تعليم هندسي متقدم في تونس يتيح لخريجيها العمل في الخليج وأوروبا

دعت هيئة المهندسين المعماريين في تونس إلى عدم تعقيد إجراءات خروج المهندسين إلى أوروبا أو الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن المهندسين الذين يتوجهون إلى العمل خارج البلاد يجدون ظروفا مناسبة للنجاح هناك، مؤكدة أن تونس في حاجة إلى تنظيم قانوني وإداري في هذا التخصّص. وذكرت تقارير لعمادة المهندسين في تونس أنّ مُعدّل أجور المهندسين منخفض مقارنة بنظرائهم في المغرب والأردن، وفي بلدان الاستقطاب مثل فرنسا وبلجيكا وكندا.
تونس - تتمتع تونس بتميز كفاءاتها وتموقعها على الصعيد العالمي في مختلف المجالات على غرار الهندسة، حيث تملك تعليما هندسيا متقدّما يتيح لخريجيها العمل خارج البلاد والتوجّه خصوصا نحو أوروبا وبلدان الخليج، وسط دعوات المراقبين إلى تفعيل اتفاقيات الشراكة في المجال مع الخارج. وأشاد محمد صالح القرجي رئيس مجلس هيئة المهندسين المعماريين السابق بـ”جودة التعليم الهندسي في تونس”.
وقال في تصريح لـ”العرب”، “يوجد في تونس 6 آلاف مهندس معماري منهم ألف مهندس توجّهوا إلى فرنسا وكندا”، داعيا الدولة إلى ضرورة الإيمان بمجال الهندسة وتفعيل اتفاقيات الشراكة مع الخارج.
وأضاف القرجي “المهندسون الذين يتوجهون إلى العمل خارج البلاد يجدون ظروفا مناسبة للنجاح هناك، وتونس في حاجة إلى تنظيم قانوني وإداري في هذا التخصّص”.
ويبلغ عدد المهندسين في تونس حوالي 80 ألف مهندس ثلثهم إناث و70 في المئة منهم تقلّ أعمارهم عن 40 سنة، حسب إحصائيات عمادة المهندسين التونسيين في 2020.
ويتوزع تشغيل المهندسين في تونس إلى 4 آلاف في الوظيفة العمومية و12 ألفا في المؤسسات العمومية و64 ألفا في القطاع الخاص، في حين يوجد حوالي 8 آلاف مهندس جديد كل سنة 45 منهم إناث. ويتّجه وفق أرقام العمادة، قرابة 2500 مهندس سنويا نحو بلدان أوروبا والخليج العربي.
ويبلغ عدد المدارس العمومية في الهندسة 30 وعدد المدارس الخاصة 28 وتدرّس 96 اختصاصا هندسيا. ويثمّن مراقبون طريقة التدريس المتطوّرة في مجالات الهندسة والطبّ والتي تسمح بتصدير الكفاءات إلى الأسواق العالمية.
ويقول هؤلاء إن السوق التونسية لا تستوعب العدد الكبير من المهندسين كما لا يشجّع المنوال التنموي الضعيف على بعث مشاريع عملاقة ومشغّلة، وسط مطالب بضرورة حوكمة القطاع العام، وتوفير الظروف الملائمة لعمل المهندس في بلاده.
وأفاد فوزي بن عبدالرحمن وزير التشغيل السابق أن “طبيعة الدراسات الهندسية في تونس متميّزة نظرا لوجود مدارس عالمية، فضلا عن المدارس الخاصّة التي تصدّر مهندسين، وخرّيجو المنظومة التربوية لديهم مكانة جيّدة لدخول الكليات الفرنسية”.
وقال لـ”العرب”، “طريقة التدريس في الهندسة والطبّ جيّدة، وكان القطاع العام هو المشغل الرئيسي للمهندسين منذ الاستقلال في 1956، لكن الآن تغيب السياسات العمومية لتصدير الكفاءات العلمية، وهناك وكالة التعاون الدولي التي تشغّل المهندسين التونسيين في دول الخليج”.
وتابع بن عبدالرحمن “نحتاج اليوم إلى هذه الكفاءات ونرفض تعقيد إجراءات خروجها إلى أوروبا أو الولايات المتحدة، لكنّ المهندسين يشتغلون في مشاريع كبيرة وهي غير متوفرة في تونس”.
