تقييد التعامل مع مخالفي القوانين النقابية يخدم قدامى الفنانين في مصر

جاءت قرارات نقابة المهن التمثيلية مفاجئة للكثيرين وصادمة للبعض، لكنها تسير وفق ما يؤكده نقاد في طريق تنظيم قطاع الإنتاج الدرامي، بما يفسح المجال للمواهب للعمل وفق أسس قانونية تضمن لهم حقوقهم وتفرض عليهم واجبات، وكذلك تحميهم من استغلال الشركات التي لا تلتزم بالقوانين واللوائح التنظيمية.
القاهرة - اتخذت نقابة المهن التمثيلية في مصر قرارات هدفت إلى تقييد تعامل شركات الإنتاج مع وجوه شبابية مفتقدة لتراخيص العمل وشركات اكتشاف المواهب، في خطوة هدفت إلى تقنين العمل في مجالات الإنتاج الفني، والحفاظ على حقوق أعضاء النقابة ممن لديهم شكاوى من عدم الاستعانة بهم في أعمال فنية مختلفة.
وحددت النقابة المصرية أسماء ثلاث شركات تعمل في مجال اكتشاف المواهب لمخالفتها قوانينها، وقررت إبلاغ النيابة العامة ضدها، وقررت وقف التعامل مع 20 فنانا وعدم منحهم تصاريح عمل مرة أخرى، واتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم لعملهم بلا تصاريح، حال عدم استجابتهم للوائح، ووجّه نقيب المهن التمثيلية أشرف زكي جميع شركات الإنتاج بحظر التعامل معهم إلى حين تسوية أوضاعهم.
وشملت الأسماء التي حددتها النقابة وجوها صاعدة شاركت في العامين الماضيين في مسلسلات جرى عرضها على منصات رقمية، بينهم فدوى عابد التي شاركت في بطولة مسلسل “صوت وصورة” و”وش وضهر”، والإعلامية ناردين فرج التي شاركت من قبل في تقديم برنامج “عرب غوت تالنت” كما شاركت في بطولة مسلسلات “غرفة 207″ و”سوتس بالعربي” و”صوت وصورة”.
وتضمنت الأسماء الفنانة راندا عبدالسلام التي شاركت مؤخرا في بطولة الجزء الثاني من مسلسل “رمضان كريم”، وحدوثة “ما تيجي نشوف” ضمن قصة “55 مشكلة حب”، إلى جانب الفنانة الشابة إنجي كيوان، وشاركت في بطولة بعض الأعمال الدرامية بينها “ستات بيت المعادي”، و”الوضع مستقر” و”مجنونة بيك”،
ومروان يونس الذي عمل من قبل مذيعا واتجه إلى الإعلانات وشارك في بطولة عدد من المسلسلات بينها “في بيتنا روبوت” وفيلم “شوجر دادي”.
وقال نقيب المهن التمثيلية الفنان أشرف زكي إن القرارات الأخيرة هدفها حماية المهنة وأعضائها من الدخلاء، وأن القرارات ليست موجهة ضد أشخاص بعينهم لكنها تستهدف تقنين أوضاع العمل من خلال الحصول على التراخيص التي تقدمها النقابة، وليس من المنطقي السماح بوجود أسماء لم تلتزم بواجباتها على حساب آخرين التزموا بقرارات النقابة.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن النقابة أصدرت قرارات بحق 20 اسما ومن المقرر أن تُصدر قائمة جديدة في الأيام المقبلة، وهؤلاء لم يحصلوا على تراخيص
عمل من النقابة كما أن شركات الإنتاج التي قامت بتقديمهم لم تحصل من النقابة على تراخيص عمل لهم، وقد تطال قرارات الوقف شركات الإنتاج التي تتعامل معهم في حال لم تقنن أوضاعها، وسيكون للنقابة الكلمة النهائية فيما إذا كانت تلك الوجوه تستحق أن تحصل على ترخيص العمل أم لا.
وأشار زكي إلى أن القرارات التي صدرت بحق شركات اكتشاف المواهب ترجع إلى كونها لم تكتف بأدوارها بل تحولت إلى ورش للتمثيل عبر استغلال الشباب الساعين للتمثيل والحصول منهم على مبالغ أكثر من ألف دولار مقابل تسهيل مهمة تواجدهم في بعض الأعمال الفنية، وهو ما يمكن تصويره على أنه استغلال لحاجات الشباب دون الأخذ في الاعتبار أن هناك نقابة مهمتها حماية أعضائها.
وبدا واضحا أن اعتماد المنصات الرقمية على الوجوه الشابة بمباركة شركات الإنتاج التي تسعى لتقديم أعمال دون كلفة إنتاجية مرتفعة تسبّب في فوضى على مستوى اختيارات الوجوه الصاعدة، وهو ما تحاول نقابة المهن التمثيلية التعامل معه بإجراءاتها الأخيرة، لأنها تواجه من حين إلى آخر اتهامات من أعضائها بعدم حمايتهم وتركهم دون تقديم العون والمساندة لإيجاد فرص عمل خاصة لمن يعانون من البطالة.
