تنامي المعارضة المسيحية لحزب الله وسلاحه

التفاهم السياسي بين التيار الوطني الحر وحزب الله لم يعد يعكس المزاج الشعبي على أرض الواقع، ولا الإرادة الشعبية لقواعد التيار الوطني الحر.
الاثنين 2023/08/14
المشكلة.. حزب الله

بيروت – تعكس ردود الأفعال تجاه حادثة الكحالة تنامي معارضة الأوساط المسيحية لحزب الله وسلاحه، وذلك بعد أن وفر التيار الوطني الحر طيلة عقود غطاء سياسيا مسيحيا للحزب وترسانته العسكرية.

ودعا بطريرك الموارنة في لبنان الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الأحد، إلى سيطرة الدولة على الأسلحة، بعد أيام من وقوع اشتباك قاتل بين قرويين مسيحيين وجماعة حزب الله المدججة بالسلاح بسبب انقلاب شاحنة محملة بالذخيرة.

بشارة بطرس الراعي: لا يمكن العيش على أرض فيها أكثر من جيش
بشارة بطرس الراعي: لا يمكن العيش على أرض فيها أكثر من جيش

وقُتل اثنان أحدهما عضو في حزب الله والآخر مسيحي من سكان قرية الكحالة في تبادل لإطلاق النار الأربعاء بالقرية الواقعة بالقرب من بيروت، في حادث بدأ عندما انقلبت شاحنة تابعة للجماعة الشيعية محملة بالذخيرة في أثناء مرورها بالمنطقة.

وكانت هذه المواجهة هي الأكثر دموية بين حزب الله المدعوم من إيران ولبنانيين معارضين له منذ اشتباكات وقعت في بيروت قبل عامين، مما يزيد من زعزعة الاستقرار في بلد يعاني بالفعل من أزمات سياسية واقتصادية كبيرة.

وطالب الراعي في عظة الأحد “مكوّنات البلاد والأحزاب بأن ينتظموا تحت لواء الدولة، وخصوصا بشأن استعمال السلاح”. وقال في إشارة على ما يبدو إلى ترسانة حزب الله “لا يمكن العيش على أرض واحدة فيها أكثر من دولة وأكثر من جيش وأكثر من سلطة وأكثر من سيادة”.

وحزب الله الذي أسسه الحرس الثوري الإيراني عام 1982 هو أقوى جماعة في لبنان. ولطالما كانت ترسانة الجماعة من بين أسباب الصراع في لبنان، حيث يتهمها معارضوها بتقويض الدولة.

وعلى غير العادة، جاءت انتقادات رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لما حدث في الكحالة واتهامه لحزب الله بـ”القصور” لينزعا “الغطاء المسيحي السياسي” عن حزب الله.

واعتبر باسيل أن “ما حصل عند كوع بلدة الكحالة جرس إنذار للخطر المحدق بدولة تتحلّل ومجتمع يتشنّج”، وأضاف “رحم الله أبويوسف فادي بجاني وكلّ ضحية سقطت نتيجة قصور من حزب الله أو القوى الأمنية ومحاولة استغلال من المزايدين”.

وأشار إلى “إنّنا إذ نعزّي أهل الشهيد بجاني وعموم أهالي الكحالة الحبيبة نعلن تضامننا معهم، ونعتبر الدولة بأجهزتها الأمنية والقضائية مسؤولة عن ضبط الوضع وإجراء التحقيقات وكشف الحقيقة وأسباب التأخر في معالجة ذيول الحادثة ومحاكمة أي مرتكب ومقصّر”.

لبنان يعاني من انهيار مالي منذ أربع سنوات زج بالبلاد في أكثر الفترات اضطرابا منذ الحرب الأهلية

ويؤكد الكاتب السياسي منير الربيع تنامي “معارضة عارمة لحزب الله” في الجو المسيحي، ما من شأنه أن يفرض على التيار الوطني الحرّ “إعادة اعتماد لعبة الطرف الوحيد القادر على تحقيق الأمن والاستقرار وجلب الحماية للمسيحيين من خلال علاقته بالحزب”.

ويشير محللون إلى أن التفاهم السياسي بين التيار الوطني الحر وحزب الله “ما عاد يعكس المزاج الشعبي على أرض الواقع، ولا الإرادة الشعبية لقواعد التيار الوطني الحر”.

وظهر حزب الله بعد الحادثة كأنه مكشوف مسيحيا، وهذا يتضح في ردة فعل كل القوى السياسية المسيحية، ما سيتسبب بإحراج للتيار الوطني الحرّ الذي كان يسعى لإعادة إبرام اتفاق مع الحزب.

وأكد النائب زياد الحواط عضو تكتل “الجمهورية القوية” الذي يرأسه زعيم حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن “المواجهة مع حزب الله أصبحت علنية، وسنقوم بكل ما يلزم لمنع وصول رئيس للجمهورية من محور الممانعة، وعلى حزب الله أن يفهم أن سلاحه أصبح بلا بيئة حاضنة له، كما أن الحزب لا يمكنه أن يفرض السيطرة والهيمنة بقوة السلاح”.

ويقول مراقبون إن الأجواء الأمنية الملتهبة بعد حادث الكحالة تشير إلى أن البيئة السياسية تلتهب بدورها إلى درجة تتراجع معها فرص التعايش مع أي من خيارات حزب الله.

ويعاني لبنان من انهيار مالي منذ أربع سنوات زج بالبلاد في أكثر الفترات اضطرابا منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990. ونتج هذا الانهيار عن عقود من الفساد والإسراف في الإنفاق من جانب الطبقة الحاكمة.

2