جبهة للبنوك المركزية لمواكبة الابتكارات المالية

عملة فيسبوك تشعل مخاطر هدم النظام المالي التقليدي.
الثلاثاء 2019/07/02
العالم في مخاض غامض بشأن مستقبل العملات الرقمية

أيقظت خطط إصدار عملة فيسبوك جهود البنوك المركزية العالمية لمواكبة الابتكارات المالية وتوحيد مواقفها قبل فوات الأوان، في ظل مخاوف جدية من هدم النظام المالي التقليدي وتقويض سلطة العملات السيادية.

زوريخ (سويسرا) - وحد بنك التسويات الدولية جهود المصارف المركزية العالمية لمواكبة ومواجهة زحف الابتكارات المالية والعملات المشفرة، باعتباره بمثابة البنك المركزي لجميع البنوك المركزية.

وأعلن البنك عن إنشاء مركز ابتكار تعمل من خلاله البنوك المركزية معا على نحو وثيق في ظل التغيرات السريعة في التكنولوجيا المالية، خاصة بعد الكشف عن خطط فيسبوك لإصدار عملة رقمية في العام المقبل.

ويرى محللون أن انتشار تداول العملات الرقمية، التي تشرف عليها الشركات، على نطاق واسع يمكن أن يقوّض العملات السيادية للدول ويفقدها القدرة على إدارة الاقتصاد ومواجهة الأزمات المالية.

وقال بنك التسويات إن الهدف من مركز الابتكار، الذي سيكون له مقار في مدينة بازل السويسرية وهونغ كونغ وسنغافورة، هو تحسين أداء النظام المالي العالمي ومعرفة وتطوير الرؤى السائدة في مجال التكنولوجيا التي تؤثر على عمل البنوك المركزية.

ولم يذكر بيان البنك خطة فيسبوك لدخول مجال المدفوعات وإطلاق عملتها المشفرة ليبرا، لكن بدا واضحا أن تحرك عملاق التواصل الاجتماعي ساهم في بلورة رأي بين مسؤولي البنوك المركزية بوجود حاجة ملحة إلى استجابات تنظيمية منسقة لمواكبة اتجاهات التكنولوجيا المالية.

وقال ينس فايدمان رئيس مجلس إدارة بنك التسويات الدولية في بيان عقب اتخاذ قرار إنشاء المركز خلال اجتماع لمجلس البنك إن “ثورة تكنولوجيا المعلومات لا تعرف الحدود وبالتالي تتداعى آثارها في مواقع متعددة على نحو متزامن”.

ينس فايدمان: ثورة التكنولوجيا المالية لا تعرف الحدود ولها تداعيات متعددة
ينس فايدمان: ثورة التكنولوجيا المالية لا تعرف الحدود ولها تداعيات متعددة

وأضاف أن المركز سوف يساعد البنوك المركزية في “التعرف على الاتجاهات العامة ذات الصلة في مجال التكنولوجيا، وعلى دعم هذه التطورات متى اتسق ذلك مع تفويضها، وتحديث المتطلبات التنظيمية بما يتناسب مع هدف حماية الاستقرار المالي”.

وسبق أن دعا بنك التسويات الدولية، حكومات العالم إلى فحص تغلغل شركات التكنولوجيا العملاقة إلى القطاع المالي عن كثب، وهو ما يثير قضايا مثل خصوصية البيانات والمنافسة والأسواق والصيرفة.

وقال بنك التسويات إنه لا يستطيع ذكر تفاصيل تتعلق بمستويات الاستثمار أو التوظيف، وهو ما يبقي التفاصيل المتعلقة بالمركز الجديد محدودة.

وقد أبدى البنك المركزي السويسري والسلطات النقدية في كل من هونغ كونغ وسنغافورة دعمهما للمبادرة. وقال توماس جوردان رئيس البنك المركزي السويسري إن البنك سيعزز جهوده لفحص التقنيات المالية الجديدة.

وأضاف أن البنك المركزي السويسري يتابع بالفعل عن كثب الابتكارات التكنولوجية في المجال المالي، ويعمل بدأب في إطار تنسيق مع البنوك المركزي للتعرف مبكرا على التطورات ذات الصلة وتقييمها”.

ويبدو العالم في مخاض غامض بشأن مستقبل العملات الرقمية، وقد تتعرض ليبرا لعقبات كبيرة بسبب مخاطرها على استقرار الدول والنظام المالي العالمي، لكنها في نهاية الأمر قد تتخذ أشكالا جديدة لا يمكن إيقافها.

وقد يكمن الحل في تبنّي المصارف المركزية لهذه التحولات وهو ما ظهرت بوادره في اتجاه بعضها للتخطيط لإصدار عملات رقمية، تولد من رحم النظام المالي التقليدي ولا تتمرد عليه.

ويرى محللون أن الجدل بشأن مستقبل العملات الرقمية يتيح فرصة لطرح حل شامل لمشاكل النظام المالي التقليدي بإصدار عملة عالمية رقمية تشارك فيها جميع دول العالم ولا تكون مرتبطة بعدد محدود من العملات السيادية.

ويمكن لتلك العملة أن تقدم حلا سحريا، لا يكون هناك رابحون وخاسرون، ولا يكون النظام المالي العالمي في قبضة أي دولة أو شركات لا تعنيها المصالح العامة لمستقبل الكوكب.

لكن ذلك الحل سيواجه حتما معارضة أميركية لأنها لن تتخلى عن نفوذ الدولار، مثلما عارضت اقتراحات من الصين وروسيا بعد الأزمة المالية العالمية في 2008 بإصدار عملية احتياطات عالمية يشرف عليها صندوق النقد الدولي بعد إصلاحه وتقليص هيمنة واشنطن عليه.

10