توجه ليبي نحو حلحلة أزمة المصرف المركزي بتعيين قيادة مؤقتة

تتجه الأطراف الليبية نحو معالجة أزمة مصرف ليبيا المركزي التي دخلت شهرها الثاني، من خلال اتفاق مبدئي بين مجلسي النواب والرئاسي يقضي بتعيين إدارة مؤقتة للمؤسسة المالية، في خطوة لتجاوز تداعيات القرارات الأحادية للمجلس الرئاسي.
توّصل مجلسا النواب والأعلى للدولة في ليبيا إلى اتفاق مبدئي لإنهاء أزمة المصرف المركزي، من خلال تعيين إدارة مؤقتة جديدة تتولى تسيير أعمال المصرف، بعد عدة جولات من المفاوضات.
وحسب مخرجات الاتفاق الذي نشرته وسائل إعلام محلية، ستتم تسمية ناجي عيسى محافظا جديدا للمصرف، فيما سيكون مرعي البرعصي نائبا له، كما سيتم تشكيل مجلس إدارة مكون من 7 أعضاء، يتم اختيارهم بالتساوي بين أقاليم ليبيا الثلاثة (برقة، طرابلس وفزان)، وذلك في مدة أقصاها أسبوعان من تسلم المهام.
وقالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في بيان لها الأربعاء إن مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وقعا على اتفاق يتناول الإجراءات والمعايير والجداول الزمنية لتعيين محافظ ونائب محافظ ومجلس إدارة لمصرف ليبيا المركزي. ويمكن أن يساعد الاتفاق في نزع فتيل أزمة تتعلق بقيادة مصرف ليبيا المركزي وإيرادات النفط والتي أدت إلى خفض إنتاج الخام الليبي وصادراته.
واستأنف ممثلو المجلس الرئاسي ومجلسي النواب والدولة الليبيين الأربعاء مشاوراتهم تحت مظلة الأمم المتحدة بخصوص أزمة المصرف المركزي، وذلك من أجل التوصل إلى اتفاق لتجاوز المواجهة المفتوحة التي اندلعت منذ الثامن عشر من سبتمبر الماضي بسبب القرار الأحادي المتخذ من قبل الرئاسي بشأن إقالة محافظ المصرف الصديق الكبير وتعيين محافظ ومجلس إدارة جديدين.
ورجحت مصادر مطلعة أن يتم الإعلان عن حل مؤقت للأزمة بما يسمح بعودة تدفق النفط الليبي إلى الأسواق العالمية، ويحول دون المزيد من تدهور قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية. وأكدت المصادر أن الموقف الأميركي الأخير كان له صداه بين الفرقاء الليبيين، وساهم في الدفع نحو البحث عن حل جدي للأزمة قبل تفاقمها إلى حد فرض وصاية دولية على إيرادات النفط وتطبيق برنامج "النفط مقابل الغذاء".
وقال مستشار المجلس الرئاسي وممثله في مشاورات البعثة الأممية بشأن مصرف ليبيا المركزي زياد دغيم في تصريحات له الثلاثاء، إن الأطراف المعنية اتفقت نهائيا على تعيين إدارة مؤقتة لمصرف ليبيا المركزي، لمدة عام على الأقل، يضم المحافظ، ونائبه، وتعيين مجلس إدارة جديد.
وأضاف “لدينا بعض الإشكاليات في تحديد مرجعية أو اختصاص تعيين مجلس الإدارة، في ظل استمرار غياب تشريع يحدد الوصف الوظيفي العام، ومنها كبار الموظفين، وهو اختصاص المجلس الرئاسي دستوريا، لكن هذه الإشكاليات قابلة للحل". وكانت وسائل إعلام محلية، قد تحدثت عن توّصل مجلسي النواب والأعلى للدولة الليبية، إلى اتفاق أولي لإنهاء أزمة المصرف المركزي، يقضي بتعيين إدارة مؤقتة جديدة تتولى تسيير أعمال المصرف.
وكشفت أوساط ليبية من داخل دائرة المشاورات التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة أنه تم التوصل بالفعل إلى اتفاق نهائي لتعيين إدارة مؤقتة لمصرف ليبيا المركزي، وأن المشاورات ترتكز مع جهات دولية حول الوسائل المجدية التي يمكن أن تنقذ المصرف المركزي من الصراع السياسي وتحمي قراراته السيادية من تجاذبات الفرقاء.
وبحسب الأوساط، فإن منصب المحافظ سيكون من نصيب ناجي عيسى الذي سبق أن تولى عدة مهام بالمصرف المركزي من بينها مدير إدارة الدراسات والبحوث ومدير إدارة الرقابة على المصارف والنقد الأجنبي، بينما سيواصل مرعي البرعصي تولي منصب نائب المحافظ، على أن يضم مجلس الإدارة ثلاثة أعضاء من طرابلس وثلاثة من برقة وعضوا واحدا من فزان.
ويرى مراقبون أن ضغوطا من عواصم إقليمية وعالمية دفعت نحو تقريب وجهات النظر بين المجالس الثلاثة بما يساعد على حلحلة الأزمة، لاسيما بعد تصريحات المبعوث الأميركي الخاص والسفير لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، الذي اعتبر أن الخطوة الأخيرة التي اتخذها المجلس الرئاسي الليبي بإقالة الصديق الكبير كانت عبارة عن إجراءات أحادية وتأتي في إطار الإجراءات الأحادية الكثيرة والتي اتخذتها الأطراف الشرقية والغربية في الأسابيع والأشهر الأخيرة ومن جهة ما كانت الخطوة محفوفة بالمخاطر، مشيرا إلى أن بلاده تشعر في الوقت الحالي بالقلق من أن الجهود المبذولة للوصول إلى حل قد تتحول إلى حلقة مفرغة، مردفا أن الجميع يدركون الحاجة الملحة إلى التوصل إلى قرار بشأن قيادة البنك المركزي وأي قيادة ذات مصداقية مبنية على الإجماع في أسرع وقت ممكن.
وبينما قبلت محكمة استئناف الزاوية طعن الصديق الكبير ضد رئيس المجلس الرئاسي، والممثل القانوني للمجلس، وتقضي بانعدام قرار تكليف محمد الشكري كمحافظ لمصرف ليبيا المركزي، أعلن الشكري استعداده لتولي مهام محافظ مصرف ليبيا المركزي في حال توافق مجلسي النواب والدولة وطبقا للقوانين السارية.
وكان الشكري رفض قرار تعيينه محافظا للمصرف المركزي من دون موافقة المجلسين، وهو ما جعل إدارة المصرف تؤول بالوكالة إلى مساعده عبدالفتاح عبدالغفار الذي أدار شؤون المؤسسة في ظل استمرار حالة الجدل بشأنها بين القوى المؤثرة الداخلية والخارجية.