيه في موقعي فيسبوك وإكس مليونا ونصف مليون متابع.

وتصدر اسم الكاتب الأردني الساخر حديث منصات التواصل خلال اليومين الماضيين، ودشن ناشطون حملة تضامن مع الكاتب، معبرين عن غضبهم مما وصفوه بالحكم الجائر الذي يستهدف حرية الرأي التي كفلها الدستور. وقالوا إن تضامنهم مع الزعبي يأتي في إطار الدفاع عن حرية الكلمة التي لم يتبق غيرها كمتنفس لأبناء الشعب الأردني.

وقال الإعلامي عدنان حميدان:

وأوضح ناشطون أن السبب الحقيقي لسجن الزعبي هو انتقاده لتصريح منسوب إلى وزير الإدارة المحلية توفيق كريشان قال فيه “لو الدم بنزل، الديزل ما بنزل" ردا على إضراب خاضه سائقو الشاحنات في معان آنذاك.

وكتب الزعبي آنذاك مخاطبا الوزير "كم تحتاجون من دماء أبنائنا حتى ترتووا؟". وأضاف موجها حديثه إلى الوزير توفيق كريشان "قد نزل الدم يا معالي الوزير.. نحن الحطب في مدافئكم".

وعبر الكاتب حسن براري عن تضامنه مع الزعبي:

وإثر صدور الحكم أصدرت منظمة “فرونت لاين ديفندرز”، المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان ومقرها إيرلندا، بيانا أعربت فيه عن “القلق البالغ إزاء الإدانة والمضايقات القضائية للمدافع عن حقوق الإنسان والصحافي أحمد حسن الزعبي".

وأعربت عن اعتقادها أن الزعبي “مستهدف فقط بسبب عمله السلمي والمشروع في الدفاع عن حقوق الإنسان في الأردن". ودعت المنظمة السلطات الأردنية إلى “التوقف فورا ودون قيد أو شرط عن استخدام قانون الجرائم الإلكترونية وقوانين الأمن الأخرى لتبرير اضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان".

بدوره طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومقره جنيف، السلطات الأردنية بالإلغاء “الفوري وغير المشروط” للحكم الصادر ضد الزعبي، وجميع الأحكام الأخرى ضد الصحافيين والأفراد على خلفيات مرتبطة بحرية الرأي والتعبير، والإفراج عن جميع الموقوفين والمحتجزين على خلفية ممارستهم لحقوقهم المشروعة.

◙ المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان طالب السلطات الأردنية بالإلغاء “الفوري وغير المشروط” للحكم الصادر ضد الزعبي

كما أعرب الزعبي عن استغرابه للقرار الصادر بحقه، لافتا إلى أنه مثل عدة مرات أمام القضاء بسبب آرائه التي اعتبر أنها "حق مشروع كفله الدستور وفي صميم عملي كصحافي". وأكد أن “هيئة الدفاع ستتقدم بطلب خطي إلى وزير العدل؛ لنقض القرار الصادر".

وتزامن الحكم مع صدور مرسوم قانون “الجرائم الإلكترونية” الذي أثار جدلا واسعا في البلاد، بعد أن عدّه ناشطون وحقوقيون “تضييقا على الحريات”، وهناك من اعتبر أن الحكم على الزعبي مؤشر على عزم السلطات عدم التسامح مطلقا مع أي انتقاد على مواقع التواصل الاجتماعي، ورسالة إلى الجمهور تنصحه بالتزام الصمت. وبالفعل عبر بعض المتابعين عن خشيتهم من التعليق على القرار قائلين "كيف نعلم أن التعليق لا يستوجب المساءلة وفق قانون الجرائم الإلكترونية".

ويتألف مشروع القانون من 41 مادة، إلا أن المواد 15 و16 و17 كانت الأكثر جدلا؛ لما احتوته من “عقوبات مشددة” تتعلق باستخدام الفضاء الإلكتروني. وتفرض المادة 15 من مشروع القانون “عقوبات بالحبس والغرامة على أفعال عدة، منها إرسال أو إعادة إرسال أو نشر الأخبار الكاذبة قصدا، أو قدح أو ذم أو تحقير أي شخص عبر الشبكة المعلوماتية أو من خلال منصات التواصل الاجتماعي".

وتنص عقوبة المادة 15 بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر، وبغرامة تتراوح بين 5 آلاف و20 ألف دينار (نحو 7 آلاف ـ 28 ألف دولار) عقب تخفيضها من 40 ألف دينار (نحو 56 ألف دولار).

أصدر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني السبت مرسوما بالموافقة على مشروع قانون الجرائم الإلكتروني، وكان نشطاء يراهنون على أن الملك عبدالله الثاني لن يوقع على المرسوم لما فيه من مسّ بحرية التعبير. ويظهر إصدار المرسوم أن القانون منذ البداية كان برغبة من جهات عليا في المملكة.

5