تعديل وزاري في الأردن يستهدف ترشيق الحكومة وضبطها على إيقاع الخصاونة

رئيس الوزراء بشر الخصاونة يقوم بسلسلة اصلاحات داخل تركيبة حكومته في خطوة تهدف إلى ضخ دماء جديدة وإعطاء دفعة لتحسين التعامل مع احتياجات المرحلة.
الاثنين 2021/03/08
تعديل فرضته الضرورة أم حسابات الخصاونة

عمان- أجرى رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة الأحد تعديلا وزاريا، في خطوة بدا الهدف منها خلق ديناميكية وتناغم أكبر بين الفريق الوزاري، كما لا يخفى أن بعض الوزراء الذين جرت تنحيتهم لا يشاطرون الخصاونة ذات التوجه خصوصا في ما يتعلق بسبل معالجة الوضع الاقتصادي المترنح.

وجرى تعيين خمسة وزراء جدد بينهم وزيرا الداخلية والعدل اللذان أقالهما الخصاونة الأسبوع الماضي بسبب حضورهما مأدبة بمطعم في انتهاك لقيود كورونا التي يُفترض أنهما مسؤولان عن تطبيقها.

وشكلت إقالة سمير المبيضين وبسام التلهوني الحجة التي وظفها الخصاونة لتمرير التعديل، والذي يأتي بعد خمسة أشهر من تشكيل حكومته. ويقول مراقبون إن هذا التعديل وهو الثاني لا يبدو مقنعا حيث تمت إعادة ثلاثة وزراء سابقين، فضلا عن الاحتفاظ بأسماء كانت محل جدل على مدار الفترة الماضية.

الخصاونة حرص على ترشيق الحكومة، بعد الانتقادات التي واجهته، لكن ليس متوقعا حدوث أي تغيير في النسق الحكومي

وضمت الحكومة الجديدة 28 وزيرا بعد أن كان عددها 31 وزيرا، وتولى فيها العميد مازن عبدالله هلال الفراية، الذي كان مديرا لعمليات خلية أزمة كورونا منصب وزير الداخلية، في تغيير يُنظر له على أنه يمنح الخصاونة مجالا أكبر لمعالجة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية.

ويرى مراقبون أن التحوير الأبرز كان خروج نائب رئيس الوزراء ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية أمية طوقان، في المقابل احتفظ الخصاونة بمحمد العسعس، خريج جامعة هارفارد، في منصبه كوزير للمالية.

ونال العسعس إشادة صندوق النقد الدولي على تعامله مع الاقتصاد خلال الجائحة كما تفاوض على برنامج مدته أربع سنوات للصندوق بقيمة 1.3 مليار دولار مما يشير إلى الثقة في برنامج الإصلاح بالمملكة.

وطال التعديل وزير التربية والتعليم تيسير النعيمي، الذي واجه انتقادات واسعة خلال الفترة الماضية على خلفية الارتباك في عملية التعليم عن بعد والتعليم الوجاهي والتخبّط في قرارات إغلاق وفتح المدارس.

إقالة سمير المبيضين وبسام التلهوني حجة وظفها بشر الخصاونة لتمرير التعديل

ويقول سياسيون أردنيون إنهم كانوا يأملون في أن يطال التحوير وزير الشؤون السياسية والبرلمانية موسى المعايطة الذي اتسم أداؤه بالسلبية في التعاطي مع القوى الحزبية.

وشمل التعديل فصل حقيبة العمل عن الدولة لشؤون الاستثمار، وإلغاء الأخيرة مع احتفاظ وزيرها معن القطامين بالحقيبة الأولى (العمل)، وأيضا جرى دمج وزارتي التربية والتعليم، والتعليم العالي والبحث العلمي، في خطوة لم تلق استحسان الكثيرين.

وتقول مصادر مطلعة إن الخصاونة حرص خلال التعديل على الأخذ بالاعتبار ترشيق الحكومة، لاسيما بعد الانتقادات التي تعرض لها جراء عدد الوزراء المعينين، لكن ليس من المتوقع حدوث أي تغيير في النسق الحكومي.

وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني قد عيّن الخصاونة، الذي تلقى تعليمه في بريطانيا كما أنه دبلوماسي مخضرم سابق ومساعد للقصر، في أكتوبر الماضي لاستعادة ثقة الشعب بخصوص التعامل مع أزمة فايروس كورونا وتهدئة الغضب من فشل الحكومات المتعاقبة في الوفاء بتعهدات تحقيق الازدهار والحد من الفساد.

ويشهد الأردن ارتفاعا في الإصابات منذ قرابة شهرين بسبب سلالة محورة للفايروس أسرع انتشارا، وسط سخط متزايد من تدهور الأوضاع الاقتصادية والقيود على الحريات العامة بموجب قوانين الطوارئ.

ويأتي التعديل بعد أن أقر البرلمان الأسبوع الماضي ميزانية بقيمة 9.9 مليار دينار (14 مليار دولار) قال العسعس إنها تهدف إلى الحفاظ على الحصافة المالية للمساعدة في ضمان الاستقرار المالي وكبح جماح الدّين العام القياسي البالغ 45 مليار دولار.

وشهد الاقتصاد أسوأ انكماش له، ثلاثة في المئة، منذ عشرات السنين العام الماضي حيث تضرر من عمليات العزل العام وإغلاق الحدود والانخفاض الحاد في السياحة أثناء الجائحة. لكن الحكومة وصندوق النقد الدولي يتوقعان ارتدادا بنفس الحجم هذا العام.

ويقول مسؤولون إن التزام الأردن بإصلاحات صندوق النقد الدولي وثقة المستثمرين في المستقبل المتوقع ساعدا البلاد في الحفاظ على تصنيفات سيادية مستقرة في وقت يشهد تراجعا للأسواق الناشئة الأخرى.

التعديل طال وزير التربية والتعليم تيسير النعيمي، الذي واجه انتقادات واسعة خلال الفترة الماضية على خلفية الارتباك في عملية التعليم عن بعد والتعليم الوجاهي

وستسعى حكومة الخصاونة للمضي قدما في تلك الإصلاحات، حيث ما من بديل رغم أن لها كلفتها في علاقة بالشارع الأردني الذي بات مستنزفا جراء الأزمة.

ويعتقد أن التعديل الحكومي سيجر معه تعديلات هيكلية أخرى ستشمل الديوان الملكي حيث من المرجح دخول مستشارين جدد لضخ دماء جديدة، وإعطاء دفعة لتحسين التعامل مع احتياجات المرحلة.

وكان الملك عبدالله الثاني قد وجه جملة من الرسائل في الأسابيع الماضية عن نيته إحداث تغييرات، ومن بين الرسائل تلك التي وجهها لجهاز المخابرات الذي طالبه بالعودة لنطاق الصلاحيات التي تعنيه مباشرة.

2