ثلاثة منابر ثقافية عريقة تنبعث من رمادها في المغرب

المغرب الثقافي يراهن على لقاء الثقافة بالإعلام، ومنابر إعلامية نقدية وفكرية أدبية وفنية تعود إلى الحياة.
الأربعاء 2018/12/26
الثقافة المغربية العريقة بألوان جديدة (لوحة للفنانة الشعبية طلال)

تعتبر المجلات الثقافية “الثقافة المغربية” و”الفنون” و”المناهل”، في المغرب منبرا جامعا لمختلف أعلام التحديث وعلاماته في المغرب المعاصر، وفضاء لنشر آخر الإبداعات والنقاشات التي راودت المغاربة وأرّقتهم خلال نصف قرن من الزمان وبعودتها بعد توقفها زمنا، سيتفعّل أكثر الحراك الثقافي المغربي، وهو ما جعل هذه الخطوة محل ترحيب من جميع الفاعلين الثقافيين بالبلاد.

“الثقافة المغربية” و”الفنون” و”المناهل”، ثلاث مجلات تعود إلى المكتبة المغربية بعد غياب طويل. وهي المجلات التي كانت تصدرها وزارة الثقافة في المغرب خلال العقود الخمسة الأخيرة. وإذا كانت مجلة “الفنون” خاصة بالمجال الفني، من مسرح وغناء وفنون بصرية، فقد كانت مجلة “المناهل” معنية بالتاريخ، وبالتراث الأدبي واللغوي والفكري، وبالتراث المادي، أيضا، بينما ظلت “الثقافة المغربية” مجلة جامعة لآخر الدراسات الفكرية والنقدية والإبداعات الأدبية في البلاد.

وبعد إصدار العدد الجديد من مجلة “الثقافة المغربية”، التي يديرها الشاعر صلاح بوسريف، أعلن وزير الثقافة والاتصال في المغرب محمد الأعرج عن إعادة إصدار كل من مجلة “الفنون” ومجلة “المناهل”، لتكتمل ثلاثية ثقافية إعلامية من إصدارات وزارة تشرف على حقلي الثقافة والاتصال في المغرب، وتراهن على ربط الرهان الثقافي بالحقل الإعلامي، في سبيل نشر وتداول آخر الأبحاث والإبداعات ومُسْتَجَدِّ الأفكارِ والدراسات، مع الإنصات إلى الصوت النقدي للمثقف المغربي في الأزمنة الراهنة.

الثقافة المغربية

إغناء للمكتبة المغربية والعربية برصيد هام ورصين من الدراسات العلمية
إغناء للمكتبة المغربية والعربية برصيد هام ورصين من الدراسات العلمية

بعد خمس سنوات على صدور العدد 37 من مجلة “الثقافة المغربية”، استأنفت المجلة صدورها من جديد، في شهر سبتمبر الماضي، وهي تعلن عن بداية الدخول الثقافي في المغرب، برسم هذه السنة.

المجلة التي أسسها محمد الفاسي سنة 1970، وهو أول من عُيِّنَ وزيرا للثقافة في المغرب سنة 1968، تستأنف الصدور من جديد، بعد النسخ التي تداول على إدارتها كل من محمد بن شقرون ومحمد بن البشير ومحمد الصباغ وعبدالكريم البسيري وعبدالحميد عقار وكمال عبداللطيف، لتسند إدارة تحريرها اليوم للشاعر صلاح بوسريف. وعبر العدد الأخير، أعلنت المجلة وفاءها لشعار التحديث، حين اختارت موضوع “الثقافة المغربية بين ضرورات التحديث ورهانات الحداثة” عنوانا لملف هذا العدد.

وقد ذهب وزير الثقافة والاتصال محمد الأعرج إلى اعتبار هذه المجلة صرحا من صروح ثقافتنا المعاصرة. وربط المسؤول الحكومي المغربي إشرافه على وزارة الثقافة بضرورة ما أسماها عملية “إعادة مجلة الثقافة المغربية إلى الحياة”. واستحضر محدثنا كون المجلة قد ظلت “من بين المجلات المرجعية العريقة في مشهدنا الثقافي المغربي، وقد حرص مؤسسوها على أن تكون أفقا للمغرب الحديث، وللثقافة الحديثة، وأن تكون صوت المغرب، وصدى له، أيضا، في الأدب والفن، والفن الجمال، وأن تكون تعبيرا عن الهوية الثقافية للمغرب، ولما فيه من تنوع في لغاته، وفي أشكال التعبير الثقافي والفني المختلفة”.

