تقنين الإعلام الرقمي حماية للمجتمعات تفرضها الديمقراطية

مطالبات الصحافيون المغاربة بتقنين وسائل الإعلام الرقمية تتزايد في ظل فوضى القطاع الإلكتروني وانتشار الشائعات.
السبت 2020/02/01
التقنين حماية للملكية الفكرية

سلطت ندوة دولية نظمتها الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري المغربية، الضوء على مسألة تقنين الإعلام الرقمي، الذي أصبح حاجة ملحة لحماية الأفراد والمجتمعات من مخاطر التلاعب بها وزعزعة قيم العيش المشترك وإشاعة خطابات الكراهية وانتهاك الحياة الخاصة والسطو على الملكية الفكرية.

الرباط - أكدت لطيفة أخرباش رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري المغربية، أن هيئات تقنين الإعلام ملزمة بتقوية قدراتها لمواجهة منظومة رقمية ترتادها المجتمعات بشكل مستمر.

وأشارت إلى أن المجتمعات باتت تطالب أكثر فأكثر، بتقنين عاجل أمام تعدد الآثار والانعكاسات الثقافية والديمقراطية والمجتمعية وكذلك الاقتصادية للتواصل الرقمي والمعولم.

وجاء حديث أخرباش، في كلمة لها خلال ندوة دولية نظمتها الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري حول موضوع “تقنين وسائل الإعلام في منظومة رقمية، نقالة واجتماعية؛ متطلبات التأقلم ورهانات إعادة التأسيس”.

وأوضحت أن تقنين وسائل الإعلام في العصر الرقمي ينطوي على مرامٍ ديمقراطية بحتة، وأضافت أن “هيئات تقنين الإعلام والاتصال، بالنظر لمهمتها المتفردة وأدواتها الخاصة، تطرح أسئلة غايتها خدمة المصلحة العامة، من قبيل كيف نحمي الأفراد والمجتمعات والمجموعة البشرية العالمية من مخاطر التلاعب بها وزعزعة قيم العيش المشترك والمساس بالكرامة الإنسانية وتقويض الوعي الحر للمواطن وإشاعة خطابات الكراهية وانتهاك الحياة الخاصة والسطو على الملكية الفكرية”.

وأصبح موضوع تقنين وسائل الإعلام الرقمية مسألة ملحة في العالم العربي، ويطالب به الصحافيون المغاربة بشكل متزايد بسبب ما يشهده القطاع الإلكتروني من فوضى وانتشار الشائعات، وعدم احترام بعض المواقع الإلكترونية للملكية الفكرية واستيلائها على محتوى الغير.

لطيفة أخرباش: المجتمعات باتت تطالب أكثر فأكثر، بتقنين عاجل أمام تعدد الآثار وانعكاسات التواصل الرقمي
لطيفة أخرباش: المجتمعات باتت تطالب أكثر فأكثر، بتقنين عاجل أمام تعدد الآثار وانعكاسات التواصل الرقمي

وأوضحت أخرباش -وهي أيضا نائبة رئيس الشبكة الأفريقية لهيئات تقنين الاتصال- أن “السلطات بدورها، أضحت تلجأ إلى هيئات التقنين التي لا يمكنها أن تكون عنصرا وملاذا فعالا إلا إذا كانت استقلاليتها محصنة ووضعها المؤسسي مقدرا”.

وتندرج الندوة الدولية ضمن مهام هيئة الاتصال المغربية بصفتها نائب رئيس الشبكة الأفريقية لهيئات تقنين الاتصال، وكذلك في إطار مساهمتها في تنفيذ خارطة الطريق 2020 – 2021 للشبكة الفرنكفونية لهيئات تقنين الاتصال.

من جانبه، أكد رئيس المجلس الوطني للاتصالات في الكاميرون، رئيس الشبكة الأفريقية لهيئات تقنين الاتصال، بيتر إيسوكا، أن الثورة التكنولوجية أدت إلى ثورة سلوكية، مما يفرض إعادة تنظيم سلسلة القيمة للقطاع السمعي البصري، وذلك في ما يتصل بوظائفه المتمثلة في إنشاء وإنتاج ونشر وتوزيع المحتوى.

وأضاف أنه “في مواجهة التغيرات العميقة، أصبح تقنين القطاع السمعي البصري مدعوا، أكثر من أي وقت مضى، إلى التكيف”، وأكد أن التقنين، في شكله الحالي، صار غير متلائم مع البيئة الرقمية.

ويشارك في هذه الندوة، بالإضافة إلى هيئات تقنين الإعلام وعدد من الخبراء والمنظمات الدولية، رؤساء ومدراء عامون لمتعهدي الاتصال السمعي البصري التابعين للقطاعين العام والخاص، وصحافيون، وفاعلون من المجتمع المدني، وممثلو أوساط أكاديمية مغاربة وأجانب.

وأوضح نوري اللجمي، رئيس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري في تونس، ورئيس الشبكة الفرنكفونية لمقنني وسائل الإعلام، أن هذا اللقاء يهدف إلى مناقشة إشكالية تسائل القائمين على تقنين الإعلام بخصوص دورهم في العصر الرقمي، حيث تغزو المنصات والشبكات الاجتماعية المجال الإعلامي.

وأضاف أن “شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت أداة لتبادل المعلومات”، مما يطرح مشكلة التضليل و”الأخبار المزيفة”، مؤكدا أن “الأمر يتعلق بتحديات جديدة بالنسبة إلينا كمقننين، وهو ما يدفعنا لتحسين آليات اشتغالنا من أجل ضمان المزيد من الديمقراطية والحرية، وجودة أكبر لوسائل الإعلام والصحافة”.

وناقشت الندوة في جدول أعمالها عدة مواضيع منها “الحاجة إلى تقنين متجدد في منظومة رقمية ومعولمة”، و”ديناميات التنافس وإكراهات التقنين بين وسائل الإعلام التقليدية ومثيلاتها الجديدة”، و”مدى تمثيل التقنين الذاتي والتقنين المشترك لمستقبل التقنين”، و”تقنين وسائل الإعلام على ضوء انتظارات وتطلعات المواطنين”.

وخصصت الندوة يوم الجمعة جلسة للهيئات الأعضاء بالشبكة الأفريقية لهيئات تقنين الاتصال تحت عنوان “أية أجوبة أفريقية على تحديات التحول الرقمي لوسائل الإعلام: إشكاليات اقتصادية وتطلعات مواطنة”.

وسبق أن أشار عبدالله البقالي، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، إلى مسألة غياب القانون والفوضى التي يشهدها قطاع الإعلام الإلكتروني، قائلا إن 60 موقعا إلكترونيا لا يعرف عنها المغاربة أي معلومة، هل هي من داخل المغرب أم خارجه، ومن المسؤول عنها؟ وحتى الدولة ليس لديها أي معلومات بشأنها.

واعتبر البقالي، أن المغرب يعيش إشكالية الحرية بالدرجة الأولى، وأن الهاجس الأساسي هو ألا يتم استعمال هذه الحالة من الفوضى للتضييق على الحرية أو التقليل من أهميتها

18