تفاقم البطالة في الأردن يضع المجهودات الحكومية محل تشكيك

عمان - قالت جمعية معهد تضامن النساء الأردني إن نسبة البطالة بين الشباب الأردنيين بلغت 48.7 في المئة خلال الربع الأول من عام 2021، ما يفاقم التحديات الاقتصادية والاجتماعية أمام الأردن الذي يكافح للتغلب على تداعيات جائحة فايروس كورونا، في ظل محدودية موارده واعتماده على المساعدات الخليجية والدولية.
وسجلت معدلات البطالة بين فئة الشباب مستويات مرتفعة حيث بلغت 61.5 في المئة للفئة العمرية 15 - 19 عاماً، و45.7 في المئة للفئة العمرية 20 - 24 عاماً، بينما 80 في المئة من الأردنيات العاطلات عن العمل يحملن شهادة البكالوريس فأعلى.
وفي ظل ركود اقتصادي مزمن وارتفاع المديونية التي وصلت إلى حدود 85 في المئة من الناتج المحلي الخام، يحمّل الأردنيون الحكومة مسؤولية تردي أوضاعهم وسط غليان مجتمعي ترجمته الاحتجاجات الشعبية.
ويشهد الأردن منذ عشر سنوات ارتفاعا مطردا في نسبة البطالة، ورغم الوعود الحكومية بالتشغيل والتوظيف، إلا أنها لم تنعكس على أرض الواقع، إذ تشكل البطالة أكبر الهواجس للمملكة التي تعاني بالأساس أوضاعا اقتصادية صعبة فاقمتها قيود وإغلاقات لنحو عام بسبب جائحة كورونا التي رفعت أيضا مديونية المملكة الداخلية والخارجية.
ولمواجهة الأزمة اعتمد الأردن موازنة لعام 2021 هي الأصعب واستثنائية جدا، وأقر حزمة من البرامج التحفيزية للاقتصاد بقيمة تقدر بحوالي 448 مليون دينار (630 مليون دولار) للتخفيف من الآثار السلبية التي تسببت بها جائحة كورونا.
ويتخوف مراقبون من تداعيات الأوضاع الاقتصادية التي قد تؤجج التوتر الاجتماعي جراء حالة التدهور الحاصلة التي لا أفق لتجاوزها على المدى القريب.
وحملت إشارات البنك الدولي حول المعدلات المرتفعة للبطالة في الأردن انتقادات لخطط الإصلاح الاقتصادي التي تنفذها الحكومة لتوسيع آفاق سوق العمل، وهو ما دفعها إلى إعادة النظر في استراتيجيتها من خلال مطاردة حلّ توسيع مشاركة القطاع الخاص في التنمية وبالتالي توفير فرص وظيفية أكثر.
وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني شدد على ضرورة تنفيذ عملية الإصلاح في المملكة بأسلوب يلمسه المواطنون، مؤكدا ضرورة الأخذ بآرائهم والاستفادة من أصحاب الخبرات.
ولفت إلى أهمية تحدي الفقر والبطالة قائلا إنهما “ازدادا بشكل ملحوظ نتيجة تداعيات جائحة كورونا، ما يتطلب المزيد من الجهود للحد منهما”.
وفي محاولة لاحتواء أزمة البطالة أعادت الحكومة الأردنية في سبتمبر الماضي تفعيل الخدمة العسكرية الإلزامية “خدمة العلم” للذكور في الفئة العمرية بين 25 و29 عاما، حيث يمنح المكلف 100 دينار شهريا (نحو 140 دولارا) أثناء فترة الخدمة الإلزامية.
ناصر الشريدة: تحفيز النمو الاقتصادي أبرز المطبّات التي تعترضنا
وتراهن المملكة على القطاع الخاص من أجل جلب استثمارات خارجية ودفع عجلة التنمية ما يمكن من امتصاص العاطلين عن العمل، حيث تبحث حاليا توسيع مشاركة القطاع الخاص في تنمية الاقتصاد من أجل تخفيف هذه المشكلة المزمنة.
وعقدت الحكومة سلسلة لقاءات مع ممثلي القطاع الخاص حول أهم السياسات والإصلاحات المطلوبة للنمو وخلق فرص العمل بالإضافة إلى ما تحتاجه القطاعات الإنتاجية ذات الأولوية من دعم في هذه المرحلة.
واعتبر وزير التخطيط والتعاون الدولي ناصر الشريدة أثناء لقائه بمجلس إدارة وأعضاء منتدى الاستراتيجيات الأردني في وقت سابق، أن الأردن يواجه مطبات يجب تجاوزها سريعا من خلال تحفيز النمو وكل ما له علاقة بذلك.
وقال الشريدة إن “أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد اليوم تتمثل في ارتفاع معدل البطالة وتباطؤ النمو وتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر وكذلك التحديات التي فرضتها الجائحة محليا وعالميا".
وأعدت الحكومة وثيقة حول أولوياتها حتى 2023 ووثيقة الأردن 2025، بالإضافة إلى الاستراتيجيات القطاعية وأهداف أجندة التنمية المستدامة والبرنامج التنفيذي للأعوام 2021 – 2024.
وتستهدف أولويات الحكومة تحفيز القطاع الخاص على توفير المزيد من فرص العمل، وزيادة الاستثمار المحلي والأجنبي، وزيادة الصادرات من خلال جملة من الإجراءات والإصلاحات التي وزعت على ثلاثة محاور أساسية.
ويتضمن محوران منها الأولويات القصوى على المستوى الكلي، أما المحور الثالث فيشمل مستوى القطاعات المستهدفة في المرحلة الحالية وهي السياحة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات والزراعة.
ويراهن المسؤولون الأردنيون الآن على اعتماد نموذج شراكات جديد لتعزيز مؤشرات النمو وذلك بتوسيع دور القطاع الخاص إلى جانب ما يقوم به القطاع العام.
وكان الملك عبدالله الثاني قد وجه الحكومة نهاية مايو الماضي إلى وضع برنامج عمل اقتصادي واضح المعالم مرتبط بمدد زمنية محددة لتنفيذه، بالشراكة مع القطاع الخاص من أجل تحقيق التعافي الاقتصادي. ولفت بشكل واضح إلى تحدي الفقر والبطالة.
وبين أكتوبر 2016 وأبريل 2017 أصدر العاهل الأردني ما يُعرف بـ”الأوراق النقاشية” وعددها سبع، وهي تمثل رؤيته لتحقيق الإصلاح الشامل، لكن المتابعين رأوا أنه لا توجد إرادة حقيقية لتنفيذ الإصلاحات، ما أدى إلى خروج احتجاجات خلال السنوات الماضية للمطالبة بتغيير النهج.
وتأثر البلد الذي يستورد أكثر من 90 في المئة من حاجاته من الطاقة ويعتمد على المساعدات بشكل مفرط كثيرا بالأزمتين المستمرتين في كل من العراق وسوريا وخاصة أزمة اللاجئين.
وجراء ذلك تتعرض سوق العمل الأردنية لمنافسة قوية من العمالة السورية، حيث تستوعب البلاد حوالي 2.9 مليون غير أردني، بينهم 1.3 مليون سوري والباقي يمثلون جنسيات مصرية وفلسطينية وعراقية ويمنية.