جعجع يصعّد ضد "العثمانيون الجدد" في لبنان

بيروت – هاجم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الخميس الممسكين بسلطة القرار في لبنان، وذهب حد تشبيههم بالعثمانيين، في خطوة تشي بأن زعيم القوات قرر إنهاء الهدنة الضمنية مع استشعاره بوجوب التحرّك، وعدم ترك الساحة مفتوحة أمام مساعي هؤلاء إلى الاستئثار بالبلد وإعادة تشكيله وفق أجندات سياسية لا تخلو من أبعاد إقليمية.
وتقول أوساط لبنانية إن تحرك جعجع نابع من كون بعض القوى يتصدرها حزب الله والتيار الوطني الحر باتت تتصرف وكأنها الطرف الوحيد المتحكم في المعادلة الداخلية، ضاربة عرض الحائط بكل التوازنات.
وتلفت الأوساط إلى أن الأخطر هو محاولة تلك القوى خلخلة أسس النظام الليبرالي التعددي الذي يعدّ ديدن وجود لبنان واستمراريته، من خلال الحملة الشرسة التي تخوضها ضد النظام المصرفي، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي يجد نفسه يقاتل وحيدا ضد هذه الهجمة.
وقال جعجع في كلمة بمناسبة إحياء ذكرى المجازر الأرمنية ومجازر سيفو (المذابح الآشورية)، “يعزّ علينا هذا العام أن يغيب الاحتفال قسرا بسبب كورونا، لكنّ غياب الاحتفال لا يعني أبداً غياب القضية الأرمنية والسريانية، والآشورية والكلدانية عن وجداننا وذاكرتنا الحيّة، وعن وعينا بضرورة الاتعاظ من تجارب التاريخ، لاسيما بالنسبة إلى الشعوب الصغيرة كالشعب اللبناني الذي لا يزال يتعرّض بمختلف فئاته وطوائفه لمجازر بحق الوطن والميثاق والدستور والقانون وبحقّ الحياة الحرّة الكريمة، من قبل مجموعة تتحكّم بمفاصل السّلطة وتتصرّف في بعض الوجوه كما تصرّفت السلطات العثمانية في حينه، من دون وازع ضميري وأخلاقي وبالافتئات على الحقوق الأساسية للإنسان”.
وأضاف زعيم حزب القوات اللبنانية أنني “في هذه الذكرى الأليمة، أنحني أمام تضحيات الشعب الأرمني والسرياني والآشوري والكلداني على مرّ التاريخ، وأقدّر عاليا حرص اللبنانيين من أصل أرمني على انتمائهم إلى لبنان الوطن، كما حرصهم على الوفاء لجذورهم وتاريخهم الحافل وتراث أجدادهم”.
وتابع “كما واجهتم بالإيمان والرجاء والثقة بالنفس والإرادة القوية تداعيات الإبادة والمجازر الرهيبة، ها إنّنا نواجه اليوم معا مختلف أشكال الظلم والتسلّط والاستهتار بقيم لبنان الوطن والإنسان، لكننا لن نتراجع كي نستحق الحياة التي مات من أجلها أجدادنا وأهلنا ورفاقنا”.
ويحيي الشعب اللبناني، كما عدّة شعوب، كل سنة ذكرى المجازر التي ارتكبتها الدولة العثمانية بحق الأقليات في المنطقة من أرمن وكلدان وآشوريين وسريان، ويأتي الاحتفال هذا العام منقوصا في ظل التدابير الاحترازية التي فرضت بسبب تفشي وباء كورونا.
ويقول متابعون للشأن اللبناني إن زعيم القوات قرّر أن يتخذ من هذه الذكرى شارة انطلاق لمعركة سياسية صعبة، مع قوى تحالف 8 آذار وفي مقدمتها حزب الله الذين بدل اجتراح حلول عملية للأزمة الاقتصادية والمالية التي تهدد بانهيار البلد، تحاول هذه القوى جاهدة الاستثمار في الأزمة لتكريس سيطرتها وتشكيل لبنان وفق منظور شمولي تأبهه طبيعة هذا البلد وتركيبته.
ويرجّح المتابعون أن تشهد الأيام المقبلة تصاعدا في حدّة المواجهة بين السلطة السياسية والقوى المعارضة المتسلحة بعودة الحراك إلى الشارع مجددا مطالبه السابقة برحيل كل الطبقة السياسية وتشكيل حكومة كفاءات حقيقية.
وما يعزز فرضية الصدام والمواجهة الأصداء القادمة من السلطة القائمة، ولاسيما من رئيس الحكومة حسان دياب والمقرّبين منه الذين ما فتئوا يشددون على أنهم لن يتراجعوا عن السير في خطط ضرب النظام المصرفي الذي يشكّل خط الدفاع الأول على النظام اللبناني.
وغرّد النائب المقرّب من حزب الله فيصل كرامي على حسابه على “تويتر” الخميس موجّها كلامه لدياب “لقد سقطت كل الأقنعة. مؤامرة 92 على عمر كرامي تتكرر ضدك وضد فرصة إنقاذ لبنان. لتكن أولويتك نسف كل الخطوط الحمراء التي تحمي حاكم مصرف لبنان ومنظومة الفساد.
وأضاف كرامي “أن لعبة الدولار هي المقدمة لانفجار اجتماعي وربما أمني، اهجم والله معك، وحسبك به نصيرا”.