جيش أوروبي موحد.. مقترح فرنسي يواجه أكثر من عقبة

مراقبون: الجيش الأوروبي الموحد ستكون له العديد من "الحلقات الضعيفة" أكبرها السياسية.
الثلاثاء 2020/11/17
العديد من العقبات تواجه فكرة إنشاء جيش أوروبي موحد

باريس – قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لصحيفة روفي جرو كونتينو الاثنين إن أوروبا لا تزال بحاجة إلى استراتيجيتها الدفاعية المستقلة وذات السيادة، حتى لو كانت تتعامل مع حكومة أميركية جديدة، لكن المقترح الفرنسي القديم الجديد بشأن تأسيس جيش أوروبي موحد يواجه أكثر من عقبة.

وفي مقابلة مع الصحيفة، رفض ماكرون ما ذكرته وزيرة الدفاع الألمانية أنيجريت كرامب كارينباور في صحيفة بوليتيكو في الثاني من نوفمبر إذ قالت “إنه يتعين على أوروبا أن تظل معتمدة على الحماية العسكرية الأميركية في المستقبل القريب”.

وقال ماكرون “أختلف تماما مع مقال الرأي الذي نشرته وزيرة الدفاع الألمانية في بوليتيكو”، مضيفا أنه يعتقد أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تؤيد موقفه حول هذه المسألة.

وأضاف “لن تحترمنا الولايات المتحدة كحلفاء إلا إذا كنا جادين في موقفنا وكانت شؤوننا الدفاعية ذات سيادة”.

وتابع “نحن بحاجة إلى مواصلة بناء استقلالنا الذاتي، تماما كما تفعل الولايات المتحدة لنفسها، وكما تفعل الصين لنفسها”.

إيمانويل ماكرون: لن تحترمنا واشنطن إلا إذا كانت شؤوننا الدفاعية ذات سيادة
إيمانويل ماكرون: لن تحترمنا واشنطن إلا إذا كانت شؤوننا الدفاعية ذات سيادة

وفي الوقت الذي أطلقت فيه فرنسا دعوة لإنشاء جيش أوروبي موحد لـ”حماية” أوروبا من روسيا والصين وحتى الولايات المتحدة، تبرز تساؤلات كثيرة تطرح نفسها بهذا الصدد.

ويرى مراقبون أن الجيش الأوروبي الموحد ستكون له العديد من “الحلقات الضعيفة”، أكبرها السياسية.

وتطرق الرئيس الفرنسي في نوفمبر الماضي إلى إنشاء جيش أوروبي موحد، ما أثار ردود فعل منزعجة من الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب، الذي سخر من تصريحات ماكرون ومن التجربة التاريخية لفرنسا في الحرب العالمية الثانية، ودعا إلى تعزيز دور حلف شمال الأطلسي (الناتو) بدلا من التفكير في جيش أوروبي جديد.

ولفتت مجلة أنترناشيونال أنترست الأميركية إلى أن الاتحاد الأوروبي، خلافا لروسيا أو الولايات المتحدة، لا يعتبر جهة موحدة، وإنما هو تكتل اقتصادي قبل كل شيء، وليس “الولايات المتحدة الأوروبية”، مضيفة أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي و”تنامي الحركات الشعبوية في إيطاليا ودول أخرى لا يساهمان في التكامل في القارة”.

وأشارت المجلة إلى أن المسؤولين البريطانيين قد رفضوا فكرة الجيش الأوروبي على اعتبار أنه “سيقوض وسيوازي الناتو”.

ومن التساؤلات بشأن فكرة الجيش الأوروبي الموحد، من سيتخذ القرارات فيه؟ وفي حال كان الاتحاد الأوروبي صاحب القرار، فهل سيتطلب ذلك قرارات توافقية تتخذ بالإجماع، مثلما يكون الأمر مع قبول أعضاء جدد في الاتحاد؟

وكتبت المجلة تقول إن “النرويج واليونان قد تكون لهما أفكار متخالفة بشأن ما الذي يجب القتال من أجله”.

وفي حال كان الجيش مؤسسة غير مرتبطة بالسياسيين، فستكون هناك شكاوى من أن القرارات يتخذها بيروقراطيون غير منتخبين.

وفي حال شاركت في إنشاء الجيش فرنسا وألمانيا فقط، فهل سيكون ذلك جيشا أوروبيا بالفعل؟

ورأت المجلة أن “أحد أسباب استمرار الناتو لـ70 عاما هو أنه لم يضطر أبدا للقيام بأي شيء غير ردع السوفييت وتنفيذ عمليات محدودة في البلقان والمتوسط وإرسال قوة صغيرة لدعم الولايات المتحدة في أفغانستان”. وأضافت “تصوروا لو حاولت الولايات المتحدة الدفع بالناتو نحو التدخل في حرب فيتنام”.

وفي الوقت الذي لا يلبي فيه إلا 4 أعضاء من أصل الـ29 متطلبات الناتو في ما يخص إنفاق 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، وتغطي الولايات المتحدة نحو 70 في المئة من نفقات الناتو، هل توجد هناك ضمانات بأن الجيش الأوروبي سيكون ممولا بصورة أفضل؟

ومع التذكير بتشكيل لواء ألماني – فرنسي مشترك في عام 1989، تشير المجلة إلى أن إنشاء جيش قادر على القتال ضد “عدو” كبير مزود بالتقنيات المتطورة، مثل روسيا، سيحتاج إلى فرق وألوية كاملة مزودة بكافة التجهيزات التي يحتاجها جيش معاصر، مثل الغطاء الجوي ووسائل النقل الجوية والإلكترونيات ومنظومات استطلاعية. وفي الوقت الراهن تقدم الولايات المتحدة معظم هذه القدرات والتجهيزات.

5