جموح تكاليف البناء يقيّد نمو نشاط العقارات المغربي

الحكومة أمام تحدي السيطرة على الزيادة الجنونية في الأسعار وإعطاء المطورين جرعة تحفيز.
السبت 2022/04/02
هل لديكم فكرة بكم سعر الحديد اليوم؟

يلقي الركود الاضطراري لقطاع العقارات في المغرب بظلال قاتمة على المطورين بسبب تسارع وتيرة غلاء أسعار مواد البناء، والذي انعكس في شكل زيادات في التكاليف، وسط ترجيحات بأن يدخل السوق في ركود بعدما استطاع العام الماضي الإفلات من ورطة قيود الإغلاق.

الرباط – انعكس ارتفاع أسعار مواد البناء بشكل ملحوظ خلال الأسابيع الماضية على سوق العقارات المغربي، وسط مخاوف من تباطؤ تعافيه فيما تبقى من 2022، بعدما شهد انتعاشا خلال العام الماضي.

وأدت هذه الوضعية إلى تكثيف شركات التطوير العقاري ضغوطها على الحكومة لإنقاذ القطاع، قبل أن يغرق في متاهة هو في غنى عنها.

وتقول الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين، وهي نقابة تجمع شركات التطوير، إن الارتفاع الذي تشهده أسعار مواد البناء أثر بشكل مباشر على تكاليف بناء العقارات ومن ثم بيعها.

وتظهر التقديرات أن سعر المتر المربع للأراضي الصالحة للبناء قفز خلال أشهر قليلة بنسبة تتراوح ما بين 15 و20 في المئة، ما أربك نشاط شركات التطوير العقاري.

محمد عادل بوحاجة: زيادة الأسعار أفرزت مشاكل كثيرة للمطورين العقاريين

وطالبت الجامعة الوطنية للبناء والأشغال العمومية بجهة فاس – مكناس، في لقاء الأربعاء الماضي، الحكومة بالتدخل لإنقاذ القطاع من الأزمة التي يعيشها على إثر الأزمة العالمية وتداعيات الجائحة على شركات قطاع، عبر إجراءات عاجلة.

ووفق معطيات رسمية، فقد ارتفع سعر الإسمنت بما يناهز 25 في المئة. كما ارتفع سعر مادتي الحديد والألومنيوم ما بين 20 و30 في المئة، فيما زد سعر طن الرمل ما بين 10 و15 في المئة.

وربطت الجامعة هذه الزيادة في الأسعار بتداعيات الحرب الأوكرانية، حيث إن طن الحديد المستعمل في البناء تضاعف سعره ليصل إلى 13 ألف درهم (1340 دولارا)، بينما تضاعف سعر طن الزفت أربع مرات ليصل إلى 62 دولارا، هذا بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الخشب والإسمنت.

وأرجع الخبير الاقتصادي إدريس الفينة أسباب الارتفاع الذي تشهده أسعار المواد الأولية للبناء إلى الارتفاع الكبير الذي تشهده تكلفة النقل الدولي، مشيرا إلى أن هذه المواد تتأثر بشكل مباشر بهذا المعطى.

واعتبر الفينة في تصريح لـ”العرب” أن من شأن هذه الزيادات أن تساهم في التأثير المباشر على ديناميكية القطاع، الذي حقق انتعاشا ملحوظا في 2021، مما سيؤثر سلبا على الشركات بالدرجة الأولى، كما أن أسعار العقارات ستشهد بعض الارتفاع.

وأكد البنك المركزي والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية أن أسعار العقارات ارتفعت بكل من الرباط بنحو 3.9 في المئة وفي الدارة البيضاء بنسبة 0.6 في المئة تواليا، واستقرت الأسعار بطنجة، فيما تراجعت بنحو 2.5 في المئة بمراكش في الربع الأول من هذا العام مقارنة بالربع الأخير من 2021.

وأشار البنك والوكالة إلى أن مجموع المعاملات في المقابل سجلت ارتفاعا بنسبة 32.8 في المئة العام الماضي، وذلك عقب سنة 2020 التي طبعتها تداعيات الجائحة.

