جيل كامل في العالم العربي لا يهتم بتدفق الأخبار الهائل على الإنترنت

أزمة ثقة بالإعلام العربي أبعدت الشباب عن متابعة أخباره ومعلوماته.
السبت 2021/05/01
جيل اليوم يبحث عن محتوى جذاب

يفقد الشباب الاهتمام بالأخبار، ويجدون أنها لا تلبي اهتماماتهم ولا تمس حياتهم. فقد دفع انعدام الثقة بوسائل الإعلام في العالم العربي إلى اتساع الهوّة بين الشباب والأخبار، الأمر الذي جعل الخبراء يؤكدون بأنه يجب على الفاعلين في مجال الإعلام أن يقتربوا من هذه الفئة أكثر.

الرباط – أكدت دراسات حديثة أن غالبية الشباب لا يعتقدون أنه من المهم معرفة المستجدات والأحداث الجارية عندما يتعلق الأمر بالأخبار التي مصدرها الصحافة، وغالبا لا يجدون صلة تربطها بحياتهم الشخصية اليومية.

وتتطور فجوة المعلومات في جيل الشباب بين 14 و24 عامًا، فرغم أنه مازال العديد من الشباب يهتمون بالأخبار، فإن نسبة كبيرة منهم لا يجدون أن الأخبار تهم حياتهم، حيث غيّر العصر الرقمي طريقة واهتمام الشباب في تلقي الأخبار ونوعيتها ومصادرها.

وتعتبر الأسرة أو الأصدقاء أو دائرة المعارف عوامل مهمة بشكل خاص في تشكيل آراء الشباب، ودرجة اهتمامهم بما يجري حولهم كما يلعب المؤثرون على مواقع التواصل الاجتماعي أيضًا دورًا رئيسيًا في تبني سلوكيات واهتمامات مختلفة ومن ضمنها الاهتمام بالقضايا المختلفة وجمع المعلومات الكافية عنها.

محمد الدفيلي: طريقة نقل الأخبار كلاسيكية باهتة لا تجذب الشباب
محمد الدفيلي: طريقة نقل الأخبار كلاسيكية باهتة لا تجذب الشباب

وأجرى معهد لايبنيس لأبحاث وسائل الإعلام مع وكالة الأنباء الألمانية دراسة ضمن مشروع “استخدموا الأخبار”، بمشاركة العديد من المؤسسات الإعلامية والبحث العلمي. خلصت إلى أن الأخبار الصحافية في الفئة العمرية بين 14 و24 قد فقدت أهميتها، فهي مجرد مصدر واحد من مصادر معلومات عديدة.

وقال بيتر كروبش رئيس إدارة وكالة الأنباء الألمانية إن النتائج تظهر “بشكل قاطع أن صناعة الإعلام تحتاج إلى الاقتراب من الشباب أكثر، فصحافة تثير اهتمام الشباب وتقدم لهم إضافة في حياتهم يمكن أن تفي بمهمتها الاجتماعية على المدى الطويل، وتزيد حماس الشباب للأخبار والمحتوى الصحافي”.

وتشير الأبحاث والدراسات إلى أن الشباب يفقدون الاهتمام بالأخبار في مختلف أنحاء العالم، ويجدون أنها لا تلبي اهتماماتهم وتمس حياتهم، فيما دفع انعدام الثقة بوسائل الإعلام في العالم العربي إلى اتساع الهوّة بين الشباب والأخبار.

وأثرت أزمة الثقة أيضا على تطلعات الشباب العربي وأدت إلى وجود حالة من الإحباط في أوساطهم مردها إلى كون الإعلام عوض أن يحتضن هؤلاء الشباب ومطالبهم قام بإبعادهم عن النقاش العمومي في بلدانهم ودخل في معارك سياسية أفقدته الكثير من المهنية والحيادية، لاسيما في الدول العربية التي شهدت وتشهد حراكا واحتجاجات جماهيرية.

ويرى متابعون أن ابتعاد الصحافة العربية عن عرض ما يدور في الشارع العربي واعتمادها على التهويل والتضخيم أديا إلى إضعاف مصداقيتها في أوساط الشباب الذي يبحث عما يهمه ويمس القضايا التي يعيشها يوميا.

كما أن الصحافة العربية لم تستطع أن تكون في مستوى تطلعات الشباب العربي ولا أن تسايره في رغبته نحو حرية التعبير عن رأيه ، فحين يلمس الشباب تجاهل الصحافة لما يتطلع إليه من أدوار، فإنه يصاب بالإحباط، ويسحب الثقة في هذا النوع من الإعلام لاسيما في عصر الثورة الرقمية الذي أتاح البدائل الترفيهية.

وتبرز آراء الشباب واضحة بهذا الشأن على شبكات التواصل الاجتماعي، والنقد الموجه من الشباب للصحافة العربية.

ويذهب خبراء إلى القول بأن مشكلة عزوف الشباب العربي عن الأخبار تعود إلى الأساليب التقليدية التي لا تزال الصحافة العربية تتمسك بها والتي لم تعد مغرية لشباب يعيش في عصر الإنترنت والتقنيات المتطورة.

وقال الكاتب الصحافي  المغربي محمد الدفيلي إن “علاقة الشباب بالأخبار تحكمها عدة عوامل موضوعية ساهمت بابتعاد جيل اليوم عن الأخبار والصحافة”.

Thumbnail

وأضاف الدفيلي في تصريح لـ”العرب” أن “الطريقة التقليدية والكلاسيكية في نشر الأخبار لا تثير شهية الشباب لمتابعتها، إضافة إلى أن فئة الشباب ليست لديها وعيا كافيا بأهمية الأخبار فعندما نتحدث عن أخبار سياسية واقتصادية وثقافية فهي لا تجد نفسها في هذه الأخبار ولا تعنيها المعطيات والمعلومات التي يتم تداولها”.

وأكد الدفيلي وهو باحث أكاديمي في جامعة الرباط، أن السبب الرئيسي في ابتعاد الشباب عن الأخبار هو طريقة نشر المعلومات وتداولها التي أصبحت الآن قديمة ولا تتناسب مع عصر مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من الأدوات الحديثة

وتابع، أن طريقة وشكل نقل الأخبار كلاسيكية باهتة لا تجذب الشباب، حتى لو كان المضمون مهما.

ومع انتشار تكنولوجيا الإعلام والاتصال، وجد الشباب إعلاما بديلا خلق فضاء ومساحة للشباب لصناعة المحتوى الإعلامي وكانوا في طليعة متلقيه، وقد أبرزت هذه التقنيات الجديدة الاهتمامات الحقيقية للشباب في برامج ثقافية، مناظرات سياسية، واهتمام بقضايا العدالة الاجتماعية، والمجتمع المدني، والحقوق الأساسية والمواطنة، من انتاجهم.

في المقابل فشلت الصحافة التقليدية في إقناع الشباب ومواكبة تطلعاتهم وانتظاراتهم، بغياب المصداقية عن أغلب المنابر الإعلامية العربية. ووصفت الناشطة الحقوقية التونسية أسماء العبيدي في تصريحات سابقة الوضع الإعلامي بأنه لا يرقى لتطلعات الشباب ولم يكن في مستوى المرحلة الحساسة التي تمر بها تونس.

 وأضافت العبيدي “لذلك أنا لست راضية عن الفضائيات التونسية وغير التونسية التي تغير الحقائق وتخرج المعلومة من سياقها إضافة إلى غياب الحرفية والمهنية في التعامل مع الأخبـار”. وترى بأن هناك حاجة إلى إعلام نزيه يعطي فرصة للشباب كي يعبر عن نفسه وعن قدراته.

18