حبة تويتر السامة

هل ينبغي أن يكون مستخدمو مواقع التواصل تحت رحمة أهواء أصحاب المليارات المغرورين والمنفصلين عن الواقع.
الاثنين 2022/04/18
تويتر ليست المنصة المثلى لحكم العالم

لنتخيّل أهواء أصحاب المليارات، بمجرد تحليل رغبة رئيس شركة تيسلا إيلون ماسك بالاستحواذ على تويتر لمجرد أنه لا يثق بإدارة الشركة في تطوير المنصة.

تخيّل أنك عندما لا تعجبك خدمات فندق 6 نجوم فتقوم بشرائه كي تضع لمستك عليه، أو لا تعجبك مطبوعات دار نشر عملاقة فتعرض مبلغا ضخما للاستحواذ عليها.

حدث العكس في فيلم “أرثر” عن الفتى المستهتر باذخ الثراء راسل براند عندما استحوذ على دار نشر لمجرد أن يطبع الكتاب الأول للفتاة التي أحبها.

فشل براند في الصفقة وفقد ثروته ولم يحصل على قلب الفتاة بعد أن فشلت مربيته هيلين ميرين في إنقاذه من عبثه قبل وفاتها.

كذلك تكون الأموال حلا حاسما “عندهم” لا يتعلق بنظرتنا إليها أو مشاعرنا حيالها. ذلك ما يريده ماسك في صفقة تويتر التي تثير الجدل منذ أيام.

فالثري مالك شركة تيسلا، يحب تويتر ويتفاعل مع أجواء التغريد، ولديه أكثر من 81 مليون متابع، وهو رقم هامشي حيال الأموال التي بحوزته. لا يتوقف عن التغريد المستفز عندما اعتبر الشركة على شفير الموت بسبب وجود حسابات كثيرة تضم ملايين من المتابعين لكنها غير ناشطة. ويؤكّد أنّه يرغب في جعل تويتر “منبراً لحرية التعبير في العالم”.

لكن هل ينبغي أن يكون مستخدمو مواقع التواصل تحت رحمة أهواء أصحاب المليارات المغرورين والمنفصلين عن الواقع. سنجد شيئا من الإجابة عند “الأثرياء العرب” وهم يستحوذون على وسائل إعلام كي تبقى تدور في فلك رغباتهم!

مهما يكن من أمر فرغبة ماسك جامحة حيال الاستحواذ، عندما عرض 43 مليار دولار فيما كان سعر الشركة يُقدّر بنحو 36 مليار دولار، قائلا “إنّ تويتر أصبح في الواقع بمثابة المكان العام. لذلك من المهمّ جداً أن يشعر الناس بأنهم يستطيعون التحدث بحرية عبره ضمن حدود القانون”.

لكن رينيه ديريستا الباحثة في مرصد ستانفورد للإنترنت تحلل ببساطة فكرة ماسك عن المكان العام بقولها “سأشتري المكان العام وأخصخصه من أجل إنقاذه! حاولوا أن تقولوا هذه الجملة بصوت مرتفع وستلاحظون أنّها غير منطقية”.

ذلك ما فعلته الباحثة ورائدة الأعمال كارول روث عندما استبدلت شعار إذا فاز ترامب بالرئاسة سأغادر الولايات المتحدة بـ”إذا استحوذ إيلون ماسك على تويتر سأغادر الشبكة”.

مقابل ذلك تقاوم إدارة شركة تويتر الوقوع في شباك ماسك عبر إجراءات تحول دون شراء الرجل الأغنى في العالم كامل أسهمها، منها إتاحة أسهمها للبيع أمام المساهمين الآخرين، في إجراء يُسمّى بـ”الحبة السامة”. وهو مصطلح تستعين به الشركات ليكون استراتيجية دفاعية أخيرة، تحمي نفسها من استحواذ المليارديرات دون إذن من مجلس الإدارة. يكون عندها الشراء بمثابة تجرع السم.

وذلك ما يفسره دان إيفز في مقال له في صحيفة “ديلي ميل” بالقول “إن مجلس الإدارة لا يريد ماسك لأنّ أعضاءه يختلفون معه في شأن المواضيع كلها تقريباً، بالإضافة إلى أنّ أسلوبه لا يتناسب مع ثقافة الشركة”.

تويتر بمثابة الحنجرة العميقة للعالم، لكنها ليست المنصة المثلى لحكم العالم، ويعتمد عليها ملايين من الأشخاص ومن أبرزهم الصحافيون والفنانون والناشطون لإنجاز أعمالهم. ولا أعتقد أنهم يرغبون أن يكونوا تحت رحمة ثري فنتازي!

20