توزيعات أرباح أرامكو حيوية للإنفاق الضخم في السعودية

الرياض - رجح محللون أن تؤكد نتائج أرامكو لعام 2024 بالكامل والمقرر صدورها الثلاثاء، مرة أخرى على أهمية أكبر شركة نفط مدرجة في العالم لخطط التنمية الاقتصادية للسعودية ذات الإنفاق الكبير.
وستعلن الشركة عن كيفية تغيير توزيعاتها السنوية البالغة 124 مليار دولار للمساهمين، بينما تستمر في بعض المدفوعات المرتفعة وتترك الميزانية العامة لسنة 2025 تتحمل الألم المتزايد، أو تخفض التوزيع وتخاطر بتوسيع عجز الميزانية.
وتتوقع أرامكو الإعلان عن توزيعات أرباح الربع الرابع من العام الماضي، وهي مدفوعات تعد مصدرا أساسيا لإيرادات الدولة، بقيمة 31.1 مليار دولار، وهو نفس المبلغ الذي تم دفعه في الأرباع الثلاثة السابقة.
ومن شأن ذلك أن يعزز إجمالي أرباحها لعام 2024 والتي تعادل 34 في المئة من الإنفاق الحكومي للعام الماضي والبالغ نحو 360 مليار دولار، وفقا لحسابات شركة أي.جي.بي.آي، بينما بلغ العجز نحو 30.73 مليار دولار.
وقدمت أرامكو توزيعات أرباح إضافية “مرتبطة بالأداء” في عام 2023، وهو ما أدى إلى زيادة المدفوعات بشكل كبير.
وعلى افتراض أن صافي الربح في الربع الرابع يتماشى مع صافي ربح الأشهر التسعة الأولى من 2024، فإن نسبة التوزيعات إلى إجمالي الأرباح في أرامكو ستكون 110 في المئة أو ببساطة ستدفع أرامكو أكثر مما حققته.
وترى وكالة بلومبيرغ أن القرار قد يؤثر على طروحات السعودية من السندات السيادية، حيث باعت العام الحالي سندات بقيمة 15 مليار دولار تقريبا لتصبح أكبر مصدر لأدوات الدين بين الاقتصادات الناشئة.
وحصيلة مبيعات أرامكو وتوزيعاتها النقدية الكبيرة عناصر أساسية في خطة التحول الاقتصادي التي يتبناها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والتي تبلغ قيمتها تريليونات الدولارات.
ولكن مستوى التوزيعات تجاوز أرباح الشركة، ما زاد من الضغوط على ميزانيتها العمومية وتحولت إلى شركة مدينة، بعد أن كان لديها فائض مالي بأكثر من 27 مليار دولار منذ عام واحد فقط.
ونسبت بلومبيرغ إلى سامسارا وانغ، محللة الديون السيادية في شركة باينبريدج إنفستمنتس، قوله “تعد أرباح أرامكو مصدرا رئيسيا للإيرادات، وتمويل مشاريع ومبادرات حكومية مختلفة.”
وفي حين يمكن أن تساعد توزيعات أرامكو الإضافية في تخفيف ضغوط التمويل على الحكومة، من المحتمل، وفق وانغ، أن تبيع الأخيرة سندات بما بين 5 و6 مليارات دولار أخرى هذا العام.
ولم يؤثر انخفاض عائدات النفط كثيرا على خطط التحول في السعودية. فقد تم منح مبلغ قياسي قدره 146 مليار دولار للمشاريع في العام الماضي، وهو ما أدى إلى تضخم القيمة الإجمالية إلى 421 مليار دولار، وفقا لمذكرة صادرة عن بنك أبوظبي التجاري.
أرامكو قدمت توزيعات أرباح إضافية "مرتبطة بالأداء" في عام 2023، وهو ما أدى إلى زيادة المدفوعات بشكل كبير
ويقول جاستن ألكسندر، مدير شركة الاستشارات خليج إيكونوميكس، إن العجز المالي في العام الماضي كان ليتضاعف إلى 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لولا توزيعات الأرباح المرتبطة بالأداء التي تقدمها أرامكو.
