تيغراي تسعى لتوريط إريتريا في الأزمة الإثيوبية

يعكس تبني سلطات إقليم تيغراي الإثيوبي للضربات الصاروخية التي طالت إريتريا المخاوف الدولية من الانجرار إلى حرب شاملة تهدد استقرار منطقة القرن الأفريقي الهش. ورغم أن أسمرة لم تبد أي ردّ فعل تجاه الهجمات التي تعرضت لها، إلا أن انخراطها في الأزمة يضع المنطقة بأكملها على فوهة بركان.
أديس أبابا – تبنّت سلطات إقليم تيغراي في إثيوبيا الأحد إطلاق صواريخ استهدفت مطار عاصمة إريتريا المجاورة، في هجوم يعزز المخاوف من اندلاع نزاع واسع النطاق في منطقة القرن الأفريقي.
ويرى مراقبون أن جبهة تحرير شعب تيغراي أثبتت بتبنّيها إطلاق الصواريخ قدرتها على توسيع رقعة النزاع المحلي وتحويله إلى نزاع إقليمي، رغم أن قائد الجيش الإثيوبي برهان جولا كان قد أكد في 5 نوفمبر أن “الحرب لن تصل إلى وسط البلاد” و”ستنتهي” في تيغراي.
ويقول رولاند مارشال الخبير في شؤون القرن الأفريقي في معهد العلوم الفرنسية إنّ جبهة تحرير شعب تيغراي تسعى على الأرجح إلى “تدويل الحرب” لاجتذاب تدخل خارجي وإثارة المشاعر القومية التي تعتقد أنها ستعمل لصالحها.
ويضيف مارشال أنّ توريط إريتريا العدو التاريخي قد “يبرر مقدما تكلفة الحرب على السكان المدنيين” في تيغراي.
واستمرت حرب مدمرة بين إريتريا وإثيوبيا من عام 1998 إلى عام 2000. ووقع البلدان اتفاق سلام قبل عامين، إلا أن حكومة الرئيس الإريتري إسياس أفورقي لا تزال معادية لقيادة تيغراي بعد دورها الدموي في تلك الحرب.
وتتهم جبهة تحرير شعب تيغراي إريتريا بالانخراط في النزاع الإثيوبي عبر دعم حكومة رئيس الوزراء آبي أحمد وهو ما تنفيه أسمرة لكن آبي أحمد لمح له.
وأفاد دبلوماسيون أن عدة صواريخ ضربت العاصمة الإريترية أسمرة، وسقطت على مقربة من المطار، لكن القيود على الاتصالات في تيغراي وإريتريا جعلت التأكد من صحة التقارير أمرا صعبا.
وأعلن آبي أحمد في 4 نوفمبر أنه أمر بشن عمليات عسكرية في تيغراي، في تصعيد للنزاع مع الحزب الحاكم للإقليم.
وقال رئيس إقليم تيغراي دبرتسيون غبر ميكائيل إن “القوات الإثيوبية تستخدم كذلك مطار أسمرة” في عمليتها العسكرية ضد منطقته، ما يجعل المطار “هدفا مشروعا” على حد تعبيره للضربات.
وأضاف غبر ميكائيل أن قواته تخوض معارك ضد “16 كتيبة” تابعة للجيش الإريتري منذ أيام “على عدة جبهات”.
ولم يتضح بعد عدد الصواريخ التي أُطلقت ليل السبت، والموقع الذي انطلقت منه في تيغراي، وإن كانت أصابت أهدافها وحجم الأضرار الناجمة عنها.
وأفادت تقارير عن مقتل المئات في النزاع الدائر في ثاني بلدان أفريقيا لجهة عدد السكان، بعضهم في مجزرة مروعة وثّقتها منظمة العفو الدولية. وحسب ما أفاد مسؤولون سودانيون الأحد، فرّ نحو 25 ألف إثيوبي من المعارك والضربات الجوية في تيغراي، فعبروا الحدود إلى السودان المجاور.
وتضغط الأمم المتحدة من أجل ضمان وصول إنساني كامل إلى تيغراي، حيث يقول المسؤولون في تيغراي إن مئات الآلاف نزحوا داخليا بسبب القتال الذي شهد عدة جولات من الضربات الجوية الحكومية.
وبعدما همّشها تدريجيا آبي أحمد المنتمي إلى عرقية أورومو منذ أن تولى رئاسة الحكومة بعد احتجاجات شعبية، بدأت جبهة تحرير شعب تيغراي منذ أشهر بتحدي الحكومة المركزية.

ومن بين أبرز مظاهر التحدي كان تنظيم انتخابات في تيغراي في سبتمبر، رغم حظر السلطات إجراءها بسبب مخاوف متعلقة بتفشي فايروس كورونا. واعتبرت أديس أبابا الانتخابات “غير شرعية”، وردّت عليها بحملة عسكرية تهدف إلى إعادة إرساء “الشرعية” في المنطقة.
وعلى الرغم من تأكيد جبهة تحرير شعب تيغراي تحييد المدنيين من أبناء عرقية الأمهرة عن النزاع، إلا أن المعارك يمكن أن تعيد إحياء نزاعات محلية مزمنة تخلّلتها اشتباكات عنيفة بين الأمهرة (ثاني أكبر مجموعة عرقية في إثيوبيا بعد أورومو)، وأبناء تيغراي الذين يشكّلون 6 في المئة من السكان.
ووفقا للسلطات الإقليمية في أمهرة، توجّه الآلاف من عناصر ميليشيات الأمهرة إلى تيغراي لمساعدة الجيش الإثيوبي في مواجهة جبهة تحرير شعب تيغراي.
ودعّم نواب إثيوبيون خطة تنصيب إدارة انتقالية في تيغراي، فيما أصدر مسؤولون أوامر اعتقال بحق دبرتسيون وقادة آخرين في الجبهة. وقالت حكومة آبي أحمد إن الجبهة بحاجة إلى نزع سلاحها قبل بدء المفاوضات، ما أحبط قادة العالم الذين يطالبون بوقف فوري للأعمال العدائية.
وإلى ذلك، لا تزال هناك مخاوف من أن الصراع قد يمتد إلى مناطق أخرى في إثيوبيا، في وقت أعلنت فيه جبهة تحرير شعب تيغراي السبت مسؤوليتها عن هجوم صاروخي على مطارين في منطقة أمهرة المتاخمة لتيغراي من الجنوب.
وأعلنت الحكومة الإثيوبية أن الصواريخ تسبّبت بـ”أضرار” في محيط مطاري مدينتي بحر دار، كبرى مدن منطقة أمهرة الواقعة على بعد نحو مئتي كلم عن تيغراي، وقوندر الواقعة على بعد نحو مئة كلم شمالا.
وصرّح المتحدث باسم جبهة تحرير شعب تيغراي غيتاتشيو ريدا لقناة ديمتسي ووياني التلفزيونية المحلية “ألحقنا أضرارا كبيرة بالمكونات العسكرية لمطاري قوندر وبحر دار”، من خلال “ضربات صاروخية”. وكان رئيس إقليم تيغراي قد أفاد بأن “أي مطار يستخدم لمهاجمة تيغراي سيكون هدفا مشروعا”.