تمديد واشنطن لحالة الطوارئ في سوريا رسالة مزدوجة إلى تركيا وقسد

واشنطن- يمثل تمديد الولايات المتحدة لحالة الطوارئ في سوريا رسالة طمأنة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) وتحديا لتركيا في شمال شرق سوريا.
ومدد الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس، حالة “الطوارئ الوطنية” بشأن الوضع في سوريا، لاستمرار “التهديد غير العادي والاستثنائي” للأمن القومي الأميركي.
وقال بايدن في بيان نشره البيت الأبيض، إن “الوضع في سوريا وما يتعلق بها، ولاسيما الإجراءات التي اتخذتها الحكومة التركية لشن هجوم عسكري على شمال شرق سوريا، يقوض حملة هزيمة تنظيم (داعش) في العراق وسوريا، ويعرّض المدنيين للخطر، ويهدد كذلك بتقويض السلام والأمن والاستقرار في المنطقة”. وأضاف أن الوضع في سوريا “لا يزال يشكل تهديداً غير عادي واستثنائياً للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة”.
وبدأت مؤخرا عملية تحشيد واسعة في شمال شرق سوريا ترجمتها اندماجات الفصائل التابعة لـ”الجيش الوطني السوري” الموالي لتركيا، وسط تصاعد الحديث عن احتمالات شن عملية عسكرية موسعة تعد لها أنقرة منذ فترة ضد قوات سوريا الديمقراطية.

جو بايدن: تركيا تقوّض حملة هزيمة داعش في شمال شرق سوريا
وإلى جانب الاندماجات الأخيرة بين فصائل المعارضة الموالية لتركيا، أفادت مصادر سورية أن عناصر “الجيش الوطني السوري” تخوض منذ فترة دورات تدريبية عسكرية على مختلف صنوف الأسلحة والتدريبات البدنية، ما يشي بتحضيرهم لمعركة محتملة ضد قسد.
وسيطرت فصائل “الجيش الوطني السوري”، في الثامن عشر من مارس 2018، على كامل مدينة عفرين ومحيطها، عقب معارك عنيفة مع قسد أفضت إلى انسحابها من تلك المناطق، وبسط نفوذ الفصائل الموالية لأنقرة على مدينة عفرين، والمناطق التابعة لها بريف حلب الشمالي (شمال سوريا).
وأعقب ذلك عمليات عسكرية تمكنت خلالها الفصائل من السيطرة على جرابلس والباب والراعي في ريف حلب الشرقي، وعلى مدينتي رأس العين وتل أبيض في الحسكة شمال شرقي سوريا، في أواخر عام 2019.
وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، قد أعلن حالة “الطوارئ الوطنية” بشأن سوريا في الرابع عشر من أكتوبر 2019، إثر شن تركيا عملية عسكرية (نبع السلام) بدعم من فصائل الجيش السوري الحر المعارض، استهدفت فيها مواقع قوات سوريا الديمقراطية في شمال سوريا.
وسمح ترامب قبل ذلك الانسحاب لمعظم القوات الأميركية من سوريا ليتيح لتركيا شن هجوم على الأكراد. وأثار الانسحاب الفوضوي للقوات الأميركية من أفغانستان مخاوف في أنحاء الشرق الأوسط وخاصة شمال سوريا من أن خليفة ترامب قد يتخلى عن حلفاء بلاده في أنحاء المنطقة مع اتجاه واشنطن لاعتبار الصين التحدي الاستراتيجي الرئيسي لها.
وتدير الأقلية الكردية في سوريا، التي تعرضت للتمييز من حزب البعث الحاكم، إدارة مدنية تختص بشؤون عدة ملايين من السوريين الذين كانت دمشق تحكمهم يوما ما.
وتسيطر قسد بدعم أميركي على معظم مناطق شمال شرقي سوريا، وخصوصا محافظات الرقة ودير الزور، كما تسيطر على أجزاء من ريف حلب الشرقي.
ويرى مراقبون أن الانسحاب الأميركي من شمال سوريا سيمنح المجال أمام القوات التركية في المنطقة، كما أن الوجود الأميركي يمنع تواصل الجسر بين القوات الإيرانية المنتشرة شرقاً وحزب الله الموجود في لبنان ومناطق في غرب سوريا.
وجاء إعلان الولايات المتحدة بتمديد حالة الطوارئ بشأن سوريا بعد سلسلة من اللقاءات بين ممثلي مجلس سوريا الديمقراطية مع مسؤولين بارزين وكبار في الكونغرس الأميركي والخارجية إضافة إلى البيت الأبيض. ويقطع التمديد الأميركي أي مساع تركية لشن هجمات على الأكراد في شمال شرق سوريا، بعد أن نددت بما قالت إنه تسليح أميركي للأكراد.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في وقت سابق إنه من غير المقبول أن تنقل الولايات المتحدة أسلحة متطورة للأكراد وهي تساهم بذلك في تعقيد الأزمة في سوريا. واعتبرت السياسية الكردية إلهام أحمد أن “الولايات المتحدة قدمت الآن التزاما واضحا للأكراد”، بعد موجة التشكيك في بقاء القوات الأميركية.