جونسون يراهن على هدية صعبة المنال لحسم بريكست

تبدو حظوظ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في الحصول على موافقة البرلمان على إجراء انتخابات مبكرة صعبة في ظل اشتراط حزب العمال، أكبر الأحزاب المعارضة، استبعاد سيناريو الانسحاب من دون اتفاق قبل إجراء الانتخابات، وهو ما لا يقبل به رئيس الوزراء الذي تعهد مرارا بالانفصال في 31 أكتوبر الجاري.
لندن – كثف المحافظون في بريطانيا ضغوطهم على البرلمان، الأحد، من أجل تعزيز حظوظ نجاح طلب رئيس الوزراء بوريس جونسون إجراء انتخابات عامة مبكرة وكسر الجمود، الذي يعتري الخروج من الاتحاد الأوروبي، وقالوا إن البرلمان يحتجز البلاد رهينة.
واتهم جونسون نواب البرلمان باحتجاز المملكة المتحدة “رهينة”، وذلك قبيل التصويت المرتقب الاثنين حول الانتخابات المبكرة.
وأضاف “ملايين الشركات والأشخاص لا يستطيعون تخطيط مستقبلهم. هذا الشلل يتسبب في ضرر حقيقي ويتعين أن تتحرك البلاد إلى الأمام في 2020”.
ويبدو أن جونسون أدرك أن محاولته التي سيقوم بها، الاثنين، أمام البرلمان، الرامية إلى أخذ تأشيرة إجراء انتخابات مبكرة تتجه نحو الفشل لاعتبارات عدة، في مقدمتها عدم اتخاذ الاتحاد الأوروبي لقرار بشأن المهلة، التي سيمنحها للندن من أجل تمرير اتفاق بريكست.
وفي الوقت الذي يعكف فيه سفراء الدول الأوروبية في بروكسل على تحديد المهلة التي سيمنحها التكتل للندن، ترفض المعارضة العمالية في مجلس العموم البريطاني المصادقة على مذكرة رئيس الوزراء، إلا بعد إرجاء بريكست وكسب ضمانات بعدم تنفيذ خروج المملكة دون اتفاق، وهو ما امتنع جونسون عن تقديم أي إيضاحات بشأنه.
وأكد زعيم حزب العمال المعارض، جيريمي كوربين، مجددا أنه لن يؤيد إجراء انتخابات مبكرة إلا إذا زال خطر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.
وقالت المتحدثة باسم الشؤون الداخلية في حزب العمال، الأحد، إنه يتعين على رئيس الوزراء بوريس جونسون تقديم تعهد واضح لا لبس فيه للبرلمان بأنه لن يُخرج البلاد من الاتحاد دون اتفاق إذا كان يريد الحصول على تأييدهم لإجراء انتخابات.
وكررت دايان أبوت موقف حزب العمال من الأمر، وهو أن الحزب لا يمكنه تأييد مساعي إجراء انتخابات مبكرة قبل أن يتأكد من أن فكرة خروج البلاد من التكتل دون اتفاق لم تعد مطروحة.
وقالت “إحدى طرق تنفيذ ذلك هو أن يأتي بوريس جونسون لقاعة البرلمان ويعطي لمجلس العموم تعهدا بأنه مهما حدث فإنه لن يخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق”.
وتابعت “إذا قال ذلك بوضوح ودون أي لبس، لن أخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق. أعتقد أن ذلك لن يرضي حزب العمال فحسب، بل الكثير من نواب البرلمان المحافظين سيكونون راضين عن ذلك، دعونا ننتظر لنرى إن كان سيفعل ذلك”.
ويبدو أن نقطة إرجاء بريكست ستعقد مهمة جونسون في البرلمان، حيث أعلن زعيما الحزب الاسكتلندي الوطني والحزب الليبرالي الديمقراطي أنهما مستعدان للقبول بإجراء انتخابات مبكرة، كما يريد جونسون، لكن شرط أن يُرجئ الاتحاد الأوروبي موعد بريكست حتى يناير وهو ما لم تفعله بروكسل بعد. وقال الحزبان اللذان يشغلان معا 54 مقعدا من أصل 650 في مجلس العموم، إن إرجاء موعد بريكست لمدة ثلاثة أشهر حتى نهاية يناير، قد يقودهما إلى صياغة اقتراحات، الثلاثاء، تسمح بإجراء انتخابات مبكرة.
ويحتاج جونسون غالبية الثلثين في البرلمان لتمرير مذكرته لإجراء انتخابات مبكرة تكسر الجمود الحاصل بشأن مغادرة المملكة للاتحاد الأوروبي.
ومن شأن فشل مخططه الأخير، المتمثل في إجراء انتخابات تعيد له الغالبية داخل مجلس العموم، أن يزيد حال جونسون سوءا حيث تعهد الحزب الوحدوي الديمقراطي في مقاطعة أيرلندا الشمالية خلال مؤتمره العام في بلفاست، السبت، بإفشال اتفاق بريكست الذي توصل إليه جونسون مع الاتحاد الأوروبي.
وبنوابهم العشرة، تمكن هؤلاء المحافظون المتشددون البروتستانت الذين تشكل الوحدة مع بريطانيا قضية وجودية بالنسبة إليهم، من الخروج من موقعهم الهامشي بتحالفهم مع المحافظين الحاكمين الذين حصلوا بذلك على الأغلبية.
وقد عرقلوا نسختي الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، تلك التي قدمتها رئيسة الحكومة السابقة تيريزا ماي أولا، ثم النص الذي عرضه جونسون.
وأعلنت زعيمة الحزب أرلين فوستر “لن نصوت على اتفاق رئيس الوزراء من دون إدخال تعديلات”. وأضافت “إن الاتفاق مضر لاقتصاد أيرلندا الشمالية، وسيقود إلى إضعاف أسس هذه المملكة المتحدة الكبيرة”.
وشددت فوستر على أن “أصواتنا مهمة وستكون مهمة أيضا في الأيام الآتية”. وخلال تصويت مرتقب الاثنين، يأمل جونسون أن يثير مسألة انتخابات تشريعية مبكرة، غير أنه سيكون بحاجة إلى غالبية ثلثين ليتمكن من الدعوة إليها.
وأدى رفض الحزب الوحدوي للاتفاق الذي توصلت إليه رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي إلى استقالتها، حيث يتحكم الحزب منذ 2017، عندما خسرت ماي الغالبية داخلية مجلس العموم، بمصير بريكست.
وبالرغم من تلويحهم بذلك فإن جونسون يبدو أكثر قوة منهم اليوم بعد حصوله على موافقة مبدئية من النواب على اتفاقه مع الاتحاد الأوروبي، من دون أصواتهم، وهو ما لم تتمكن ماي من تحقيقه.
وكانت بريطانيا ستغادر الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر الجاري، غير أن رفض النواب المصادقة على التسلسل الزمني الذي ستعتمده المملكة في خروجها، رغم موافقتهم على الاتفاق الذي توصل إليه جونسون والقادة الأوروبيين، حال دون ذلك، إذ طلب رئيس الوزراء تأجيلا لخروج المملكة من بروكسل.