جهود المغرب تضفي زخما على أعمال الصناعات التقليدية

حرص حكومي على تعزيز القدرة التنافسية للقطاع ورقمنته وتحسين ظروف العمال وإدماج الشباب.
الخميس 2025/02/06
هنا الاستثمار في الجودة

اتسعت رهانات المغرب على الصناعات التقليدية مع تأكيد المسؤولين أن بلدهم يمضي في جعل القطاع أحد محركات نمو الاقتصاد، وفي الوقت نفسه يساعد في تحفيز نمو صناعة السياحة، خاصة مع الجهود الحكومية التي أثبتت جدواها في الفترة الماضية.

الرباط - تسعى الحكومة المغربية إلى تعزيز دور الصناعات التقليدية خلال السنوات المقبلة بعدما حقق هذا المجال أرقام معاملات جيدة مؤخرا، وسط إدراك منها بأن القطاع يعد عنصرا حيويا ومهما لتعزيز أداء الاقتصاد من خلال هيكلته ودعم قدراته التنافسية.

ونتيجة للجهود المكثفة التي استهدفت دعم وتطوير القطاع والنهوض بأوضاع العاملين فيه، أعلن لحسن السعدي كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، أن القطاع حقق رقم معاملات تفوق 140 مليار درهم (13.44 مليار دولار).

وأكد أن صادرات الصناعة التقليدية، التي تلعب العديد من الأدوار الهامة من أجل الحفاظ على الموروث الثقافي للبلاد، تجاوزت المئة مليون دولار.

وتم دعم القطاع بشبكة واسعة من البنيات التحتية لإنتاج وتسويق منتوجات الصناعة التقليدية تغطي كافة جهات البلاد، والتي وصل عددها إلى أكثر من 140 بنية قائمة، و50 منها قيد الإنجاز.

يأتي هذا الاتجاه بالتوازي مع التركيز على أهمية تعزيز حضور العاملين بالقطاع في الأسواق المحلية والدولية، للتعريف بمنتجاتهم وتعزيز الإيرادات المالية من خلال التسويق، ودعم قدرة القطاع التنافسية.

لحسن السعدي: القطاع حقق رقم معاملات يفوق 13.44 مليار دولار
لحسن السعدي: القطاع حقق رقم معاملات يفوق 13.44 مليار دولار

ويمتلك القطاع شبكة واسعة من المؤسسات التي توفر تدريبا أوليا للشباب، من أجل تعزيز قدرات الصناع التقليديين، والمحافظة على استدامة هذه الحرف على مر الأجيال.

وأكد عزيز أخنوش رئيس الحكومة على مواصلة الجهود من أجل توفير البيئة المناسبة لتحديث وتنمية قطاع الصناعة التقليدية وتجاوز التحديات لتحسين مستوى أداء القطاع والعاملين به.

وشدد بالخصوص على ما يتعلق بالقدرة التنافسية والرقمنة والمساواة وتحسين الظروف المعيشية للحرفيين، وتقليل الفوارق في توزيع القيمة المضافة وإدماج الشباب.

وتتصدر مدينة مراكش صادرات الصناعة التقليدية، حيث أفادت معطيات للمديرية الجهوية للصناعة التقليدية مراكش – آسفي، بأنها نمت العام الماضي بمقدار 41 في المئة على أساس سنوي لتصل إلى حوالي 44 مليون دولار.

ويعزى هذا التطور إلى ارتفاع الطلب على منتجات الصناعة التقليدية المصدرة نحو الولايات المتحدة بنسبة تفوق الـ80 في المئة، كالزرابي، والفخار، والنحاسيات والخشب، وكذلك ارتفاع المنتجات المصدرة نحو الدول العربية وإسبانيا بنسبة 61 في المئة.

وتؤكد الحكومة أن قطاع الصناعة التقليدية سيعمل على مواصلة تأهيل وتجهيز مجموعة من البنيات التحتية القائمة، والعمل على إحداث بنية جديدة، وذلك في إطار شراكة بين مع مختلف الفاعلين المحليين بهدف تجويد البنية التحتية للإنتاج والتسويق والتكوين.

ويعد قطاع الصناعة التقليدية محركا مهما للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، حيث يشغل حوالي 22 في المئة من السكان النشطين، ويساهم بنسبة 7 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي، ويصدر بما قيمته المئة مليون في المتوسط سنويا.

كما أنه يرتبط بشكل وثيق بقطاع السياحة، حيث إن ما يفوق 10 في المئة من إجمالي نفقات السياح أثناء إقامتهم في المغرب عبارة عن مقتنيات لمنتجات الصناعة التقليدية.