ومن وجهة نظر هؤلاء، فإن التحولات الحاصلة في سوق الدراما الذي يأخذ في التمدد والاتساع مع انتشار المنصات واستمرار عمليات الإنتاج طوال العام بحاجة إلى تدخل نقابي شريطة أن يكون ذلك هدفه إتاحة الفرصة لسوق العرض والطلب دون أن تكون التدخلات لصالح فئة من الفنانين على حساب آخرين، وأن عددا من الوجوه الصاعدة ممن ترى النقابة أنهم يخالفون قوانينها هم مواهب تستحق تقديم الدعم لها ومساعدتها على تقنين أوضاعها وليس اتخاذ قرارات عقابية ضدها.
ومن بين المواهب الصاعدة أيضا الذين قررت نقابة المهن التمثيلية وقفهم عن العمل الفنان الشاب عمرو جمال، وهو أحد الفنانين الشباب الذين يمتلكون ورشة للتدريب على التمثيل وساهم في تقديم عدد من الوجوه الصاعدة وشارك في بطولة عدد من المسلسلات أبرزها “سوتس بالعربي”و”وعد إبليس”، علاوة على الفنانة إلهام وجدي التي شاركت في بطولة مسلسلي “كشف مستعجل” و”إيجار قديم”.
وأوضح الكاتب والسيناريست سمير الجمل أن تدخل نقابة المهن التمثيلية يحمل أبعادا مهمة لأن أطقم الإنتاج الصغيرة وظفت المنصات الرقمية للوجوه الشابة مع الحاجة إلى تقديم أسماء جديدة غير مستهلكة في استغلال الكثير من الشباب الراغبين للعمل، من خلال التعاقد مع شركات اكتشاف المواهب والحصول على خدمات ممثلين جدد بلا منحهم أجورا مناسبة، وأحيانا تضطر بعض الوجوه الشبابية إلى دفع أموال للقبول بمشاركتها ومساعدتها في الظهور على الشاشات.
ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن قرار نقيب المهن التمثيلية لم يتطرق إلى شركات اكتشاف المواهب الشهيرة التي يصعب الاستغناء عنها، لكنه طال ثلاث شركات ليس لديها قيمة كبيرة في السوق تعمل بطرق ملتوية لاستغلال الشباب.
وأكد الجمل أن بعض الوجوه الصاعدة وقعوا في فخ النصب عليهم مع اضطرارهم لدفع أموال مقابل الظهور في أعمال فنية ووجدوا أنفسهم مجرد وجوه تظهر في إعلانات يتم عرضها على فضائيات مجهولة أو ما يُطلق عليها “قنوات بير السلم”.
وذكر أن وجود أعداد هائلة من الشباب دون أن يسلكوا الطرق التي تؤهلهم للوقوف أمام الكاميرات يؤدي إلى فوضى لا تخدم الفن، وتأتي على حساب طاقات إبداعية بحاجة لتحصل على فرصة، كما أن الممثلين القدامى يتضررون مع تجاهلهم، وبعضهم ينتمون إلى جيل الشباب لكنهم يواجهون صعوبات في الحصول على فرصة عمل.
وأثار الفنان المصري فادي خفاجة مؤخرا جدلا بعد ظهوره في بث مباشر عبر حسابه بموقع تيك توك ناشد فيه منتجي الفن اختياره في بعض الأدوار الفنية، وجدد حديثه الانتقادات بشأن آلية اختيار الممثلين في الأعمال الفنية.
وقال خفاجة إن عدم الاستعانة به في أعمال فنية جعله يقتات من مشاركته في جولات موقع تيك توك التي تمنحه بعض الهدايا والأموال، ووجه عتابا لنقيب المهن التمثيلية أشرف زكي لعدم مساعدته، وهو ما تكرر من قبل وجوه أخرى طالبت النقابة بإيجاد حلول لتفشي البطالة بينهم.
ورفضت نقابة المهن التمثيلية منح تصاريح للوجوه الجديدة بما يزيد عن 20 في المئة من قوة العمل كي تعطي الفرصة لأعضاء النقابة بالعمل، ويخضع الأمر حاليا لإملاءات جهات تدير الإنتاج، وحاولت النقابة التدخل لإتاحة الفرصة أمام عدد من النجوم للتواجد في أعمال يتم تقديمها من إنتاج شركات تابعة لجهات حكومية، وهو ما قاد إلى تراجع الشكاوى مؤخرا مع اتساع سوق الدراما.
وتضمنت قرارات النقيب أشرف زكي أيضا منع طلاب معهد الفنون المسرحية من العمل قبل حصولهم على تصريح من النقابة، وتحذير شركات الإنتاج من التعاقد مع طلبة الفنون المسرحية والاستعانة بهم في أي عمل فني قبل الحصول على التصريح.