تكالة يتذرع برفض الميزانية لمقاطعة اجتماع القاهرة الثلاثي

أوساط قريبة من مجلس الدولة لا تستبعد أن يكون موقف محمد تكالة مرتبطا بموقفه من دور السلطات المصرية في المشهد الليبي.
السبت 2024/07/13
انسحاب تكتيكي

استبق رئيس مجلس الدولة الاستشاري محمد تكالة الاجتماع الثلاثي المقرر عقده الاثنين القادم بالقاهرة، بإعلانه تعليق المشاركة في أية مشاورات سياسية يكون رئيس مجلس النواب عقيلة صالح شريكا فيها. وقال تكالة في خطاب موجه إلى الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، أن قراره جاء بسبب ما يصدر عن مجلس النواب من قرارات بالمخالفة للاتفاقات السياسية السابقة.

وأضاف: “نعرب عن أسفنا لعدم تلبية الدعوة، لاعتقادنا في عدم جدوى حضور مثل هذه اللقاءات، لعدم رغبة بعض أطرافها مجلس النواب في تحقيق أي تقدم على طريق حلحلة الأزمة، بل سعيه لاستخدامها للمناورة واستهلاك الوقت”، مردفا : ”لذلك قررنا تعليق مشاركتنا في أي مشاورات أو حوار مع مجلس النواب إلى حين معالجة القضايا العالقة وفي مقدمتها قانون الميزانية، مشددا على ضرورة إزالة ما ترتب على إصدار قانون الميزانية من مجلس النواب منفردا من آثار، وتصحيح ما اتصل بذلك من مواقف”، وفق نص الخطاب.

وجاء قرار تكالة قبل أيام قليلة من الاجتماع الثلاثي المقرر عقده الاثنين القادم في العاصمة المصرية برعاية جامعة الدول العربية وبمشاركة رؤساء المجلس الرئاسي ومجلسي النواب والدولة، واجتماع ممثلي مجلسي النواب والدولة الذي ستحتضنه القاهرة يوم 19 يوليو الجاري. وسعى تكالة لاستغلال الخلاف حول ميزانية الدولة للعام 2024 التي أقرها مجلس النواب الثلاثاء الماضي للتنصل من الاجتماع الثلاثي، قبل ثلاثة أسابيع من خوضه السباق من أجل الحصول على عهدة ثانية في منصب رئيس مجلس الدولة.

وكان تكالة، طلب من عقيلة صالح، قبل ساعات من إقرار مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للعام 2024 بإحالته إلى مجلس الدولة، لدراسته وموافاته بالرأي حياله، مؤكدا أنه سيجرى الاعتراض على القانون والطعن عليه في حال إقراره دون التشاور مع مجلس الدولة. وذكّر تكالة بنصوص الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات في ديسمبر 2015، وخاطب صالح بالقول: “تدركون أكثر من غيركم إلزامه للسلطات العاملة بالدولة، وفي مقدمتها مجلس النواب، بعدم مناقشة أو إصدار أي قوانين إلا بعد عرضها على المجلس الأعلى للدولة، لإبداء الرأي”.

وبرر تكالة طلبه بـ”النظر إلى طبيعة المرحلة التي يمر بها البلد، ومقتضيات إجراء توافقات في جميع المسائل التي تتصل بإدارة الشأن العام، ولاسيما تلك التي تنعكس على الأوضاع المعيشية للمواطن، وتؤثر في قوته اليومي، وفي إطار تمسكنا بقواعد إدارة مهام السلطات العامة بالدولة، وحرصنا التام على نبذ الخلافات بين المجلسين، ومنع مفاقمتها”، وفق تقديره، مشيرا إلى أن “عدم تجاوب صالح مع كتابه هذا سيضطره إلى رفض أي نتائج تترتب بشأن قانون الموازنة المذكور، والاعتراض عليها، ناهيك عن تعرضه للطعن بالطرق المقررة قانونا”.