طبيعة الدراسات الهندسية في تونس متميّزة نظرا لوجود مدارس عالمية، فضلا عن المدارس الخاصة التي تصدّر المهندسين
وأشار إلى أن “كلفة المهندس أو الطبيب في تونس تبلغ حوالي 100 ألف دولار، وأوروبا تستقطب المهندسين المكوّنين”، لافتا إلى أن 30 في المئة من خرّيجي الهندسة يتوجهون سنويا نحو أوروبا والولايات المتحدة والخليج العربي بسبب غياب إرادة سياسية للبناء الشامل محليا.
وتعتبر المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس، (المدرسة القومية للمهندسين بتونس سابقا) التي تأسست في 1968، أولى المدارس التونسية في تخصص الهندسة، وقد قامت بتكوين الآلاف من المهندسين التونسيين الذين ساهموا في إرساء البنية التحتية التونسية وفي دفع عجلة التنمية.
وارتبطت هذه المدرسة لفترة طويلة باسم مؤسسها ومديرها الأول المختار العتيري، وتأسست بعدها ثلاث مدارس أخرى للمهندسين بقابس (جنوب) وصفاقس (جنوب) والمنستير (وسط).
وأكّد وزير التعليم العالي والبحث العلمي منصف بوكثير، في تصريح إعلامي، في ديسمبر الماضي على “أهميّة الكفاءات الهندسيّة التونسيّة”، معتبرا أنّه “من الضروري تهيئة المناخ المناسب لبقائهم ببلادهم خاصّة وأنّ التكوين في تونس ممتاز، كما تتلقى الوزارة طلبات على دفعات لطلاب هندسة تونسيين لانتدابهم للعمل فور تخرجهم في عدّة دول”.
وأشار بوكثير إلى أنّ “الوزارة بالتعاون مع وكالة التعاون الفرنسي بصدد إعداد دراسة إستراتيجية على التكوين الهندسي في تونس ستعلن عن نتائجها لجنة مشتركة”، حسب تصريحه خلال لقاء لإحياء 30 سنة على الشراكة بين الوكالة الفرنسية للتنمية وتونس في المعهد الوطني للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا.
وسبق أن حققت تونس فوزا آخر على مستوى تميز كفاءاتها وتموقعها على الصعيد العالمي في مجال الهندسة المعمارية، وتم انتخابها رسميا عضوا بالاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين وهو منظمة مهنية تضم نحو 3.2 مليون مهندس معماري من كافة أنحاء العالم.
وسجلت نتائج التعاون الفني العام الماضي تطورا يقدر بنسبة 94.2 في المئة حيث بلغ عدد المنتدبين المسجلين لدى الوكالة التونسية للتعاون الفني 775 منتدبا مقابل 399 منتدبا خلال نفس الفترة من سنة 2021.
وسجّل قطاع الصحة توظيف 352 إطارا أي ما يعادل 45 في المئة من مجموع الموظّفين، يليه قطاع الهندسة بـ181 موظفا، ثم التربية والتعليم بـ66 موظّفا.
وتعتبر نسبة البطالة لدى المهندسين في تونس مرتفعة حيث تجاوزت 10 آلاف عاطل عن العمل في صفوفهم، فضلا عن تدني أجورهم سواء في القطاع الخاص أو القطاع العام.
وأفاد عميد المهندسين كمال سحنون في تصريح إعلامي سابق “أن تدهور البنية التحتية في تونس يعود بالأساس إلى عدم أخذ سلطات الإشراف لآراء المهندسين وذلك لأسباب مالية أو سياسية”، معتبرا “أن تغير الحكومات بصفة متكررة يتسبب في تعطيل المرفق الإداري وأشغال المشاريع الكبرى في تونس بما في ذلك الطرقات أو غيرها من المجالات”.
وذكرت تقارير لعمادة المهندسين في تونس أنّ مُعدّل أجور المهندسين في المغرب يساوي 4 أضعاف متوسّط أجور المهندسين في تونس وفي الأردن يساوي الضعف، وفي بلدان الاستقطاب مثل فرنسا وبلجيكا وكندا يساوي الأجر 6 أضعاف ونصف الأجر في تونس.