توقعات متواضعة لليبيين من تمديد مهمة البعثة الأممية

الدبيبة وحلفاءه لازموا الصمت ولم يصدر عنهم أي موقف بخصوص تعيين مبعوثة جديدة.
الخميس 2025/01/30
ماذا ستحمل البعثة الأممية من جديد إلى ليبيا

من المنتظر أن يجدد مجلس الأمن الدولي خلال الساعات القادمة قراره بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا حتى 21 أكتوبر القادم كإجراء شكلي ينسجم مع الإعلان عن تعيين الغانية هانا سيروا تيتيه، ممثلة خاصة له ورئيسة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، وسط مواقف متباينة للفرقاء الليبيين ما بين التصريحات الدبلوماسية وانتقادات لطريقة البعثة في إدارة الأزمة.

وسيدعو القرار الأممي إلى فرض عقوبات على من يقوضون جهود السلام في ليبيا، ويطالب بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بتسيير حوار بين الجهات الفاعلة لمنع العنف وتصعيد النزاع.

ويأتي القرار الجديد، في ظل الترحيب بتعيين تيتيه على رأس البعثة الأممية لتكون رقم 10 بين مبعوثي الأمم المتحدة منذ العام 2011 وثاني مبعوث أفريقي بعد السنغالي المستقيل من منصبه في أبريل الماضي عبدالله باتيلي.

ويعتبر القرار الأممي الجديد تأكيدا على شرعية الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات يوم 17 ديسمبر 2015، وكذلك خارطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي خلال اجتماعاته في تونس في نوفمبر 2020 وجنيف 2021، وكذلك القوانين الانتخابية المُحدّثة التي أعدتها اللجنة المشتركة من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة (6+6).

مواقف متباينة للفرقاء الليبيين من القرار الأممي ما بين التصريحات الدبلوماسية وانتقادات لطريقة البعثة في إدارة الأزمة

وتتباين ردود الفعل بين الفرقاء الليبيين إزاء المبعوثة الجديدة التي كانت لها مسيرة سياسية ودبلوماسية حافلة، وتعرف بأنها تجيد دراسة ملفاتها واتخاذ المواقف المناسبة ووضع الأفكار الملائمة لحلحلة الأزمات.

وأعرب رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، عن أمله في أن تسهم خبرة تيتيه الدبلوماسية والدولية في تحقيق إنجازات ملموسة من شأنها كسر حالة الانسداد السياسي الراهنة، مشددًا على ضرورة تمهيد الطريق لتحقيق تطلعات الشعب الليبي نحو انتخابات عامة حرة ونزيهة تُرسّخ الاستقرار وتُعزز السلم الاجتماعي في البلاد.

ولاحظ مراقبون أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة وحلفاءه لازموا الصمت ولم يصدر عنهم أي موقف بخصوص تعيين مبعوثة جديدة، فيما أعربت الحكومة الليبية المنبثقة عن مجلس النواب عن تطلعها لأن تؤدي المبعوثة الجديدة مهامها بما يعكس الدور الإيجابي المناط بالبعثة الأممية، وقالت في بيان لها أن “البعثة الأممية يقع على عاتقها دور حاسم في دعم كافة الجهود الليبية الرامية إلى حل الأزمة الليبية بعيدا عن أي محاولات لتقويض هذه الجهود.”

وأشارت إلى أهمية اتباع نهج جديد وعملي من قبل المبعوثة الجديدة في تقديم الدعم اللازم لكافة الأطراف، مع التعامل معهم على قدم المساواة، مشددة على رفضها للسياسات التي انتهجها بعض رؤساء البعثة السابقين، وأعربت عن أملها في أن تعمل حنا تيتيه على تعزيز الحوار الليبي-الليبي كمسار وحيد لإنهاء الانقسامات بجميع أشكالها، مع رفض أي إملاءات خارجية قد تضر بمصلحة البلاد.

ودعا النائب الأول لرئيس مجلس النواب فوزي النويري، الرئيسة الجديدة للبعثة الأممية، إلى التركيز على معالجة الخلافات بين القوى الإقليمية والدولية المتدخلة في ليبيا وتشكيل لجنة دولية لهذا الغرض لضمان الوصول إلى توافق يساعد في استقرار ليبيا، متمنيا “لها النجاح في أداء مهامها، بما يخدم مصلحة الشعب الليبي ويسهم في تحقيق الاستقرار والسلام في البلاد.”