◙ موقف تكالة يعبر عن التوجه العام لدى عموم تيار الإسلام السياسي وهو أيضا موقف المفتي المعزول الصادق الغرياني الذي اعتبر أن الميزانية التي صادق عليها مجلس النواب باطلة

ويرى مراقبون، أن موقف تكالة إنما يعبر عن التوجه العام لدى جماعة الإخوان التي ينتمي إليها، ولدى عموم تيار الإسلام السياسي وهو ما عبّر عنه المفتي المعزول من قبل مجلس النواب والمعتمد من سلطات طرابلس الصادق الغرياني الذي اعتبر أن الميزانية التي صادق عليها مجلس النواب باطلة، وأن القائد العام للجيش خليفة حفتر ورئيس البرلمان عقيلة صالح لا يعتدان بأي كلام مثل رفض الرئاسي أو مجلس الدولة، داعيا إلى ضرورة أن تكون هناك خطوات وتحركات أخرى.

وبعد المصادقة على الميزانية، قال تكالة إن الجلسة شابتها العديد من المخالفات الجسيمة، معتبرا أن تمادي مجلس النواب في تجاوزاته واختياره اتخاذ إجراءات وترتيبات إدارة الشأن العام بإرادته المنفرة، يقودان إلى المزيد من الانقسام وهدر المال العام والثروات، وحذّر من خطورة هدر المال العام والمقدرات العامة وتداعياته، محملا القائمين عليه مسؤولية آثاره السلبية على المجتمع والبلاد، وداعيا “كل ذي مصلحة إلى الطعن في قانون الميزانية الذي صدر بالمخالفة، أمام القضاء المختص”.

وبحسب أوساط سياسية مطلعة، فإن تكالة يسعى إلى الحصول على ولاية ثانية كرئيس لمجلس الدولة وسط مخاوف من ترشح الرئيس السابق خالد المشري وإمكانية فوزه بالمنصب في ظل التطورات التي يشهدها الملف السياسي في البلاد.

وأشارت الأوساط إلى أن تكالة يعول على دعم قوى الإسلام السياسي المهيمنة على المجلس وعلى مساندة الغرياني والدبيبة الذي كان وراء تمكينه من رئاسة المجلس في أغسطس 2023 في ظل المواجهة السياسية المفتوحة التي كانت قائمة بينه وبين المشري. وفي الوقت ذاته، لا تستبعد الأوساط القريبة من مجلس الدولة، أن يكون موقف تكالة المعتذر عن المشاركة في اجتماع القاهرة مرتبطا بموقفه من دور السلطات المصرية في المشهد السياسي الليبي.

وفي أول يوليو الحالي، كان تكالة قد التقى بمجموعة من أعضاء المجلس لطرح فكرة اللقاء الثلاثي الذي يجمع بين رئيس مجلس الدولة، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي. وقالت عضو المجلس أمينة محجوب، إن هذا الاجتماع كان من المفترض أن يعقد خلال الفترة الماضية، ولكن تدخلت جامعة الدول العربية وطلبت من الفريق الثلاثي أن يكون الاجتماع في مصر تحت رعاية مصرية.

وأضافت في تصريحات صحفية أن تكالة، طرح هذه الفكرة على الأعضاء، لكنهم رفضوها جميعًا، بما في ذلك هي نفسها، مشيرة إلى أن السبب الرئيسي لهذا الرفض هو تدخل المخابرات المصرية في فرض شروطها على طاولة الحوار، لذا طلب الأعضاء من رئيس مجلس الدولة رفض الاجتماع في مصر واقتراح أن يكون اللقاء في أي دولة أخرى أو داخل ليبيا.

ورجحت مصادر ليبية، أن يكون الهدف موقف مجلس الدولة من مصادقة مجلس النواب على الميزانية، هو التنصل من المشاركة في اجتماع القاهرة وفق توجهات تيار الإسلام السياسي المعادية للنظام المصري، ولقطع الطريق أمام أية محاولات للتوصل إلى موقف ينص على تشكيل حكومة واحدة للبلاد وتهيئة الظروف لتنظيم الانتخابات، وبالتالي لإبقاء الوضع على ما هو عليه، وهو ما يتفق عليه تكالة مع رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة.

4