77

علامة خاصة بمنتجات القطاع تم تسجيلها لدى المكتب المغربي للملكية الصناعية لحمايتها

وعلى مستوى تأهيل حرفيي القطاع، اختُتمت مؤخرا بالمركب المندمج للصناعة التقليدية في تطوان شمال البلاد، المرحلة الثالثة والأخيرة من برنامج التكوين المستمر الذي أطلقته وزارة السياحة بالشراكة مع مكتب اليونسكو بالمغرب العربي.

واستهدف البرنامج تعزيز مهارات ومعارف الحرفيين العاملين في قطاع النسيج والألبسة والجلد، مع التركيز على الابتكار والتحديث.

ولأجل زيادة تنافسية قطاع النسيج والملابس التقليدية، أكدت سعاد بلقايدي، المديرة الإقليمية للصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني بتطوان، أن المشروع يهدف إلى تعزيز روح الابتكار والريادة بين الحرفيين.

وقالت “لقد تم ذلك من خلال برامج تدريبية موجهة لتحسين قدراتهم وتسهيل إدماجهم في سوق العمل، مما سيُسهم في تثمين الموروث الثقافي والحضاري للمدينة وتحسين مردودية القطاع.”

وبحسب معطيات رسمية، تم وضع وتنفيذ برنامج لعلامات الجودة خاص بمنتجات الصناعة التقليدية، حيث تم وضع 77 علامة جماعية للتصديق، تم تسجيلها لدى المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية ولدى الهيئات الدولية المختصة لحمايتها وطنيا ودوليا.

وبلغ عدد الوحدات الإنتاجية المستفيدة من حق استعمال هذه العلامات أكثر من 2500 وحدة إنتاجية، وهو ما عزز من قدرتها على تسويق منتوجاتها والترويج لها.

الحكومة تؤكد أن قطاع الصناعة التقليدية سيعمل على مواصلة تأهيل وتجهيز مجموعة من البنيات التحتية القائمة

وتم الشروع في تطبيق مقتضيات القانون المتعلق بمزاولة أنشطة الصناعة التقليدية، والذي سيساهم في تثمين العمل الحرفي والمحافظة على جودة المنتجات والخدمات بتكريس طابع المهنية والاحترافية وثقافة التكتل والعمل الجماعي والتضامني وحماية المستهلك.

وفي ضوء ذلك، سيتم ترسيخ الثقة في منتجات وخدمات الصناعة التقليدية وزيادة تنافسيتها وتوسيع قاعدة تسويقها، مما سيساعد على تحسين أوضاع الحرفيات والحرفيين وتثمين عملهم.

وعلى مستوى تحسين جودة المنتجات، أكد السعدي أنه تم وضع شارة خاصة بالمنتوج من أجل ضمان استمراريته وحمايته، مع تبني مجموعة من المواصفات التقنية بهدف الحفاظ على الخصوصية المحلية للمنتوج والمساهمة في تسويقه في السوقين المحلية والدولية.

ويطالب حرفيو الصناعة التقليدية، الذين يبلغ عددهم الإجمالي 2.7 مليون، الحكومة بالاهتمام بمستقبل صناعة الجلد والزليج البلدي، جراء بعض المشاكل التي تواجههم في مقدمتها ارتفاع سعر بعض المواد الأولية وقلة الإقبال على تعلمها.

وجاء ذلك بعدما تم منع تشغيل الأطفال لتعليمهم للحفاظ على حرف الصناعة التقليدية من الانقراض الذي أضحى يهددها، والتدخل بشكل عاجل لإيجاد حلول مناسبة للأسباب التي تعيق الحفاظ على هذا الموروث الثقافي والتراثي الذي يعد موردا اقتصاديا مهما للبلد.

وشدد السعدي على أن الحكومة تولي أهمية كبيرة لورش المواد الأولية، كما أنه سيتم السير وفق منهج متكامل ومندمج من أجل إيجاد حلول فعالة للإشكاليات المرتبطة بكل مادة.

كما أشار إلى إطلاق مجموعة من النقاط لبيع المواد الأولية في الأقاليم الجنوبية، مع تشجيع الصناع على التكتل في إطار جمعيات وتعاونيات تعنى باقتناء المواد الأولية بأثمنة مناسبة.

وذكّر السعدي بعقد مجموعة بعض الاتفاقيات لشراء المواد الأولية بسهولة، من بينها اتفاقية بين المندوبية السامية للمياه والغابات، وبين تعاونيات مهنية للاستفادة من معاملة تفضيلية لحرفيي قطاع خشب العرعار في عمليات الشراء.

11