تلاميذ يعودون من وباء كورونا إلى أمراض التعليم في العراق

بغداد – يقف تلاميذ مدرسة الوادي الأخضر الابتدائية في بغداد، عند كل صباح، في طوابير طويلة مرتدين أقنعة للوجه، يتأهبون للمرور بنفق تطهير شيّد خصيصا قبل دخول فصولهم الدراسية.
ومع مرور كل طفل يتم رش رذاذ من المطهر، فيما تنتظر نائبة مدير المدرسة هند إبراهيم على الجانب الآخر، لوضع بعض من معقم اليدين على كفّي كل تلميذ.
وتواجه المسؤولة إشكالية في الحفاظ على التباعد الاجتماعي، حيث يدرس 1300 تلميذ في هذه المدرسة التي لا تحوي سوى 30 فصلا فقط.
وعاد الطلاب في جميع أنحاء العراق إلى مقاعد الدراسة الاثنين الماضي للمرة الأولى منذ عام ونصف العام بعد الإغلاق المطول الناجم عن جائحة كورونا، وهو إغلاق لا يقارن إلا بأوقات الحرب والاضطرابات.
وكان الانقطاع الدراسي في العراق من بين الأطول في العالم، وأثر على حوالي 11 مليون طالب في جميع أنحاء البلاد.
وقدمت وزارة التربية والتعليم العراقية الدروس من خلال منصة عبر الإنترنت، ولكن التركيز كان في الغالب على الطلاب في الصفوف العليا الذين يستعدّون لامتحاناتهم النهائية.
ووفقا للبنك الدولي، تعد مستويات التعلم في العراق الذي دمرته عقود من الصراع والإهمال الحكومي من بين أدنى المستويات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومن المرجح أن تنخفض أكثر بسبب تأثير الجائحة.
ومع إغلاق المدارس في فبراير 2020 وكون فرص التعلم عن بعد محدودة وغير متكافئة، حذر البنك الدولي في تقرير الشهر الماضي من أن الطلاب في العراق يواجهون أكثر من “عام ضائع” من التعلم.
وواجه التدريس عبر الإنترنت في العراق العديد من التحديات، بما في ذلك ضعف الاتصال بالإنترنت، وانقطاع التيار الكهربائي والذي غالبا ما يكون يوميا، فضلا عن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها العديد من العائلات.
وقال المتحدث باسم وزارة التربية العراقية حيدر فاروق عبدالقادر السعدون إن الحكومة قررت إعادة فتح المدارس الحكومية بعد انخفاض مستويات الإصابة بفضل اللقاحات.
وأكّد أن على العراقيين أن يستأنفوا حياتهم، والتعليم هو جزء من الحياة. حيث أعيد فتح المدارس الخاصة الشهر الماضي.
وسجل العراق ما يزيد قليلا عن مليوني إصابة و23170 حالة وفاة حتى الآن خلال الوباء.
وتباطأت أعداد الإصابات الجديدة في الآونة الأخيرة، بمتوسط ألف إلى 1500 حالة في اليوم، أي بما يعدّ انخفاضا من المتوسط القياسي الذي تجاوز 12 ألف في يوليو الماضي.
وستشمل السنة الدراسية التي انطلقت الاثنين أربعة أيام حضورية في المدرسة مع الإبقاءعلى يوم واحد للتعلم عن بعد، وقد تم إقرار جملة من التدابير مثل التطعيم الإجباري والتحاليل الأسبوعية للمدرسين وأقنعة الوجه الإلزامية وإجراءات التباعد الاجتماعي.
ومن المرجح أن تجد المدارس الحكومية في العراق صعوبة في تنفيذ هذه التدابير في ظل حالة الاكتظاظ والنقص في التمويل.
وفي مدرسة الوادي الأخضر في ضاحية مدينة الصدر الفقيرة ببغداد، كُتبت جملة “ابتسم للحياة” بألوان زاهية على جدار في نهاية ممر المدرسة.
لكن الابتسامات لم تجد طريقها للكثير من التلاميذ، حيث انتظر العشرات منهم في اليوم الأول من استئناف الدراسة خارج الفصول وفي الفناء الخلفي للمدرسة، ليُخبروهم فيما بعد أنه يتعين عليهم العودة إلى المنزل لأنه لم يكن هناك مكان شاغر لهم.
تقول نائبة المدير إبراهيم “سنحاول نقلهم إلى يوم آخر”، مضيفة أن المدرسة تبني ثمانية فصول دراسية جديدة لتوسيع طاقتها. وتابعت “هذا لا يكفي. لكن الله كريم”.
ومع ذلك، يشعر الكثير من الآباء بالارتياح لرؤية أطفالهم يعودون إلى المدرسة. ويقول فراس أبومحمد، الذي كان يشتري أدوات مكتبية لأطفاله الأربعة في سوق بشارع المتنبي الشهير ببغداد، إن الحضور في الفصول الدراسية أفضل بكثير من التعلم عبر الإنترنت.
ويتابع “أنا متفائل، وآمل أن نتخلص من هذا الوباء اللعين”.
