تيك توك يخوض منافسة برامجية مع الفضائيات العربية

القاهرة - دخلت منصة تيك توك على خط تقديم محتوى برامجي من إنتاجها، يمكن أن ينافس ما يتم تقديمه على الفضائيات العربية، من خلال التعاقد مع مشاهير من البلوغر خلال شهر رمضان، في خطوة تفتح الباب أمام المزيد من التحولات الإنتاجية في تقديم البرامج المختلفة عبر منصات رقمية أخذت في الانتشار مؤخرا على حساب ما يتم تقديمه في التلفزيون.
وأعلنت منصة تيك توك تدشين شراكات حصرية مع عدد من كبار الناشرين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتقديم برامج رمضانية، وهذه الشراكات ستعرض محتوى دعائيا احترافيا أُنتج خصيصاً لإذاعته عبر المنصة في رمضان، ما يبشر بعصر جديد في الإعلانات ومشاهدة المحتوى، مع تزايد إقبال الجمهور على التجارب الترفيهية المشتركة والمبسطة.
وقالت المنصة إنها تركز على المحتوى التفاعلي الذي يتماشى مع العادات الرمضانية عبر تقديم نسخة معدلة من برنامج “فوازير رمضان” الذي كان في الأصل برنامجاً تلفزيونياً مصرياً، وتمت إضافة لمسة عصرية ومؤثرات بصرية من تيك توك، ويقدمها هذا العام السعوديان لمى ومحمد، وهما يقدمان محتويات كوميدية ولديهما جماهيرية واسعة في تيك توك، ليعرضا الكثير من الألغاز العائلية الممتعة التي تحل يومياً قبل موعد الإفطار.
وتعرض المنصة برنامج “لكسيري إستايل هاب”، ويتناول أحدث تحولات الأناقة والمناقشات ونصائح الخبراء في مجال الموضة والجمال، بالإضافة إلى برنامج يدمج بين فن “درايف فور جود” وبرامج رحلات الطهي تحت عنوان “الطهي مع صناعة السيارات” ويقدمه صانع المحتوى السعودي عبدالعزيز الفضيلي، وبرنامج “أحاديث ما قبل الإفطار مع تانت مروة” وتجمع كل حلقة بين أسئلة تحفّز التفكير وردود تلقائية مليئة بالمرح والطرافة.
وتبرهن خطوة تيك توك أن منصات التواصل في طريقها إلى التوسع نحو تقديم محتويات من إنتاجها قد تصبح منافسا لغيرها من المنصات الرقمية التي تتنوع في تقديم البرامج والمسلسلات والأفلام والمحتويات الترفيهية، وتوجه ضربة جديدة إلى الإعلام التقليدي المرشح لفقدان المزيد من حصته الإعلانية، حال حقق تيك توك نجاحا من وراء تجربته الحالية.
وعمل صناع المحتوى والمواقع الإخبارية والقنوات الفضائية في الفترة الماضية على توظيف منصات التواصل، وأبرزها تيك توك وفيسبوك ويوتيوب لتقديم محتويات برامجية تتماشى مع توجهات الجمهور في رمضان، وتستفيد من زيادة المشاهدة فيه، لكن ظلت المنصات الرقمية طرفا عارضا لما يتم تقديمه من محتوى عليها ولم تصبح هي ذاتها منتجة.
ويرى خبراء في الإعلام الرقمي أن المنافسة العالمية بين تيك توك وغيره من منصات التواصل تخدم تقديم محتوى احترافي يشكل أحد عناصر جذب الجمهور ويقوي من القيمة السوقية للمنصة التي تعمل على تحسين صورتها بعد اتهامات وجهت لها بتقديم محتوى لا يحافظ على حقوق الملكية الفكرية، يتجاوز حدود الآداب والأخلاق العامة.
وتعبر بهذا التوجه أن شراكتها مع جهات رسمية إعلامية وصحفية والعديد من الناشرين حول العالم عن قوتها ومكانتها وثقة الجمهور بما تقدمه من محتوى.
