تمكين المرأة شعار مناسبات تتمسك الأردنيات بترجمته إلى واقع

عمان - يحتفل العالم في 8 مارس من كل عام بيوم المرأة، ولئن يشكل هذا التاريخ للدول المتقدمة مناسبة للتذكير بالإنجازات التي تحققت لها فإنه في معظم الأقطار العربية يأخذ طابعا احتجاجيا أكثر منه احتفاليا.
وفي هذا اليوم تتسابق الحكومات العربية إلى عرض “المكاسب” وما تحقق على صعيد محاربة التمييز ضد المرأة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وجهود تفعيل دورها، في المقابل تعلو أصوات المجتمع المدني لتشكك في تلك المنجزات سواء عبر التقليل من أهميتها أو وصفها بالشكلية معتبرة أنها لم ترتق بعد لما هو مطلوب.
ولم يحد الأردن عن هذا السجال بين الحكومة والمدافعين عن حقوق المرأة، ففيما تعتبر الأولى أن وضعية المرأة الأردنية شهدت في السنوات الأخيرة قفزة نوعية ترجمت أساسا في ارتفاع مشاركتها في مواقع صنع القرار، أي الحكومة والبرلمان، وأن هناك توجها نحو المزيد من تعزيزها من خلال إقرار مجلس الوزراء لـ”استراتيجية وطنية لتمكين المرأة 2020_2025”.
يقول النشطاء إن ما تسوقه الحكومات المتعاقبة ومنها حكومة عمر الرزاز عما تحقق للمرأة الأردنية ينطوي على المبالغة، مستشهدين في ذلك بتقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي بشأن الفجوة بين الجنسين لسنة 2020 حيث احتل الأردن، المرتبة 138 من أصل 153 دولة.
ووفق التقرير فإن المملكة توجد في المرتبة 113 على مستوى الحضور السياسي للمرأة، وتوضح إحصائيات أخرى تعود إلى عام 2018، أن 1 من بين كل 5 أعضاء في السلك الدبلوماسي والقضائي هي امرأة، وأنه من بين كل 3 أعضاء في أحزاب سياسية توجد امرأة.
وتشارك أربع نساء اليوم في الحكومة الحالية بعد التعديل الأخير لرئيس الوزراء عمر الرزاز.
48 في المئة يعتقدون بأن مواقع صنع القرار يجب أن يشغلها الرجال وليس النساء (67 في المئة ذكور)
وكان الرزاز عين في تشكيله الحكومي الأول 7 وزيرات الأمر الذي منح الأردنيات أملا في توجه جديد لتعزيز مشاركتهن في إدارة الشأن العام خاصة وأن الرجل قادم من خلفية مغايرة عن الذين سبقوه، ولكن هذا الأمل سرعان ما خبا بعد التعديل الأولى حيث تم تخفيض المشاركة النسائية إلى خمس وزيرات، ومن ثم تقلص العدد إلى أربع وزيرات.
وفيما يتعلق بحضور المرأة في البرلمان فإنه ظل على الوتيرة نفسها على مدار سنوات حيث لم تتجاوز نسبة مشاركة النساء في مجلس النواب 15 في المئة، وهو رقم ضعيف إذا ما أخذ بعين الاعتبار نظام الكوتا.
وتقول رئيسة ائتلاف البرلمانيات العربيات لمناهضة العنف ضد المرأة النائب وفاء بني مصطفى، في تصريحات صحافية إنه لا يمكن تجاهل التقدم الذي أحرزته المرأة الأردنية، إلا أن المؤشرات تظهر تدني مشاركة المرأة السياسية، سواء كان في مجلس النواب أو الحكومة الحالية.
وتعتبر بني مصطفى أنه ليس من العدل أن يكون هناك 15 مقعدا فقط للنساء في البرلمان، لافتة إلى أن نسبة مشاركة المرأة السياسية غير مستقرة، وأن “بلدنا يحتاج إلى أن يكون للمرأة دور أكبر في صنع القرارات ووضع السياسات”.
ويشير محللون إلى أنه لا يمكن تحميل الحكومات وحدها المسؤولية عن ضعف مشاركة المرأة في الحياة السياسية بل أيضا العقلية المجتمعية السائدة، لافتين إلى أن النظام الانتخابي مكّن المرأة عبر نظام الكوتا من التواجد في البرلمان وإعلاء صوتها، ولولا هذا النظام ربما كانت نسبة تمثيل المرأة أدنى من ذلك بكثير.
ويقول المحللون إنه من أجل تحسين تموقع المرأة سياسيا لابد من العمل بداية على تغيير النظرة المجتمعية، التي لا تزال حبيسة الثقافة الذكورية السائدة ليس فقط في الأردن بل في معظم الدول العربية.
ووفق استطلاع للرأي أجراه مركز القدس فإن 51 في المئة من الأردنيين يعتقدون بأن الرجال أكثر قدرة من النساء على قيادة شركة أو مؤسسة (70 في المئة ذكور و 32 في المئة إناث)، وأن 55 في المئة يرون بأنه في مجال السياسة القادة الرجال أفضل من النساء (71 في المئة ذكور
و40 في المئة إناث).
وهناك 48 في المئة من العينة المستطلعة تعتقد بأن مواقع صنع القرار يجب أن يشغلها الرجال وليس النساء (67 في المئة ذكور).