إدريس الفينة: تكاليف الشحن الباهظة دفعت مؤشر مواد البناء إلى الصعود

وأكدا أن ذلك الانتعاش جاء بعد ارتفاع مبيعات العقارات السكنية بنحو 26.1 في المئة والأراضي بواقع 50.1 في المئة والعقارات التجارية بنسبة 45.9 في المئة.

وقال محمد عادل بوحاجة، نائب رئيس الفيدرالية، إن الارتفاع المتسارع الذي تشهده أسعار مواد البناء أفرز مشاكل عديدة للمطورين العقاريين مع شركات البناء، خاصة بالنسبة للمشاريع التي مازالت في طور التشييد، على اعتبار أن العقود تم إبرامها بناء على الأسعار القديمة.

وشهد سوق العقارات خلال النصف الأول من 2021 حركية واضحة بالنظر إلى وقع التحفيزات الضريبية مع تخفيض رسوم التسجيل إلى النصف، في حالة شراء مسكن لا يتجاوز سعره 410 آلاف دولار، والإعفاء التام من هذه الرسوم، في حال سكن سكن اجتماعي، بينما شهد النصف الثاني من العام حالة من الركود.

وحسب معطيات رسمية، انخفضت أسعار الأصول العقارية المستخدمة لأغراض تجارية واستثمارية بنسبة 4.3 في المئة، فيما ارتفعت معاملاتها بنسبة 45 في المئة.

وإذا كان 2021 شهد انتعاشا بفضل المعطيات السابقة، فإن موازنة 2022 لا تتضمن أي عناصر جديدة على وجه الخصوص، وستشكل بالتالي اختبارا حقيقيا للقطاع.

وأفادت المندوبية السامية للتخطيط بأن 40 في المئة من شركات قطاع البناء واجهت خلال الربع الأول من 2022 صعوبات في التموين بالمواد الأولية.

وأشارت إلى أن 46 في المئة من شركات القطاع اعتبرت وضعيتها المالية صعبة، وهو ما يؤثر سلبا على قطاع العقارات بكل أصنافه.

أمين المرنيسي: السوق يواجه ركودا والشركات تنتظر اتضاح الرؤية

ويطالب العاملون بالقطاع بتسريع إخراج مؤشرات مراجعة الأسعار شهريا، وإعادة النظر في نظامها ككل لمسايرة الأسعار الحقيقية للمواد الأولية، مع تعميم مراجعة في كل الصفقات العمومية.

ويقول الخبراء إنه لا يزال ثمة نقص بالنسبة للعقارات المتوسطة التي يتراوح سعرها بين نحو 51.7 ألف دولار و103.4 ألف دولار، فالسوق في حاجة ماسة إلى هذا النوع من العقارات.

كما أن السوق المحلية تعاني من نقص في وحدات السكن الاجتماعي وصعوبة إيجاد عرض حقيقي بمعايير متوسطة، في ظل الحاجة إلى تحسين جودة المباني وتشديد منح قروض التمويل.

وارتباطا بهذه الوضعية، فإن العديد من المطورين باتوا يفضلون التريث قبل الدخول في مشاريع جديدة، خوفا من زيادة تقلص هامش الأرباح، على اعتبار أن أسعار مواد البناء لا تزال تواصل ارتفاعها في السوق الدولية، الشيء الذي سينعكس مباشرة محليا.

وترى شركات القطاع أن وجود الحافز هو ما يدفع المشترين إلى الإقبال على شراء السكن، سواء تعلق الأمر بحافز ضريبي أو ذي صلة بالسعر المطلوب، وفي ظل غياب أي حوافز تذكر يقررون تأجيل عملية الشراء.

ويتوقع الخبير العقاري أمين المرنيسي ركودا في السوق خلال الفترة المقبلة، لأن الشركات تنتظر إلى حين اتضاح الرؤية، لأن من دونها لن تكون قادرة على رفض عرض قادر على تلبية احتياجات السوق والاستثمار على مدار العقدين المقبلين. وقال “نحن بحاجة إلى عقد برنامج جديد”.

10