تفجير مسجد للشيعة بقندهار: رسالة مزدوجة من داعش إلى طالبان

تنظيم الدولة الإسلامية يتحدى الحركة الأفغانية في معقلها.
السبت 2021/10/16
طالبان تفشل في تأمين معقلها

التفجير الذي استهدف مسجدا للشيعة في مدينة قندهار يشكل رسالة مزدوجة لحركة طالبان التي سيطرت على الحكم في أفغانستان مؤخرا، حيث يواصل تنظيم الدولة الإسلامية – ولاية خراسان استهداف الأقلية الشيعية بما يحرج طالبان خارجيا في وقت تسعى فيه الحركة لإقناع المجتمع الدولي بقدرتها على احتواء تهديدات داعش.

قندهار (أفغانستان) - بعث تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان من خلال التفجير الذي استهدف مسجدا شيعيا في مدينة قندهار الجمعة برسائل مزدوجة إلى حركة طالبان التي استولت على الحكم مؤخرا.

وبالرغم من أن تنظيم الدولة لم يتبنّ بعد الهجوم إلا أنه حمل بصماته خاصة بعد سلسلة من الاعتداءات المماثلة التي قام بها مؤخرا في خطوات تُحرج طالبان أمام المجتمع الدولي حيث تسعى لطرح نفسها كطرف قوي وقادر على كبح جماح “داعش”.

كما يعد هجوم الجمعة ذا أهمية خاصة لدى “داعش”، حيث يسلط الضوء على تحدٍ كبير لطالبان باعتبار أن قندهار مهد الحركة ومعقلها.

وأسفر الهجوم الذي نفذه انتحاري أثناء أداء صلاة الجمعة عن مقتل ما لا يقل عن 33 شخصا وإصابة 74 آخرين بجروح.

62

شخصا لقوا مصرعهم في الهجوم الذي استهدف مسجدا للشيعة حسب وكالة أنباء باختار الرسمية

ويأتي الهجوم بعد أسبوع من هجوم انتحاري استهدف مصلّين شيعة في مدينة قندوز (شمال) وتبناه تنظيم الدولة الإسلامية.

وأفاد مسؤول محلي في حركة طالبان طلب عدم الكشف عن هويته “تظهر معلوماتنا الأولية أن انتحاريا فجّر نفسه داخل المسجد. فتحنا تحقيقا للكشف عن المزيد من المعلومات”.

وأفاد طبيب في مستشفى “ميرويس” المركزي بأن “المستشفى استقبل 33 جثة و74 جريحا حتى الآن”.

وأكدت مصادر طبية أخرى ومسؤول في الولاية أن الحصيلة تجاوزت 30 قتيلا، فيما هرعت أكثر من 15 سيارة إسعاف إلى المكان.

لكن وكالة أنباء باختار الرسمية قالت إن 62 شخصا لقوا مصرعهم على الأقل وأصيب 68 آخرون.

وقال طبيب “نواجه ضغطا كبيرا. هناك العديد من الجثث وتم نقل الكثير من الجرحى إلى المستشفى. نتوقع وصول المزيد. نحن بحاجة عاجلة إلى الدم. طلبنا من جميع وسائل الإعلام في قندهار أن تطلب من الناس القدوم والتبرّع بالدم”.

وأفاد شاهد عيان بسماعه ثلاثة انفجارات، أحدها عند المدخل الرئيسي للمسجد والآخر جنوبا والثالث في المكان المخصص للوضوء.

وأكد شاهد آخر أن ثلاثة انفجارات هزّت المسجد الواقع وسط المدينة أثناء صلاة الجمعة التي يشارك فيها عادة عدد كبير من السكان.

طالبان تعجز عن توفير الحماية للأفغان
طالبان تعجز عن توفير الحماية للأفغان

وأفاد الناطق باسم وزارة الداخلية قاري سيد خوستي على تويتر “نشعر بالحزن لعلمنا بأن انفجارا وقع في مسجد للإخوة الشيعة في المنطقة الأولى بمدينة قندهار والذي استشهد وأصيب فيه عدد من أبناء وطننا”.

وأظهرت صور انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي جثثا ملقاة على أرض مسجد فاطمية.

وقال أحد السكان ويدعى أحمدالله “بدأ صوت إطلاق النار بعدما انتهينا من الصلاة. ومن ثم وقع انفجاران أو ثلاثة”.

وأضاف “كان هناك الكثير من الشهداء والجرحى. ولا أعرف ما حصل لاحقا”.

والجمعة الماضي استهدف انتحاري من تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان مسجدا للشيعة في قندوز، ما أسفر عن مقتل العشرات.

وأعلن التنظيم الخصم لحركة طالبان مسؤوليته عن الهجمات التي استهدفت مصلّين شيعة يعتبرهم تنظيم الدولة الإسلامية كفرة.

وأفادت شركة التحليلات المرتبطة بالنزاعات “إكس تراك” أنه في حال تبنى تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان الاعتداء، فسيكون أول هجوم ينفّذه التنظيم في قندهار ورابع مجزرة تؤدي إلى سقوط عدد كبير من الضحايا منذ سيطرت طالبان على كابول.

وقال الباحث لدى “إكس تراك” عبدالسيد أن الاعتداء “يمثّل تحديا لمزاعم طالبان بأنها تسيطر على البلاد. إن لم تكن طالبان قادرة على حماية قندهار من اعتداء لتنظيم الدولة الإسلامية – ولاية خراسان، فكيف يمكنها حماية باقي مناطق البلاد؟”.

وتحاول طالبان إقناع المجتمع الدولي بقدرتها على مكافحة “داعش” لكن يبدو أن هذه الهجمات ستقوض فرصها في ذلك.

وكان وزير خارجية الحركة أمير خان متقي قد طالب المجتمع الدولي مؤخرا بمنحهم المزيد من الوقت لإرساء الأمن، مضيفا أنه على العالم إقامة علاقات مع طالبان.

وقال خان إنه “على المجتمع الدولي أن يبدأ التعاون معنا (…) بذلك سنتمكن من وقف انعدام الأمن وسنتمكن من التواصل بإيجابية مع العالم في الوقت ذاته”، مشددا على سيطرة قوات طالبان الكاملة على البلاد وقدرتها على احتواء التهديد من مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية.

ولحركة طالبان، التي سيطرت على أفغانستان في منتصف أغسطس عقب الإطاحة بالحكومة المدعومة من الغرب، تاريخها أيضا في اضطهاد الشيعة.

لكن الحكومة الجديدة بقيادة طالبان تعهّدت بإعادة الاستقرار إلى البلاد غداة اعتداء قندوز كما تعهّدت بحماية الأقلية الشيعية التي تعيش اليوم في ظل حكمها.

ويشكّل الشيعة 10 في المئة تقريبا من سكان أفغانستان وهم بغالبيتهم من الهزارة، وهي مجموعة عرقية مضطهدة منذ عقود في أفغانستان.

وفي أكتوبر 2017 هاجم انتحاري مسجدا شيعيا غرب كابول، ما أسفر عن مقتل 56 شخصا وإصابة 55 بجروح.

5