جماعات منفلتة من داخل جيش حفتر تتورط في تصفيات خارج القانون

عمليات الاختطاف والاغتيال والتصفيات خارج القانون باتت ظاهرة مثيرة للقلق في مناطق سيطرة الجيش بسبب انفلات بعض الجماعات المنتمية إليه.
الثلاثاء 2025/06/10
ظاهرة تسيء لصورة الجيش

تحولت المجموعات المسلحة المنفلتة تحت راية القيادة العامة للجيش الليبي إلى ظاهرة لافتة في شرق البلاد بما تمثله من خطر على السلم الأهلي نتيجة تورطها في عدد من عمليات الاختطاف والإخفاء السري والاغتيالات والتصفيات الجسدية التي باتت تثير الجدل الاجتماعي وتطرح الكثير من الأسئلة عن المآلات التي يمكن أن تؤدي اليها، لاسيما وأن هناك خلافات حادة حول تقييمها من داخل المؤسسة العسكرية ذاتها.

وأعلن مكتب النائب العام حبس أربعة متهمين بقتل المواطن مراد الورفلي (51 عامًا) في بنغازي، وبحسب مصادر مطلعة، فإن مسلحين من كتيبة 20/20 التابعة للواء طارق بن زياد قاموا بتصفية الورفلي أثناء محاولته الدفاع عن مزرعته من الاقتحام على يد تلك المجموعة التي كانت تسعى إلى إجباره على بيعها غضبا لرجل أعمال معروف بقربه من صدام حفتر ابن قائد الجيش المشير خليفة حفتر .

عبدالحفيظ غوقة: إذا لم تتحرك قيادة الجيش سيكون الأمر وبالا على الاستقرار
عبدالحفيظ غوقة: إذا لم تتحرك قيادة الجيش سيكون الأمر وبالا على الاستقرار

وقالت منظمة “رصد الجرائم” إن مسلّحيْن يرتديان زيا مدنيًا تابعين لذات الكتيبة اقتحما مزرعة الضحية الواقعة في منطقة سيدي فرج وأطلقا النار عليه، ما أدى إلى إصابته برصاصتين نُقل على إثرهما إلى مستشفى فينيسيا.

وتابعت أن المسلحين اقتحموا المستشفى لاحقًا، وقاموا بتصفية الورفلي، واعتقلوا ثلاثة من أشقائه تعسفيًا لساعات قبل إطلاق سراحهم دون إجراءات قانونية، فيما تعرّض أفراد من الأسرة للترهيب، في سياق تضييق استمر لحوالي شهر بسبب رفض العائلة بيع المزرعة لأفراد تابعين للكتيبة.

ووصفت المنظمة هذه الجريمة بأنها «قتل خارج نطاق القانون، وتشكل انتهاكًا جسيمًا للحق في الحياة المكفول بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان،” محملة «السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك (القيادة العامة)، المسؤولية القانونية الكاملة عن هذه الجريمة.” و دعت النائب العام إلى «فتح تحقيق عاجل ومستقل وشفاف في هذه الجريمة، ومحاسبة المسؤولين عنها وفقًا للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة،” مؤكدة ضرورة «اتخاذ إجراءات فعالة للحد من ظاهرة الإفلات من العقاب.”

وقرر النائب العام تحريك الدعوى العمومية ضد مرتكبي واقعة قتل المواطن مراد منصور مذكور الورفلي.

وقال نائب رئيس المجلس الانتقالي السابق عبدالحفيظ غوقة “إذا لم تلتفت قيادة الجيش الوطني إلى المجموعات المسلحة المنفلتة داخل تركيبتها وإنهاء وجودها بعد ما اقترفت وتقترف من جرائم هي تنسب بالضرورة والتبعية لها، فإن الأمر سيكون وبالا ليس على المؤسسة فحسب بل على السلم الاجتماعي والاستقرار”.

