تناول الأسبرين مفيد لمرضى سرطان الكبد

واشنطن – أظهرت دراسة أميركية حديثة أن تناول عقار الأسبرين الشهير يحسن وظائف الكبد، لدى المرضى المصابين بسرطان الكبد.
أجرى الدراسة باحثون في مركز ميموريال سلون كيترينج للسرطان بمدينة نيويورك الأميركية، ونشروا نتائجها في العدد الأخير من دورية “أميركان جورنال أوف ريونتجينولوجي” العلمية.
وللوصول إلى نتائج الدراسة، راقب الباحثون 304 مرضى مصابين بسرطان الكبد، من بينهم 42 مريضًا تناولوا الأسبرين. ووجد الباحثون أن المرضى الذين تناولوا عقار الأسبرين، تحسنت لديهم وظائف الكبد، وزاد لديهم معدل البقاء على قيد الحياة، مقارنة بأقرانهم ممن لم يتناولوا الأسبرين.
وقال الدكتور إدوارد بواس، قائد فريق البحث، “أثبتت الدراسة أن التغييرات الإيجابية الطفيفة في نتائج اختبار وظائف الكيمياء الحيوية للكبد، نتيجة تناول الأسبرين، قد تقلل من درجة إصابة الكبد”. وكانت عدة أبحاث سابقة قد أشارت إلى أن جرعات منخفضة من الأسبرين كعلاج يومي تحمي من السرطان، ولكن هناك القليل من الأدلة السريرية على ما إذا كان الاستخدام العادي للأسبرين يمكن أن يمنع سرطان الكبد لدى الأشخاص الذين يعانون من التهاب الكبد الوبائي “ب”.
وفي إحدى الدراسات، قام الباحثون في جامعة “واشنطن” الأميركية، بتحليل البيانات بين حوالي 205.000 من المرضى المصابين بالتهاب الكبد الوبائي المزمن “ب”. ووجدوا أن أولئك الذين يتناولون الأسبرين بصورة يومية كانوا أقل عرضة لتطور سرطان الكبد على مدى خمس سنوات، مقارنة بأولئك الذين لم يتناولوه.
المرضى الذين تناولوا عقار الأسبرين، تحسنت لديهم وظائف الكبد، وزاد لديهم معدل البقاء على قيد الحياة، مقارنة بأقرانهم
يأتي ذلك في الوقت الذي كشفت فيه “الجمعية الأميركية لأمراض الكبد” أن هناك حوالي 240 مليون شخص يعانون من أمراض التهاب الكبد الوبائي المزمن “ب” في مختلف أنحاء العالم.
وقال الدكتور تنج يو لي، رئيس قسم الجهاز الهضمي في مستشفى “تايتشونغ قدامى المحاربين العام”، في تايوان، إنه في الوقت الذي يمكن أن تقلل فيه الأدوية المضادة للفيروسات خطر الإصابة بسرطان الكبد لدى الأشخاص المصابين بفيروس التهاب الكبد الوبائي “ب”، لا تقضي عليه، ولا تكون مناسبة لجميع أنواع المرضى.
وأشار يو لي إلى أنه من أجل الوقاية الفعالة من سرطان الكبد المتربط بالتهاب الكبد الوبائي المزمن “ب”، يمكن أن تساعد نتائج هذه الدراسة على علاج مرضى الكبد المصابين بفيروس التهاب الكبد الوبائي المزمن، خاصة بالنسبة إلى أولئك الذين لم يوصف لهم العلاج بمضادات الفيروسات. كما وصفت إحدى الدراسات التابعة لمستشفى ماساتشوستس في أميركا الأسبرين بقاتل سرطان الكبد في بداياته. وأوضحت الدراسة أن تناول حبتين أو أكثر أسبوعيا، وعلى مدار 5 سنوات على الأقل، يعني تضاؤل فرص المعاناة من سرطان الكبد الخطير، وهو المرض الذي غالبا ما يكتشف المرضى إصابتهم به في وقت متأخر، ليؤدي إلى وفاتهم في فترة لا تتجاوز بضعة أشهر.
وتوصل الباحثون إلى تلك النتائج المبهرة، بعد فحص التاريخ الصحي لأكثر من 170 ألف مريض، على مدار 30 عاما. وقد اكتشفوا أن تناول حبتين أو أكثر من الأسبرين بصفة أسبوعية، أدى إلى انخفاض حاد في فرص المعاناة من سرطان الكبد، وبنسبة وصلت إلى 49 بالمئة، فيما ترتفع النسبة إلى نحو 59 بالمئة، لدى هؤلاء ممن انتظموا في الحصول على الأسبرين لأكثر من 5 سنوات.
تؤكد الباحثة ترايسي سايمون على حقيقة تلك النتائج، قائلة “وجدنا أن تناول الأسبرين يمكنه التقليل من مخاطر الإصابة بسرطان الكبد، مقارنةً بمن لا يحصلون على الأسبرين إلا بنسب بسيطة، علما بأن التليف الكبدي الذي يصاب به المريض جراء عدوى التهاب الكبد، يعد هو المتسبب الأول في الإصابة بهذا النوع من السرطان”.
وترى الباحثة من جامعة ماساتشوستس أن طول الفترة الزمنية التي يتناول فيها المرء أقراص الأسبرين، لها أكبر الأثر على تقليل فرص المعاناة من المرض الخبيث. وأوضحت قائلة “يحتاج مرض سرطان الكبد إلى سنوات عديدة لينمو داخل جسد المريض، لذا فالحصول على الأسبرين على مدار فترات زمنية طويلة، يؤدي إلى كبح جماح المرض في بداياته، وذلك عبر منع أو حتى تأخير تليف الكبد أو التهابه”.
وتختتم الباحثة تدخّلها بالإشارة إلى أن الأمر يتطلب المزيد من الدراسات، لدحض بعض المخاوف المتعلقة بكثرة تناول الأسبرين، حيث تقول “يؤدي تناول الأسبرين بنسب كبيرة إلى زيادة فرص النزيف، لذلك نحتاج إلى بعض الوقت والمجهود للتأكد من صحة الاعتماد على الأسبرين للوقاية من سرطان الكبد، دون قلق”.
وكانت دراسة سابقة كشفت عن فوائد الأسبرين؛ إذ أثبتت أن مكوناته تلعب دورًا رئيسيًا في الوقاية من مرض السرطان، ومنع تكاثر الأورام الخبيثة في الجسم ومنها سرطانات القولون والبروستاتا والثدي. وأظهرت أبحاث أخرى أن الأسبرين يعالج الأمراض العصبية المدمرة، على رأسها مرض الزهايمر والشلل الرعاش، ومفيد لتجلط الدم الوريدي، ويمكن أن يكون بديلا آمنا وأقل تكلفة، بالمقارنة مع أدوية إذابة الجلطات باهظة الثمن.
وتشمل عوامل الخطر المسببة لسرطان الكبد، عدوى فيروس التهاب الكبد الوبائي “سي”، وإدمان المشروبات الكحولية، والإصابة بأمراض الكبد الدهنية غير الكحولية المرتبطة بمرض السكري والبدانة.