جدل مغربي بشأن الإفراط في الاستهلاك خلال رمضان

معدل الاستهلاك داخل المدن المغربية يبلغ نحو 28.5 بالمئة، مقابل 24.3 بالمئة في الريف.
السبت 2019/06/01
ثقافة استهلاكية مفزعة

تصاعد الجدل في المغرب بعد نشر بيانات تظهر اتساع ظاهرة الإفراط في الاستهلاك خلال شهر رمضان مقارنة بالأشهر الأخرى، ويقول محللون إن الأسر تواكب ضغوطا وعادات اجتماعية تحمّلها أعباء مالية كبيرة وتؤدي إلى هدر كبير للمواد الغذائية.

الرباط - أظهرت دراسة للمندوبية السامية للتخطيط في المغرب قفزة كبيرة في معدلات استهلاك الأسر في شهر رمضان، مقارنة ببقية أشهر العام.

وأشارت الدراسة الإحصائية إلى ارتفاع الإنفاق على المواد الغذائية إلى أعلى مستوياته سنويا في شهر الصوم ويزيد بنحو 28 بالمئة عن بقية العام، في ظاهرة تفرض أعباء كبيرة على الأسر المغربية.

وذكرت أن تغير السلوك الاستهلاكي للمغاربة يؤثر على أسعار السلع، التي تقفز سنويا في هذا الشهر ومقارنة بالأعوام السابقة بوتيرة تصاعدية منذ عام 2006.

ويصل متوسط ارتفاع فاتورة الاستهلاك للأسرة الواحدة إلى 462 درهما (47.5 دولار) في رمضان، قياسا بباقي الأشهر.

ولا يبدو فرق الاستهلاك شاسعا بين المناطق الحضرية والقروية، إذ تشير الأرقام أن معدل الاستهلاك داخل المدن يبلغ نحو 28.5 بالمئة، مقابل 24.3 بالمئة في الريف.

وتؤكد الدراسة أن نفقات 20 بالمئة من الأسر الأكثر غنى تبلغ خلال رمضان أكثر بـ6.4 مرات من نفقات نظرائها الأقل غنى، علما أن الفارق يصل في شهور السنة الأخرى إلى 7.2 مرات.

وتستغل معظم المحلات التجارية في كامل مناطق البلاد هذه المناسبة السنوية، فتستعد قبل حلول شهر الصيام بتوفير كميات هائلة من المواد الاستهلاكية، التي يكثر الطلب عليها من طرف الأسر.

وتشمل السلع الغذائية المواد الغنية بالبروتينات الحيوانية والنباتية، حيث ترتفع نفقات الأسر المغربية على الفواكه الطرية والحليب ومشتقاته واللحوم والدواجن والأسماك، وهذا ما رصدته “العرب”، عند زيارة عدد من الأسواق.

وأوضحت دراسة أن الارتفاع يهم المواد الغنية بالبروتينات الحيوانية والنباتية، كما أن نفقات الأسر على الفواكه تتضاعف، بينما تسجل النفقات على الحليب ومشتقاته زيادة بنسبة 62 بالمئة، وترتفع النفقات على اللحوم والدواجن بنسبة 22.9 بالمئة.

وتعمد البعض من العائلات الى الإقبال على قروض الاستهلاك من المصارف ووكالات الاستدانة لمواجهة تزايد المصاريف في شهر رمضان، في المقابل هناك أسر تلجأ إلى الادخار طيلة السنة لمواجهة نمط الاستهلاك ولتأمين المصاريف المتزايدة.

وأفاد مصدر في إحدى تلك الوكالات لـ”العرب” بأن هذا الشهر بمثابة فرصة بالنسبة إلى الشركات لكسب أقساط من السوق.

ويقول عبداللطيف، رب أسرة وهو موظف بسيط، لـ”العرب” إنه يعاني حتى يوفر متطلبات الشهر مع وجود ثلاثة أطفال وغلاء المعيشة، ولهذا اضطر خلال العامين الأخيرين إلى الاقتراض.

وتؤكد الحكومة أنها اتخذت كل الإجراءات الضرورية لضبط أسعار السلع ومراقبة جودتها من طرف لجان المراقبة.

وتستهدف هذه التدابير تأمين كميات كافية من الحبوب والبيض والسمك والحمص والعدس والحليب، لكن رغم الوفرة في جميع المواد الغذائية، إلا أن أسعار منتجات الخضر والفواكه عرفت ارتفاعا بنسب قياسية.

ولم تعط المندوبية السامية للتخطيط إحصائيات لمعدل هدر المواد الاستهلاكية، لكن منظمة الزراعة والأغذية التابعة للأمم المتحدة (فاو) تقدر أن ثلث ما تستهلكه الأسر المغربية في شهر رمضان يُرمى في القمامة، أي أن 45.1 بالمئة من الأسر تقوم بذلك.

وأشار باحثون في علم الاجتماع إلى الممارسات الخاطئة التي تطبع سلوك المستهلكين المغاربة في رمضان، عندما يعمدون إلى الإفراط في التبضع والإعداد لهذه المناسبة، ما يتسبب في هدر المواد الغذائية، خصوصا سريعة التلف.

ولكبح الاستهلاك، يوصي خبراء في التغذية بإحصاء دقيق لحجم الاستهلاك الحقيقي دون إفراط قبل اتخاذ قرار الشراء، ما يتيح توفير النفقات وتجنب الهدر الغذائي.

ويقول بوعزة الخراطي رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك إن ارتفاع الهدر الغذائي مرتبط بأسباب اجتماعية.

وأوضح أنه يسود الاعتقاد بضرورة شراء أكبر كمية من المواد الغذائية خوفا من الندرة، ويصل المستوى إلى حد التنافس والتباهي بين الأسر.

11