ليعلن الوزير في افتتاحية العدد الأخير من المجلة عن اعتبار المجلة “لبنة ثقافية هي في حقيقة الأمر صرح من صروح ثقافتنا المعاصرة، ومرآة، بقدر ما نرى فيها ثقافتنا، وما عرفته من سيرورة وتطور كبيرين، بقدر ما تنعكس فيها وجوهنا بملامحها المختلفة”.

فضاء لنشر آخر الإبداعات والنقاشات
فضاء لنشر آخر الإبداعات والنقاشات

وكانت المجلة منذ افتتاحية عددها الأول سنة 1970 قد جعلت من بين أهدافها “التعريف بالإنتاج المغربي في ميادين الفكر والمعرفة والفن، والتعريف بالمبدعين والمثقفين المغاربة، وخلق حركية التواصل بينهم وبين غيرهم”.

أما هيئة التحرير، فقد أعلنت في افتتاحية العدد الجديد حرصها على “وضع المجلة في سياق الزمن المغربي الراهن، بما يجري فيه من تحولات في الفكر والنظر، وعلى تبني خط تحريري يسعى إلى تكريس التحديث والتنوير، كأفق ثقافي وفني، ومعرفي وجمالي، للثقافة المغربية”.

المناهل والفنون

خلال الأسبوع الجاري، سوف تعلن وزارة الثقافة المغربية عن إعادة إصدار مجلة أخرى هي مجلة “المناهل”. وما يميزها أنها مجلة محكمة، قال وزير الثقافة المغربي إن إصدارها سيمثل “إغناء للمكتبة المغربية والعربية برصيد هام ورصين من الدراسات العلمية القابلة للاستثمار الأكاديمي في مختلف أصناف البحث المعرفي، وكذا النهوض بالبحث الفكري والعلمي بالمغرب، إضافة إلى التعريف بالإنتاج المغربي في ميادين الفكر والمعرفة والفن، وبالمبدعين والمثقفين المغاربة وتعزيز تواصلهم مع القراء”.

وبحسب مدير المجلة الجديد، الأكاديمي المغربي مصطفى القباج، سيكون الهدف من هذا المشروع هو “النهوض بالثقافة المغربية والعربية، عبر مجلة المناهل، التي يراد لها أن تكون مرآة صادقة للثقافة ببلادنا، مع الحرص على استقلاليتها وفق الخط التحريري الذي ستعمل الهيئة على تحديد معالمه الكبرى”. وإلى جانب هيئة التحرير، تشرف على المجلة هيئة استشارية تضم باحثين خبراء في مختلف المجالات، كما هو الحال بالنسبة إلى مجلة الثقافة المغربية.

صوت المغرب وصداه في الأدب والفن
صوت المغرب وصداه في الأدب والفن

وبينما ينتظر أن تصدر مجلة “المناهل” في شهر سبتمبر من سنة 2019، أعلنت وزارة الثقافة عن استئناف صدور مجلة “الفنون”، بصدور عدد جديد في فبراير المقبل. وهي المجلة التي صدرت منذ 1973، واستمرت في الصدور حتى سنة 1981، وأشرف عليها أبوبكر المريني، بينما تتولى إدارتها اليوم الأستاذة فوزية الأبيض.

وبحسب وزير الثقافة والاتصال في المغرب، تسعى المجلة “إلى تعميق التواصل الفني والثقافي بين الفنانين والمبدعين المغاربة، وتسعى إلى أن تكون مرصدا لتجميع وتوثيق مختلف الفنون التي تدخل في التراث اللامادي الذي تأخذ وزارة الثقافة على عاتقها التعريف به وتجميعه والحفاظ عليه كرصيد حي يؤرخ للإبداع وللنبوغ الفني المغربي”.

كما تراهن الوزارة على جعل هذه المجلة “نافذة ومحطة لاحتضان التنوع الفني والثقافي الذي يزخر به المغرب، مع التركيز على مختلف التعبيرات الفنية والإبداعية الفكرية والثقافية”. هكذا، يراهن المغرب الثقافي على لقاء الثقافة بالإعلام، من خلال منابر إعلامية نقدية وفكرية أدبية وفنية، هي المجلات الثقافية، بعدما أصبحت الجهة الحكومية المعنية تجمع بين الثقافة والاتصال في حقيبة وزارية واحدة، وتعيد إصدار ثلاث مجلات في لحظة ثقافية واحدة.

14