وبحسب ألكسندر يبدو أن ميزانية 2025 تفترض إيرادات أقل قليلاً من إيرادات 2024، ولكنها لا تزال تبدو متفائلة إذا لم يكن هناك توزيعات أرباح مرتبطة بالأداء.
ويتوقع هو وفيجاي فاليشا، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة سنتشري فاينانشال في دبي، أن تلغي أرامكو توزيعات الأرباح المرتبطة بالأداء، والتي تقول الشركة إنها ستستمر لمدة ستة أرباع من الربع الثالث من عام 2023 فصاعدًا.
وفي يناير الماضي توقع صندوق النقد الدولي أن يتوسع الاقتصاد السعودي بنسبة 3.3 في المئة هذا العام، مقلصا توقعاته في أكتوبر بنمو 4.6 في المئة خلال 2025، نتيجة لخفض إنتاج النفط.
ودفع انخفاض عائدات الخام الحكومة إلى الاقتراض أكثر. وأظهرت بيانات رسمية أن الدين الحكومي سيصل إلى مستوى قياسي بلغ 1.22 تريليون ريال سعودي في عام 2024، بزيادة 16 في المئة مقارنة بالعام السابق وزيادة بنحو 10 أضعاف منذ عام 2015.
حصيلة مبيعات أرامكو وتوزيعاتها النقدية الكبيرة عناصر أساسية في خطة التحول الاقتصادي التي يتبناها الأمير محمد بن سلمان
وأدى هذا إلى رفع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 29.7 في المئة في 2024 من 5.7 في المئة فقط في عام 2015.
ولا يزال هذا أقل بكثير من معظم الاقتصادات المتقدمة مثل اليابان بنحو 225 في المئة، والولايات المتحدة بمقدار 135 في المئة والمملكة المتحدة بحوالي 99 في المئة، وفقًا لبيانات وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني.
وبلغ متوسط إنتاج النفط 9 ملايين برميل من النفط يوميًا في عام 2024، وهو أدنى إنتاج للبلاد منذ عام 2019 على الأقل. ومن المرجح أن يظل عند نفس المستوى في عامي 2025 و2026، وفقا لتقديرات بنك أبوظبي التجاري.
كما يتوقع بنك أبوظبي أن يبلغ متوسط أسعار النفط الخام 72.5 دولار للبرميل هذا العام و70 دولارًا في 2026، انخفاضًا من 79.9 دولارًا في عام 2024. وهذا خبر سيء آخر لنتائج أرامكو النهائية وفرص استمرار توزيع الأرباح على الأداء لفترة أطول.
ويقول فاليشا “إذا خفضت أرامكو توزيع الأرباح إلى جانب انخفاض توقعات النمو الاقتصادي، فهناك احتمال ألا تتمكن البلاد من جمع الكثير من المال من السندات كما كان من قبل، وهو ما يعيق قدرتها على تمويل المشاريع.”
وأوضح أنه من أجل تغطية العجز ستضطر السعودية إلى الاقتراض أكثر أو حتى تقليص الخطط ويتمثل حل آخر في بيع حصة ثالثة في أرامكو. وقد جمعت الثانية، في العام الماضي، حوالي 12 مليار دولار للحكومة.
ولكن وقف توزيع الأرباح على المساهمين سيقلل من عائد أرامكو، التي انخفض سهمها بنسبة 14.5 في المئة خلال الاثني عشر شهرا حتى يوم 24 فبراير الماضي، وجاذبيتها للمستثمرين المحتملين.
وتقدم الشركة عائدا على الأرباح بنسبة 7.1 في المئة، وفقا لشركة سبملي وول ستريت، وهو أعلى بشكل مريح من شركات النفط الكبرى في أوروبا والولايات المتحدة ولكنه أقل من شركات النفط الثلاث الكبرى في الصين وشركة بتروبراس البرازيلية.