وأوضح خبير الإعلام الرقمي محمد حجازي أن تيك توك يهدف إلى تقديم محتوى قادر على جذب الجمهور، في ظل منافسة قوية بين المنصات الرقمية ومواقع التواصل في شهر رمضان، وأن لديه رغبة ليكون متماشيا مع اتجاهات الجمهور على المنصة التي تجذب الساعين إلى مشاهدة محتوى سريع، بالتالي فالبرامج سوف يغلب عليها هذا الطابع الذي يختلف عن التلفزيون والمنصات الأخرى.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن المنصة تسعى لتنظيم حقوق الملكية الفكرية مع تزايد الاتهامات الموجهة لها بالاعتداء على الحقوق الفكرية، عبر تقديم محتوى يحظى بتبعيتها بشكل قانوني، ما يؤشر إلى إمكانية إدخال تعديلات على نظام إنتاج الفيديوهات عليها، ويتماشى هذا التوجه مع احتياجات جمهور يسعى ليشاهد مشاهير تيك توك في محتويات يغلب عليها الطابع الاحترافي وينسجم مع فكرة المشاهدة السريعة التي يتسم بها هذا التطبيق.
وأِشار إلى أن عدد ساعات المشاهدات على التلفزيون سوف يستمر في التراجع خلال السنوات المقبلة لصالح المنصات الرقمية، والوضع ذاته سينعكس على معدلات المشاهدة في رمضان، وكفة الإنتاج سوف تتحول لصالح مواقع التواصل.
وحسب دراسة أصدرتها هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية في السعودية عام 2022 فإن متوسط الوقت اليومي المستغرق لمشاهدة منصات الفيديو الرقمي بلغ 1.55 ساعة، و99.9 في المئة يشاهدون مقاطع الفيديو القصيرة، و89.8 في المئة يقومون بمشاركتها، و78.8 في المئة يشاهدون الأفلام والمسلسلات عبر الإنترنت.
وبحسب بحث أعدته كلية الإعلام بجامعة القاهرة مؤخرا على شريحة من الشباب في الفئة العمرية بين 14 إلى 20 عاماً، فإن ما يزيد عن 82 في المئة منهم يتابعون المنصات المختلفة لأكثر من 7 ساعات يومياً.
وقال محمد عادل عجمي، وهو صاحب أحد القنوات المتخصصة على منصة يوتيوب، إن البرامج الشعبوية التي تبدو طاغية على نوعية المحتويات التي تعاقد تيك توك على تقديمها ستكون هي الأبرز في السنوات المقبلة، ما يجعل الهدف الرئيسي ورائها يتمثل في زيادة المتابعين في ظل المنافسة القوية بين شبكات مواقع التواصل الاجتماعي، والمنصة سوف تستفيد من هذا التوجه.
وأوضح عجمي في تصريح لـ”العرب” أنه من المتوقع أن تتزايد معدلات تقديم محتويات من الإنتاج الأصلي لمنصات التواصل، وذلك يساعد في عملية تسريع جذب شريحة من الإعلانات الموجهة من التلفزيون إلى المنصات الرقمية، خاصة مع الاستعانة بمشاهير لديهم القدرة على تحقيق ذلك.
وذكر أن موسم رمضان يحظى بأهمية كبيرة بالنسبة إلى صناع المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة من لديهم أهداف تجارية تتعلق بتحقيق أرباح من وراء هذه المحتويات، وتنعكس زيادة معدلات المشاهدة على تنوع المحتوى المعروض فيما يبدو أن شرائح أخرى لا تقدم محتوى منظما لا تبدي اهتماما بالتوقيت.
وتأتي خطوات تيك توك بعد أن أصبحت منصة يوتيوب الوجهة الأولى لمحبي البرامج الإذاعية الرقمية (بودكاست) عالميًا، ووفقًا لبيانات الشركة الرسمية، فهناك مليار شخص يستمعون إلى البودكاست عبر يوتيوب شهريًا، وهو رقم يتجاوز بكثير ما تحققه آبل وسبوتيفاي مجتمعتين.
ووسط المنافسة بين المنصات، أعلنت يوتيوب أنها ستبدأ اعتبارا من 12 مايو المقبل تقليل عدد الإعلانات المعروضة في منتصف مقاطع الفيديو عندما تكون مزعجة أو مقاطعة لجمل الحوار أو المشاهد المهمة، وسوف تظهر الإعلانات عند أوقات التوقف الطبيعية، أو في لحظات الانتقال، وفقا لما ذكرته الشركة عبر موقعها الرسمي.