جمال قبش: أدين بحضوري العربي لمسلسل "باب الحارة"

دمشق – جمال قبش، هو أحد خريجي الدفعة الأولى من المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، إلى جانب العديد من نجوم الفن العربي اليوم كأيمن زيدان وجمال سليمان وفايز قزق ووفاء موصلي وغيرهم، أحب الفن وتعلم الغناء والعزف على العود، ليحترف الغناء في العديد من المناسبات الفنية والشخصية، ثم درس فن التمثيل الذي أتم دراسته في فرنسا، حيث نال منها شهادة الدكتوراه في فنون المسرح، وصار عميدا للمعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق الذي تخرج منه قبل سنوات، “العرب” حاورت جمال قبش، ليحدثنا عن تجربته الفنية، وعن رأيه خاصة في المسلسل الشهير “باب الحارة” الذي صار أحد ثوابته بشخصية الكومندان الفرنسي.
ويقول قبش عن “باب الحارة” “يعد مسلسل باب الحارة ‘ظاهرة’ تستحق الوقوف عندها مطولا ودراستها لأسباب عديدة، منها الجماهيرية الواسعة التي حققها هذا العمل، جماهيرية تجاوزت حدود خارطة الوطن العربي وذلك منذ أكثر من 9 سنوات، فقد أصبح هذا العمل مرتبطا بشكل أو بآخر بالطقوس الرمضانية الاجتماعية، إلى درجة أنه أصبح من الصعوبة بمكان الدخول في هذه الطقوس الرمضانية دون وجود المسلسل الذي أدين له، شخصيا، بشهرتي العربية”.
ويضيف الممثل السوري لـ”العرب” “أحداث العمل تتم بمدينة دمشق القديمة، وكما هو معروف فإن المدن العربية القديمة متشابهة بعاداتها وتقاليدها، ناهيك عن أن هذه المدينة لها وقعها الخاص عند جمهور العالم العربي والإسلامي، خاصة أنها كانت عاصمة الدولة الأموية، أول عاصمة عربية.. ففي هذه العاصمة وضمن حاراتها وأزقتها ولدت الحكايات الشعبية ومنها حكايات ألف ليلة وليلة بنسختها الشامية، هذه الحكايات كانت تقدم من قبل الحكواتي وتحديدا في المقاهي الشعبية، وكلنا يعرف الدور الكبير الذي لعبته هذه المقاهي في الحياة الاجتماعية وتحديدا قبل وجود الصحف ووسائل التواصل السمعية والبصرية”.
وطقس الحكايات كان موجودا في المدن العربية على اختلافها، تحديدا في شهر رمضان بين صلاتي المغرب والعشاء، ومع انتشار الفضائيات ولحاجة محطاتها التلفزيونية إلى مواد متنوعة لتغطي ساعات بثها الطويلة عادت المدن العربية العتيقة إلى عاداتها السابقة، وتحديدا إلى سماع وحتى رؤية هذه الحكايات مجسدة بقالب درامي وبشخوص تجسد المروءة والشهامة وحتى البطولة.
قبش: نستطيع القول إن الأعمال الدرامية بشكل عام والتلفزيونية بشكل خاص عليها أن تحمل أولا وأخيرا المتعة والفائدة، وذلك ضمن (حدوته) درامية محكمة
ويتابع قبش قائلا “نستطيع القول إن الأعمال الدرامية بشكل عام والتلفزيونية بشكل خاص عليها أن تحمل أولا وأخيرا المتعة والفائدة، وذلك ضمن ‘حدوته’ درامية محكمة، بحيث تمتد أحداثها حتى الثلاثين ساعة تلفزيونية، لتغطي أيام شهر رمضان الكريم، ويبدو أن عمل ‘باب الحارة’ استطاع منذ الجزء الأول منه أن يحقق هذه المعادلة الصعبة، واستطاع أيضا استقطاب ليس فقط شريحة واسعة من الجمهور العربي، بل حتى التجار والمستثمرين الذين وجدوا فيه وفي غيره من البرامج فسحة هامة لتسويق بضائعهم التجارية”.
ويختم قبش حديثه عن “باب الحارة” بقوله “المسلسل عبارة عن مادة درامية مسلية، فهو ليس بوثيقة تاريخية، بل عمل درامي يقارب الواقع ويحاكيه، ولكن دون أن يشابهه، عمل -إن شئنا القول- قريب من أعمال أحمد أبوخليل القباني، وقريب من التسمية التي كان يطلقها على أعماله: رواية أدبية، أخلاقية، تاريخية، تلحينية، غرامية، تشخيصية، ذات ثلاثين حلقة”.
وعن تقاطع التوثيق والترميز في إبداعاته الفنية، وعن مكانه من الفن المسرحي حاليا بعد انغماسه في الأعمال التلفزيونية، يقول “أنا خريج الدفعة الأولى من المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق عام 1981، صحيح أني ابتعدت عن الساحة العملية فترة لا بأس بها، وذلك من أجل متابعة تحصيلي العلمي في فرنسا، إلاّ أن العودة إلى البلد والتأقلم من جديد مع آليات عمل مختلفة لم يكونا أمرا هينا، كان عليّ القبول بالأمر الواقع، واقع العمل الذي تغير كليا عما كان عليه في منتصف الثمانينات من القرن الماضي”.
ويقارن قبش بين واقع الدراما السورية بداية ثمانينات القرن الماضي وواقعها الآن، بقوله “عند تخرجنا من المعهد، كان الإنتاج السينمائي والدرامي بسوريا ضئيلا للغاية، عمل سينمائي يتيم وعملان تلفزيونان في كل عام، بينما كانت العروض المسرحية التي تتوج بمهرجانات محلية وعربية ودولية، تتجاوز الثلاثين عرضا في السنة، ويكفي القول إن عروض المسرح الجامعي وحتى العمالي كانت آنذاك المنافس الشرس لعروض المسرح القومي. في المقابل دخلت الأموال اليوم إلى التلفزيون وزاد إنتاجه الدرامي بشكل ملحوظ، أكثر من أربعين عملا سنويا، بين عام وخاص، وبمعدل ألف ومئتي ساعة تلفزيونية، وأصبحت لهذا الإنتاج قناة درامية متخصصة وظيفتها الترويج لهذه السلعة ونجومها الدراميين، ومع ذلك لم تحقق هذه الصناعة إلى الآن نجاحها المطلوب”.