توافق غربي على تحميل بيلاروس مسؤولية تدفق المهاجرين

يتصاعد التوتر على الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي مع بيلاروس على خلفية تفاقم أزمة المهاجرين. وتندد دول أوروبية والولايات المتحدة بسياسة بيلاروس التي تستخدم اللاجئين ورقة سياسية ردا على العقوبات الأوروبية ضدها.
برلين – تشهد الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي تصعيدا في التوتر على خلفية أزمة تدفق اللاجئين على الحدود مع بيلاروس، التي تتهمها كل من بروكسل وواشنطن بـ”التلاعب” بالمهاجرين لأهداف سياسية، فيما دان الحلف الأطلسي “تكتيكا هجينا”.
وتحض ألمانيا الاتحاد الأوروبي على تشكيل “جبهة موحدة” في وجه أزمة الهجرة، وطالبت المفوضية الأوروبية بـ”اتخاذ إجراءات” للحد من تدفق المهاجرين من بيلاروس إلى جارتها بولندا العضو في الاتحاد الأوروبي، والتي تحظى بدعم كبير من ألمانيا في هذا الملف، رغم الخلاف في ملفات أخرى تتعلق بالقيم الأوروبية.
وتعتبر ألمانيا المقصد الرئيسي للمهاجرين، حيث دخل البلاد حتى الآن هذا العام بشكل غير شرعي 8833 شخصا عبر بيلاروس حسبما ذكرت الشرطة الاتحادية.
وأعرب هورست زيهوفر وزير الداخلية في حكومة تسيير الأعمال في ألمانيا عن اعتقاده بأن ألمانيا وبولندا لا يمكنهما التغلب على هذا الموقف بمفردهما.
وقال زيهوفر في تصريحات لصحيفة “بيلد” الألمانية الصادرة الثلاثاء، إنه يرى أن بولندا تصرفت حتى الآن على نحو صحيح، وأضاف ”إننا بحاجة إلى تأمين بنائي للحدود، ويجب علينا أن ندعم البولنديين في هذا الشأن بشكل علني”.
وتابع ”لا يمكننا أن ننتقد البولنديين لأنهم يحمون الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي بالوسائل المسموح بها، ولا أعني بالطبع باستخدام الأسلحة النارية ولكن باستخدام الخيارات الأخرى الموجودة”.
وتعرضت بولندا لانتقادات بسبب صد المهاجرين واللاجئين على حدودها، ببناء سياج من الأسلاك الشائكة للتعامل مع أعداد كبيرة من الأشخاص وصلوا في الآونة الأخيرة.
ويجد هؤلاء الأشخاص أنفسهم عالقين في غابات بولندا، نظرا لطرد بولندا لهم ورفض بيلاروس السماح لهم بالعودة. وقد مات العديد منهم بسبب انخفاض درجات الحرارة.
ويقول نشطاء إن المهاجرين والكثير منهم، شبانا ونساء وأطفالا، يُستخدمون كقطع في لعبة سياسية بين بيلاروس وجيرانها.
ويؤكد الاتحاد الأوروبي أن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو يثير هذا التدفق من المهاجرين انتقاما من عقوبات الاتحاد.
وكانت هذه الإجراءات قد فرضت بعد حملة القمع التي شنها لوكاشينكو على الاحتجاجات الجماهيرية في أعقاب الانتخابات الرئاسية العام الماضي التي فقدت مصداقيتها على نطاق واسع، واعتقال صحافي منشق على متن طائرة تابعة لشركة ريان إير اضطرت للهبوط في منسك.
ويهدد الاتحاد الأوروبي بتشديد العقوبات على بيلاروس، وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن الاتحاد الأوروبي سينظر في تمديد العقوبات لتشمل “شركات طيران الدول الثالثة” المشاركة في نقل المهاجرين إلى بيلاروس.
وذكرت المفوضية الأوروبية أنها حثت بولندا مرارا على قبول المساعدات وقالت إن وكالة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي (فرونتيكس) ووكالة اللجوء (إيسو) ووكالة الشرطة (يوروبول) مستعدة جميعها للمساعدة في تسجيل المهاجرين ومعالجة طلبات اللجوء والمساعدة في مكافحة التهريب، لكنها قالت إنه سيتعين على بولندا طلب المساعدة.
وأعرب حلف شمال الأطلسي عن قلقه حيال “التصعيد” على الحدود مع بولندا، وأبدى استعداده “للحفاظ على سلامة وأمن المنطقة”.