واعتبر النويري “إن الشعب الليبي قد عانى طويلا من التدخلات الخارجية والصراعات التي أدت إلى تعقيد المشهد السياسي والأمني، وهو ما يستدعي من البعثة الأممية تركيز جهودها بتقديم المساعدة في معالجة جذور المشكلة، والتي تكمن أساسا في تضارب المصالح بين الدول الإقليمية والدولية المتدخلة في الشأن الليبي،” وطلب من تيتيه “ضرورة تشكيل لجنة دولية برعاية الأمم المتحدة، تضم الدول المتدخلة في الشأن الليبي بهدف وضع حد للتدخلات السلبية وضمان توافق دولي وإقليمي يساعد في دعم استقرار ليبيا.”

ودعا النويري، تيتيه إلى العمل على “إعادة توجيه دور البعثة الأممية، ليكون معنيا بشكل رئيسي بمعالجة الخلافات بين الدول الإقليمية والدولية بدلا من التركيز فقط على التفاصيل الداخلية التي تمثل انعكاسا لهذه التدخلات،” مردفا أن “استمرار البعثة في تجاهل هذه الأولويات سيؤدي بنا إلى نفس الحلقة المفرغة التي عاشتها ليبيا خلال السنوات الماضية، حيث يتم استبدال المبعوثين دون تحقيق تقدم ملموس في حل الأزمة،” وفق نص البيان.

بدوره، أكد عضو مجلس النواب جبريل أوحيدة، أن تيتيه ستبدأ مهمتها كما فعل سابقوها من خلال لقاءات وصَفَها بأنها بعيدة عن حلول الأزمة الليبية الحقيقية، مشددًا على أن دور البعثة الأممية لا يتجاوز تقديم الدعم لحل ليبي-ليبي يهدف إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية.

وأعرب عن اعتقاده أن تيتيه ستتبنى أفكارًا تتعلق بحقوق المرأة وهواجس أخرى وصفها بأنها اصطناعية، مشيرًا إلى أن مثل هذه القضايا تُستخدم من قبل بعض الدول المتلاعبة بالأزمة الليبية.

القرار الأممي الجديد يعتبر تأكيدا على شرعية الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات يوم 17 ديسمبر 2015

وأعرب أوحيدة في تصريحات صحفية عن قلقه من تكرار سيناريو تجاهل قوانين الانتخابات الرئاسية والتشريعية المتوافق عليها، ورأى أن “سماسرة السياسة الانتهازيين” سيحاولون التأثير على المبعوثة الجديدة، مردفا أن تيتيه قد تستند إلى ما سماه “خطة ستيفاني خوري الهلامية”، التي تتضمن تشكيل لجنة استشارية، متسائلًا عن أهدافها، اختصاصاتها، وشرعيتها.

وعبر عن أمله في أن تكون المبعوثة الجديدة جادة في مساعيها، عبر العمل على إيصال الليبيين إلى انتخابات نزيهة بناء على القوانين المتوافق عليها، ومعالجة أي عراقيل فنية. كما دعا إلى التفكير خارج الصندوق لتجنب تكرار التجارب الفاشلة.

من جهتها أعربت جامعة الدول العربية عن ترحيبها بتعيين تيتيه في منصبها الجديد، مؤكدة ثقة الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في قدرة “تيتيه”، بما تملكه من خبرات، على قيادة البعثة الأممية لتحقيق أهدافها وفقا للتفويض الممنوح لها من مجلس الأمن.

ورحب المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند بتعيين، تيتيه فيما أكد القائم بأعمال السفارة الأميركية لدي ليبيا، جيرمي برنت أنه يتطلع إلى التعاون معها لدعم جهود البعثة الأممية لمساعدة الليبيين على تجاوز الانقسامات ووضع خارطة طريق موثوقة نحو الانتخابات الوطنية وتحقيق الاستقرار والوحدة في ليبيا.

كما أعرب الاتحاد الأوروبي عن ترحيبه بالتعيين، مؤكدا دعمه لجهود الوساطة التي تبذلها الأمم المتحدة والتزامه بحل سياسي مستدام عبر حوار شامل بين الليبيين، ومثله فعل السفير البريطاني في ليبيا، مؤكدا تطلع بلاده لمواصلة الشراكة الوثيقة مع بعثة الأمم المتحدة لدعم حل سياسي شامل في ليبيا.

وأكد السفير الفرنسي في ليبيا مصطفى مهراج أن بلاده ستواصل دعمها الكامل للبعثة الأممية في ليبيا، والجهود التي ستبذلها تيتيه للوصول إلى حل سياسي شامل ينهي الأزمة السياسية في ليبيا.

4