توجس في العراق من تأثير زيارة الكاظم على معدلات انتشار كورونا

مخاوف من تفشي فايروس كورونا في ظل تواصل حركة الأفراد الهائلة بين العراق وإيران.
الأربعاء 2020/03/25
خطر داهم حتّم الجمع بين الكمامة والعمامة

بغداد – على غرار معظم بلدان العالم، تسود العراق المخاوف من تفشي فايروس كورونا، رغم معدلات الإصابة المنخفضة في البلاد إلى حد الآن.

ورغم العلاقات الواسعة بين العراق وإيران التي تحوّلت إلى بؤرة لانتشار الفايروس، ورغم حركة تنقّل الأفراد الهائلة بين البلدين، فإن العراق كسر التوقعات التي أشارت إلى أنه سيتحول إلى بؤرة كبيرة للمرض.

وبنيت هذه التوقعات على عاملين، الأول يتعلق بمجاورة إيران والتزاور الشعبي والتبادل التجاري الكبيرين معها، والثاني النظام الصحي العراقي، الذي لم يتعرض إلى تجديد وإصلاحات حقيقية منذ ثمانينات القرن الماضي.

وتوقع كثيرون أن يتعرض العراق إلى ضربة كبيرة بسبب فايروس كورونا، وأن يكون عدد الضحايا هناك مضاعفا عدة مرات عن إيران التي تملك نظاما صحيا أفضل كثيرا من النظام الصحي العراقي، كما تملك أجهزة أمنية متماسكة يمكنها تطبيق سياسات العزل والحجر والحظر التي تقتضيها مواجهة الوباء، بعكس العراق الذي لم تتمكن فيه القوات المسلحة من إبقاء الناس في منازلهم رغم محاولاتها المستمرة.

وارتبطت مخاوف العراقيين بعودة الآلاف من إيران خلال الأسابيع الماضية حيث كانوا موجودين هناك لأسباب مختلفة، يتعلّق معظمها بالسياحة الدينية. وعندما عاد ما يصل إلى 30 ألف فرد من إيران إلى العراق، كان فايروس كورونا قد خرج عن سيطرة السلطات الإيرانية، ما دفع المختصين إلى توقع أن يتحول العراق إلى بؤرة كبيرة للوباء.

لكن الأسابيع التالية مرت من دون تسجيل معدلات إصابة كبيرة، ما أشاع نوعا من الطمأنينة الشعبية، رغم الشكوك في النظام الصحي وقدرته الفعلية على اكتشاف الإصابات. وعاد منسوب المخاوف إلى الصعود مجددا يومي الجمعة والسبت الماضيين، عندما خرج الآلاف من المسلمين الشيعة لأداء زيارة ذكرى وفاة الإمام موسى الكاظم في بغداد، رغم الجدل الذي أحاط بها، والانقسام الذي ولّدته.

وعادت التوقعات المتشائمة إلى الهيمنة على المشهد العام، لاسيما مع انتشار صور وتسجيلات فيديوية لزوار في بغداد وهم يتلامسون أو يأكلون ويشربون بشكل جماعي من مصدر واحد.

وقال ممثل منظمة الصحة العالمية إن هناك حاجة للانتظار أربعة أيام على الأقل للتأكد ما إذا كانت ظروف الزيارة، قد تسببت في نشر العدوى بالفايروس، محذّرا من التهاون في الأمر.

تفاوت في معدّلات احترام إجراءات العزل الصحي وحظر التجوال بين مناطق السنّة ومناطق الشيعة في العراق

ومساء الأحد، طالب مدير الصحة في جانب الكرخ من بغداد كل من شارك في الزيارة وشعر بأعراض ولو خفيفة للإصابة، إلى مراجعة مراكز الفحص مع ارتداء الكمامة.

وتعرض أتباع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر للكثير من اللوم، لأنهم أصروا على القيام بطقوس الزيارة، بعدما اعترض الصدر علنا على إجراءات وزارة الصحة بإغلاق المراقد الشيعية في العراق.

وشددت القوات الأمنية إجراءات الدخول والخروج من وإلى مدينة الصدر، شرق بغداد، بعد انتهاء الزيارة، فيما انتشرت العديد من الفرق الإضافية داخل المراكز الصحية، استعدادا للتعامل مع وضع طارئ.

لكن حسابات التواصل الاجتماعي في العراق، تعاملت بشيء من النكتة مع هذا التطور. وكتب مدونون أن “شيعة أهل البيت في العراق، في طريقهم إلى الانقراض بسبب زيارة الكاظم، وعلى السنّة أن يحملوا الراية”.

وطالب مدونون آخرون من أصدقائهم السنّة أن يتعلموا طقوس الزيارات الدينية، ومن بينها طريقة طبخ أكلة عراقية شهيرة جدا، تدعى”القيمة”، حفاظا على التقاليد الشيعية.

لكن التدوينة التي لقيت أكبر قدر من التفاعل الساخر، هي تعزية وجهها مدون للإمام الكاظم بوفاة شيعته في العراق بعد مراسم زيارته في بغداد.

وتحيل هذه السخرية إلى حقيقة أن التزام المناطق التي يسكنها السنة في بغداد، مثل أحياء الجامعة والخضراء والمنصور واليرموك بحظر التجوال الذي تطبقه الحكومة، هو أعلى بكثير مما يحدث في المناطق التي يغلب الشيعة على سكانها، لأسباب مختلفة، منها ما يتعلق بصعوبة فرض القانون في المناطق الشيعية.

ويشيع في المناطق الشيعية امتلاك الأسلحة الشخصية والانتماء إلى الجيش والشرطة ومختلف الأجهزة الأمنية، فضلا عن الميليشيات والمجموعات التي توفر الصلة بها غطاء يمنع الدولة من تطبيق القانون، في حين أن العثور على قطعة سلاح أو أكثر في منزل شخص ينتمي إلى الطائفة السنية ببغداد قد يورطه في تهمة إرهابية، في حال لم يقدم تبريرا مقنعا.

وفي الأنبار على سبيل المثال، وهي أكبر محافظة سنية في العراق، تمكنت السلطات الأمنية في إفراغ الشوارع بشكل شبه كلي، وقيدت الحركة على نحو كبير، رغم أنها سجلت حالة إصابة واحدة بكورونا حتى الآن، تماثلت للشفاء وغادرت المستشفى.

وبمجرد نزول آليات الشرطة إلى مدن الأنبار، مثل الفلوجة والرمادي وهيت، خلت الشوارع الرئيسية من الحركة كليا، واقتصرت على التجوال في الأزقة الفرعية على المخولين من رجال الأمن وموظفي الصحة.

لكن تطبيق هذا الأمر في مدينة مثل البصرة، شكل تحديا هائلا للسلطات الأمنية، التي جربت اعتقال بعض من يكسرون حظر التجوال للتدليل على جديتها، من دون فائدة.

3