وحمّلت قبائل ورفلة بمدينة بني وليد، في بيان لها مسؤولية مقتـل مراد الورفلي لمجلس النواب و”القيادة العامة”، وسلامة أبناء ورفلة “المختطفين” لدى كتيبة 20/20 بقيادة علي المشاي.

وناشد أبناء قبائل ورفلة الأمم المتحدة والبعثة الأممية والمنظمات الحقوقية الدولية والمحلية والنائب العام بفتح تحقيق فوري في الواقعة.

pp

وأدانت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بشدة جريمة مقتل المواطن مراد الورفلي إثر إطلاق النار عليه في بنغازي من قبل مسلحين تابعين للكتيبة 20/20، وقالت إن هذه الجريمة تعد قتلًا متعمداً خارج نطاق القانون، يُعاقب عليها قانون العقوبات الليبي، وتمثل انتهاكًا جسيمًا وخرقاً فاضحاً للحق في الحياة وحق السلامة الشخصية المكفول بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.

وحمّلت المؤسسة السلطات في شرق البلاد، بما في ذلك القيادة العامة المسؤولية القانونيّة الكاملة عن هذه الجريمة، وطالبتها بوضع حد لهذه الانتهاكات.

وأصبحت عمليات الاختطاف والاغتيال والتصفيات خارج القانون ظاهرة مثيرة للقلق في مناطق سيطرة الجيش بسبب انفلات بعض الجماعات المنتمية إليه من خارج منظومة الاحتراف العسكري والبنية التراتبية.

حالات الانفلات داخل المؤسسة العسكرية الرسمية، على قلّتها، تشكل خطرا على الأمن والاستقرار في شرق وجنوب البلاد

ويرى المراقبون أن هذه الظاهرة أصبحت مزعجة ومقلقة لقائد الجيش الذي ما انفك يفاجأ بين الحين والآخر بجرائم تحسب على المؤسسة العسكرية وتسيء إلى صورتها وهي لا تخدم في الأخير إلا مصالح بعض المتسلقين والانتهازيين من المحسوبين على «ثورة الكرامة”.

وشهدت المنطقة الشرقية خلال السنوات الماضية، جرائم عدة تورط فيها محسوبون على الجيش، وهو ما جعل متابعين في الداخل والخارج يرجّحون أن يكون ذلك ناتجا عن سياسية ممنهجة تسعى لإرساء دكتاتورية ناشئة من خلال تكريس حكم الأسرة بغطاء قبلي وجهوي ومناطقي .

وفي مايو الماضي، أصدر حفتر تعليماته للجهات ذات العلاقة بالتعاون مع النائب العام الليبي بتحقيقاته حول واقعة اختفاء عضو مجلس النواب إبراهيم الدرسي الذي فقد في السادس عشر من مايو 2024 عقب مشاركته في احتفالية إحياء ثورة الكرامة بمدينة بنغازي، قبل أن يعود إلى واجهة الرأي العام بعد تسريب مقاطع فيديو مروعة تظهره وهو في حالة صحية حرجة، مقيدا من عنقه بالسلاسل، ومجردا من ملابسه، وهو يستغيث بالقيادة العامة للجيش للإفراج عنه.

وتقول أوساط ليبية إن حالات الانفلات داخل المؤسسة العسكرية الرسمية، على قلّتها، تشكل خطرا على الأمن والاستقرار في شرق وجنوب البلاد، وتنذر بالفوضى العارمة نظرا لطبيعة التركيبة القبيلة للمجتمعات المحلية.

وتشير الأوساط إلى ما حدث سابقا ضد عضو مجلس النواب سهام سرقيوة ووزير الدفاع الأسبق مهدي البرغني والبرلماني إبراهيم الدرسي وغيرهم من المتهمين بمعارضة معسكر «الرجمة» أو ممن لا ترتاح إلى وجودهم شبكات الفساد والجشع المتحركة والمتنامية في ظل بعض رموز السلطة العسكرية القائمة.

1