تمسك الشاهد والوزراء المرشحين للانتخابات بمناصبهم يؤجج التوتر السياسي في تونس

سياسيون تونسيون يدعون يوسف الشاهد إلى تكليف حكومة تصريف أعمال إلى حين إجراء الانتخابات.
الجمعة 2019/08/16
الشاهد يتجاهل دعوات الاستقالة

يصر رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد المرشح للانتخابات الرئاسية على التمسك بمنصبه هو وعدد من الوزراء المرشحين للانتخابات التشريعية أغلبهم من حركة النهضة الإسلامية، وهو ما يقلص مناخ الشفافية المحيط بتلك الانتخابات ويعمق المخاوف من انعدام تكافؤ الفرص بين جميع المرشحين.

 تونس – حرّكت استقالة الوزير التونسي، محمد الفاضل محفوظ من منصبه، للتفرغ لحملته الانتخابية، موجة التحذيرات التي تُحيط بالمشهد السياسي، من مخاطر التلاعب بالاستحقاقات الانتخابية الرئاسية والتشريعية التي تستعد البلاد لتنظيمها، على خلفية إصرار رئيس الحكومة، وعدد من أعضاء فريقه الوزاري على عدم الاستقالة من مناصبهم لضمان مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المرشحين.

وفي خطوة يُنتظر أنها ستُحرج رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، قدم محمد الفاضل محفوظ، الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، في الحكومة التونسية، الخميس، استقالته من منصبه.

وجاءت هذه الاستقالة في وقت ارتفعت فيه الأصوات المُطالبة باستقالة كافة الوزراء الذين تقدموا لخوض الاستحقاق الانتخابي بشقيه الرئاسي والتشريعي، وسط مخاوف وتحذيرات من أن عدم الاستقالة من شأنها التأثير على سير العملية الانتخابية برمتها.

وقال الوزير محمد الفاضل محفوظ، الذي عُيّن في منصبه الحكومي في 5 نوفمبر 2018، في نص استقالته إنه يريد من وراء هذه الاستقالة “التفرّغ للمشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة، المقررة في السادس من أكتوبر المقبل”.

ويرأس محفوظ وهو محام سبق له أن ترأس عمادة المحامين التونسيين خلال الفترة من يونيو 2013 إلى يوليو 2016، القائمة الانتخابية لحركة “مشروع تونس” عن دائرة صفاقس 2.

وتُعتبر هذه الاستقالة الثانية من نوعها من الحكومة التونسية الحالية برئاسة يوسف الشاهد، في غضون أسبوع، حيث سبق لوزير الدفاع، عبدالكريم الزبيدي أن أعلن في السابع من الشهر الجاري استقالته من منصبه، وذلك بعد تقدمه إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بملف ترشحه لخوض الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها المُقرر تنظيمها في منتصف شهر سبتمبر القادم.

كما تأتي بعد يوم واحد من مُطالبة حافظ قائد السبسي، رئيس حركة نداء تونس، رئيس الحكومة، والوزراء الذين ترشحوا للانتخابات الرئاسية والتشريعية بضرورة “الاستقالة الفورية من مناصبهم”.

حافظ قائد السبسي: استقالة الشاهد ووزرائه تقطع الشك تجاه شفافية الانتخابات
حافظ قائد السبسي: استقالة الشاهد ووزرائه تقطع الشك تجاه شفافية الانتخابات

واعتبر السبسي الابن في تدوينة نشرها الأربعاء في صفحته الرسمية على شبكة التواصل الاجتماعي”فيسبوك”، أن “طبيعة المرحلة الراهنة تقتضي اتخاذ قرارات فورية جريئة تضمن للبلاد الأمن والاستقرار وتعيد للشعب الأمل وللدولة الهيبة والإشعاع بين الأمم”.

ولفت إلى أن هذه الاستقالة من شأنها قطع “الشك تجاه شفافية العملية الانتخابية، وسلامة مسار الانتقال الديمقراطي برمته، ذلك أن الشاهد هو اليوم رئيس الحكومة ومرشح للرئاسية في نفس الوقت، شأنه شأن 7 من وزرائه ترشحوا بدورهم للانتخابات التشريعية”.

وتابع قائلا “ليس بمقدورنا إلا دعوتهم إلى العودة إلى طريق الجدية، والاستقالة الفورية من مناصبهم حتى يتفرغوا لطموحاتهم وبإمكاناتهم، ومواردهم الذاتية، وحتى يكونوا مع بقية المواطنين على قدم المساواة، وتكون الحظوظ متساوية بين جميع المتقدمين للعملية الانتخابية، وتكون النتائج مقبولة بعيدا عن مناخات التشكيك والتوظيف السافر لأجهزة الدولة”.

وكان رئيس الحكومة، قد تقدم رسميا في التاسع من الشهر الجاري، بملف ترشحه لخوض الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، وأعلن في نفس الوقت أنه لن يستقيل من رئاسة الحكومة، لأنه ليس هناك أي مانع قانوني يحول دون ترشحه وهو رئيس حكومة.

واعتبر أن استقالته من منصبه تعني استقالة الحكومة كاملة، لافتا في المقابل، إلى أن البلاد في حالة طوارئ، وتحارب الإرهاب، وفي موسم سياحي، وعلى أبواب عودة مدرسية، مُشددا على أن الاستقالة في هذا الظرف هي “هروب من المسؤولية، ومن يدعوه إلى الاستقالة يعني تأجيل الانتخابات”.

وأثار هذا الموقف في حينه، استياء بعض الأحزاب التي شددت على ضرورة استقالة الشاهد ووزرائه حرصا على نزاهة الانتخابات، واحتراما لمبدأ المساواة بين المُرشحين، ولتفادي شبهة التزوير واستغلال موارد الدولة في القيام بالحملات الانتخابية.

وفي هذا السياق، دعا زهير المغزاوي، الأمين العام لحركة الشعب، في تصريحات صحافية، يوسف الشاهد إلى تكليف حكومة تصريف أعمال إلى حين إجراء الانتخابات، قائلا “عليه أن يغادر منصبه، وأن ينافس على الاستحقاق الرئاسي منافسة شريفة”.

واعتبر حسونة الناصفي، الأمين العام لحركة “مشروع تونس” أن “الانتقال الديمقراطي الذي نعيشه يفرض على الشاهد، أخلاقيًا وسياسيًا، عدم الجمع بين ترشحه ومنصبه في رئاسة الحكومة”.

وسيُشارك في الانتخابات التشريعية القادمة 7 وزراء من الحكومة الحالية، هم زياد العذاري (النهضة) وفيصل دربال (النهضة) والسيدة لونيسي (النهضة) وأحمد قعلول (النهضة) والحبيب الدبابي (النهضة) وهشام بن أحمد (تحيا تونس) والهادي الماكني (تحيا تونس)، لم يتقدم أي منهم باستقالته من منصبه للتفرغ لهذا الاستحقاق الانتخابي.

ويرى مراقبون، أن هذه المسألة ستبقى تُخيم على المشهد السياسي ما لم يتم حسمها نهائيا خلال مجلس الوزراء الذي سيرأسه الرئيس المؤقت محمد الناصر، وسيُخصص للنظر في التحضيرات للانتخابات التي ستجرى يوم 15 سبتمبر، والسادس من أكتوبر من العام الجاري.

4