تقنية التعرف إلى الوجوه ساحة رئيسية لمعركة الخصوصية

واشنطن- يرى خبراء أن المبلغ الضخم الذي وافقت فيسبوك على دفعه قبل فترة قصيرة لإنهاء خلاف حول تجاوزات في استخدام تقنية التعرف على الوجوه، هو محطة مفصلية في إطار أمن البيانات البيومترية.
فقد وافقت الشبكة الاجتماعية الرائدة عالميا، الأربعاء، على دفع 550 مليون دولار بعد فشلها في الحصول على قرار قضائي برد دعوى تتهم فيها بالاستحصال بصورة غير قانونية على بيانات بيومترية “للتعرف على الوجوه” في انتهاك لقانون صادر في ولاية إيلينوي الأميركية سنة 2008 بشأن حماية الخصوصية.
وقد تكون لهذه التسوية تبعات كثيرة على فيسبوك وغيرها من مجموعات التكنولوجيا العملاقة التي تستعين بتقنية التعرف على الوجوه. وهي تضيء أيضا على القدرة التي تتمتع بها القوانين المحلية في الدفع قدما باتجاه تغيير بعض الممارسات في مجال احترام الخصوصية.
واعتبر محامي الادعاء، جاي إدلسون، أن المسار القضائي سمح بإعطاء حجج لصالح الأمن البيومتري وحق مستخدمي المنتجات وخدمات التكنولوجيا في التحكم بالقدرة على الوصول إلى خدمات التعرف على الوجوه.
وأكد إدلسون في بيان أن “البيانات البيومترية تمثل مع التموضع الجغرافي ساحتي المعركة الرئيسيتين اللتين ستحددان ما سيكون عليه الحق في الخصوصية في الجيل المقبل”. وقال “نأمل ونتوقع من شركات أخرى أن تحذو حذو فيسبوك وتولي اهتماما متزايدا بأهمية البيانات البيومترية”.
وأشار المحامي، ناثان ويسلر، من منظمة “يو.سي.أل.يو” النافذة المدافعة عن الحقوق المدنية والتي دعمت المشتكين، إلى أن التسوية قد تشكل منعطفا للمستهلكين. وقال “على الشركات أخذ هذا الموضوع على محمل الجد. نأمل في أن تشكل تسوية بهذا الحجم عامل ردع قوي”.
وتستخدم تقنيات التعرف على الوجوه بشكل متزايد من جانب قوات الشرطة وعناصر الجمارك حول العالم، لكنها باتت أيضا وسيلة “تعريف” عن الأشخاص عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو لفتح الهواتف الذكية أو في السيارات.
وأقرت مدن أميركية عدة، بينها سان فرانسيسكو، حظرا على استخدام هذه التقنيات خشية أن تؤدي قاعدة البيانات الضخمة المتصلة بها إلى أخطاء في التعرف على بعض الأشخاص. ولا ينطبق قانون إيلينوي على كيانات أو موظفين حكوميين.
وثمة قوانين مشابهة في ولايتين أميركيتين أخريين على الأقل، غير أن إيلينوي وحدها تسمح بملاحقات قضائية لأفراد مع دفع تعويضات في حال جمع شركات لبيانات من
دون إذن. وقد وصف آلان باتلر من “إلكترونيك برايفسي إينفورميشن سنتر” الذي دعم أيضا المدعين، التسوية بأنها “مهمة للغاية”، مشيرا إلى أن القضاة قرروا إمكان إحالة القضية على المحاكم على قاعدة إظهار حصول انتهاك للخصوصية من دون الحاجة إلى إثبات وقوع أضرار محددة.
ومع ذلك، قد يكون لقانون إيلينوي وتشريعات أخرى مشابهة تبعات سلبية وفق دانيال كاسترو من “إينفورميشن تكنولوجي أند إينوفيشن فاونديشن” وهو معهد دراسات متخصصة في مجال التكنولوجيا.
وقد أحدثت إتاحة الملاحقة القانونية من دون إثبات وقوع أذى سيلا من الدعاوى القضائية ما دفع ببعض الشركات إلى “وقف خدماتها في إيلينوي لتفادي دفع غرامات”.
وتأتي التسوية التي وافقت عليها فيسبوك في وقت يفكر فيه المشرعون الأميركيون في تشريع فيدرالي بشأن حماية الخصوصية قد يتقدم على القوانين المحلية وكذلك المعمول به في إيلينوي.