وحشدت بولندا الآلاف من الجنود على الحدود وأقامت سياجا وأعلنت حال الطوارئ وحظرت على الصحافيين العمل في المنطقة.
وحذر رئيس الوزراء البولندي ماتوش مورافيتسكي الثلاثاء من أن الموجة غير المسبوقة للمهاجرين الذين يحاولون دخول بلاده بطريقة غير قانونية من بيلاروس “تهدد أمن الاتحاد الأوروبي برمته”.
وقال مورافيتسكي في تغريدة إن “إغلاق الحدود البولندية من مصلحتنا الوطنية، لكن استقرار وأمن الاتحاد الأوروبي برمته على المحك اليوم”.
ورأى أن سياسات الرئيس البيلاروسي لوكاشينكو في التعامل مع ملف المهاجرين بمنزلة “هجوم هجين” يستهدف جميع دول الاتحاد.
وأضاف “لن نخاف، وسندافع عن السلام في أوروبا مع شركائنا من الناتو (خلف شمال الأطلسي) والاتحاد الأوروبي”.
ودعت الحكومة البولندية إلى قمة طارئة تزامنا مع نشر 12 ألفا من قوات حرس الحدود في المنطقة التي شهدت محاولات التسلل عبر الحدود.
وأغلقت السلطات البولندية المعبر الحدودي مع بيلاروس في كوجنيتسا صباح الثلاثاء، لوقف تسلل اللاجئين.
وفي غضون ذلك، حركت ليتوانيا قوات في اتجاه الحدود مع بيلاروس استعدادا لمواجهة المزيد من التدفق المحتمل للمهاجرين مع دراسة إمكانية إعلان حالة الطوارئ.
كما حثت الولايات المتحدة رئيس بيلاروسيا على “الوقف الفوري للحملات التي تتضمن التخطيط للتدفق غير النظامي للمهاجرين والدفع بهم إلى أوروبا عبر حدود بلاده”.
بولندا حشدت الآلاف من الجنود على الحدود وأقامت سياجا وأعلنت حال الطوارئ وحظرت على الصحافيين العمل في المنطقة
وفي المقابل رفض وزير الدفاع البيلاروسي إيفان كوبراكوف الاتهامات بتدبير موجة الهجرة معتبرا أن “لا أساس ولا مبرر لها”.
وحذرت بيلاروس بولندا من القيام بـ”استفزازات” على الحدود المشتركة، وأعلنت وزارة الخارجية البيلاروسية في بيان الثلاثاء “نحذر مسبقا الطرف البولندي من اللجوء إلى أي استفزاز لتبرير أعمال حربية جديدة غير مشروعة” ضد المهاجرين الذين وصفتهم بأنهم “أشخاص مستضعفون غير مسلحين بينهم العديد من النساء والأطفال”.
وتتهم بيلاروس بولندا بنشر حوالي عشرة آلاف عسكري على الحدود المشتركة دون إخطارها، ما يشكل برأيها “نشاطا عسكريا كثيفا” و”انتهاكا للاتفاقات الثنائية”.
ويتجمع حوالي أربعة آلاف مهاجر قرب كوشنيتسا بحسب أجهزة الاستخبارات البولندية. وأظهرت مقاطع فيديو نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي طابورا من الأشخاص، بينهم نساء وأطفال، يسيرون في اتجاه الحدود البولندية في بيلاروس.
وأظهرت مقاطع فيديو أخرى أعدادا كبيرة من المهاجرين يرافقهم رجال مسلحون يرتدون الزي الكاكي.
وفي لقطات أخرى متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن رؤية حشود من المهاجرين يحاولون اختراق سياج من الأسلاك الشائكة على الحدود، لكن حرس الحدود البولنديين منعوهم من المرور.
وقالت وكالة حرس الحدود البيلاروسية لوسائل إعلام رسمية في وقت سابق إن أكثر من 2000 “لاجئ” تجمعوا أمام الحواجز البولندية.
وأضافت الوكالة أنهم كانوا متجهين إلى الاتحاد الأوروبي “حيث يريدون التقدم بطلب الحماية”.
وصرح المتحدث باسم الوزير المكلف بالتنسيق بين الأجهزة الخاصة ستانيسلاف جارين للإذاعة البولندية “تشير تقديراتنا إلى أن هناك ربما 12 إلى 15 ألف مهاجر في بيلاروس”.
لكن وزير الداخلية البيلاروسي كوبراكوف أكد أن المهاجرين موجودون على أراضي بيلاروس “بصورة قانونية” وهم لم يرتكبوا “أي انتهاك للقانون”.