تعزيز الأمن أداة الأردن لتهدئة الغليان الداخلي

تصريحات متزامنة لقادة أجهزة أمنية رئيسية في الأردن بدت موجهة إلى الداخل لضبط الأمن في مواجهة تداعيات أزمة اقتصادية متفاقمة جراء انتشار الوباء، الذي أثر بشكل كبير على مناحي الحياة في المملكة.
عمّان - عزز الأردن من خطواته السياسية والأمنية على صعيد تهدئة الاحتقان الداخلي جراء الوضع الاقتصادي المتأزم، الذي أثر بشكل كبير على شتى مناحي الحياة في البلاد جراء انتشار وباء كورونا والغلاء والانفلات الذي خلفته تداعيات الانتخابات الأخيرة.
ويسعى الأردن إلى النأي بنفسه عن صراعات المنطقة في ضوء اعتماده بصفة كبيرة على المساعدات الخارجية لتلبية احتياجاته الاقتصادية المختلفة، خاصة وأن البلد يحتضن عددا كبيرا من المخيمات المكتظة باللاجئين.
وتشير تصريحات متتالية ومتزامنة لقادة أجهزة أمنية رئيسية في الأردن إلى وجود مخاوف من انفلات جراء الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي تسببت في زيادة الاحتقان الشعبي، وأثرت على حياة المواطنين في مختلف محافظات المملكة.
وبدت تصريحات أطلقها قائد الدرك الأردني العميد الركن وليد قشحة بشأن المضي قدما في “تعزيز سيادة القانون وحماية المقدرات الوطنية”، رسالة إلى الداخل بضرورة الانضباط بعد نحو أسبوع على استقالة وزير الداخلية، والفوضى التي خلفتها ردود الفعل والاحتفالات المصاحبة لانتخابات البرلمان الجديد.
وقال إن “مديرية الأمن العام وبعد عملية الدمج والخطوات الناجحة التي خطتها في هذا المجال أصبحت أكثر قوة وقدرة على الدفاع عن مصالح الدولة والأفراد”.
وجرت الانتخابات في العاشر من نوفمبر وسط إجراءات غير مسبوقة لمنع تفشي فايروس كورونا، وعاشت بعدها البلاد على وقع فوضى أمنية وحالة من التوتر جراء الاحتفالات والاستعراضات بالأسلحة الأوتوماتيكية، التي شكلت إحراجا كبيرا للسلطة.
وأغضبت تلك التصرفات العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وقد وصفها بأنها من “المظاهر المؤسفة بعد العملية الانتخابية”، مؤكدا حينها أن “القانون يطبق على الجميع ولا استثناء لأحد”.
وكانت الأجهزة الأمنية قد أوقفت عددا من مثيري الشغب والمخلين بالأمن منهم فائزون بالانتخابات لمخالفتهم القوانين وقوانين حظر التجوال وعرضوا صحة المواطنين للخطر من خلال التجمعات والتجمهر، كما ضبطت الأجهزة الأمنية عددا من قطع السلاح التي استخدمت أثناء الاحتفاء بالفائزين.
وجاءت هذه التطورات في أعقاب جريمة تعرض لها فتى في مدينة الزرقاء، وأثارت ردود فعل غاضبة في المملكة المعروفة بأجهزتها الأمنية القوية.
وكانت السلطات الأردنية قد عززت من انتشار وحداتها الأمنية في مناطق رئيسية وأمام المستشفيات، والمناطق الأكثر ازدحاما لمنع أي محاولة لخرق القانون.
ويدفع الأردن ثمنا باهظا جراء تداعيات صراعات محيطة به من حدوده الشمالية والشرقية، وأوضح أحدث تقرير نشره البنك المركزي الأردني أن النمو الاقتصادي للبلاد لا يزال مثقلا بأعباء قضايا المنطقة المشتعلة التي أثرت بشكل مباشر على الاقتصاد المحلي.
وتشير مصادر سياسية مختلفة في الأردن إلى أن السلطات تبحث عن مخرج أو وضع خطة تغيير قصد التخفيف من حدة الاحتقان الداخلي، التي زادت بفعل تأثيرات كورونا والشلل الاقتصادي.
ولجأت السلطات الأردنية إلى استخدام الأمن في عملية ضبط العمليات التجارية ووضع حدّ للاحتكار بعد تزايد الشكاوى من المواطنين جراء الضائقة المالية.
وأعطت تلك السلطات للأجهزة الأمنية مهمة عمل جولات ميدانية في الأسواق للاطمئنان على الأوضاع الأمنية، والالتقاء مع التجار وأصحاب الأعمال، خاصة مع تسجيل احتجاجات لأصحاب محال تجارية وسط العاصمة الأردنية بسبب “قرارات تنظيم السوق”، إضافة إلى اعتصام لسائقي السيارات بسبب إغلاق الحدود مع السعودية.
وكان مدير الأمن العام اللواء الركن حسين الحواتمة قد أكد على استمرار الحملات الأمنية التي أطلقتها الأجهزة الأمنية منذ أسابيع لضبط السلاح المنفلت وتخفيف حالة الاحتقان والتململ من الوضع الاقتصادي المتأزم ومنع تزايد الجرائم. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية “بترا” عن الحواتمة قوله إن “العمل الأمني متواصل ولا ينتهي، ولن نسمح لأي كان بالتعدي على حقوق الآخرين”.
ويقول مراقبون إن الأردن بحاجة إلى دعم لمواجهة مخلفات أزمة كورونا على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، والتي من المحتمل أن تزيد من تعقيد الوضع بعد فشل الحلول السابقة في إيجاد حلول لمطالب الحركة الاحتجاجية قبل نحو سنتين.
ويرى هؤلاء أن الحكومة الأردنية برئاسة بشر الخصاونة ستسعى إلى توظيف الإمكانيات الذاتية التي تتوفر حاليا للمملكة في مسعاها إلى مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية، خاصة وأن انتشار فايروس كورونا أثر على شتى مناحي الحياة في البلاد.