تعاون ألماني - مغربي - إسباني لتعزيز الأمن المشترك

الحوار الدائم بين المسؤولين في البلدان الثلاثة يثبت أهمية العلاقات ذات الطابع الإستراتيجي لمواجهة التحديات المشتركة في مختلف المجالات الأمنية.
الجمعة 2025/01/31
اجتماع ثلاثي لتعزيز الشراكة الأمنية

الرباط- تتوسع مجالات التعاون الأمني وتبادل الخبرات بين المغرب وإسبانيا وألمانيا في عدة مجالات وعلى رأسها مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف ومختلف صور الجريمة العابرة للحدود، وقد شارك المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني عبداللطيف حموشي بإسبانيا في اجتماع ثلاثي إلى جانب ألمانيا لتعزيز الشراكة الأمنية.

وترأس حموشي يومي الثلاثاء والأربعاء وفدا أمنيا يضم مدراء ومسؤولين أمنيين، بطلب من المدير العام للشرطة الوطنية الإسبانية، للمشاركة في اجتماعات ثنائية يشارك فيها رئيس الشرطة الفيدرالية الألماني، حيث أشاد الجانبان بمستوى وحجم التعاون في المجال الأمني، وبنجاعة العمليات المشتركة للأجهزة الأمنية المغربية والإسبانية لتحييد مخاطر التنظيمات الإرهابية والعناصر المتطرفة التي تهدد أمن البلدين، كما شدد الطرفان على ضرورة وأهمية تدعيم هذا التعاون في ظل الرهانات والتطلعات المشتركة بين البلدين.

هشام معتضد: الرباط وبرلين لهما رؤى متقاطعة في ما يخص مكافحة الإرهاب
هشام معتضد: الرباط وبرلين لهما رؤى متقاطعة في ما يخص مكافحة الإرهاب

واتفق الطرفان على توسيع نطاق التعاون ليشمل مضاعفة عمليات التسليم المراقب للمخدرات، وإحداث فرق مشتركة لمواجهة مختلف التهديدات الإجرامية الناشئة ومختلف صور الجريمة الاقتصادية والمالية، والجرائم المعلوماتية الماسة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات، فضلا عن التفكير في خلق لجنة أمنية مشتركة لاستشراف مختلف التحديات الأمنية المرتبطة بالتنظيم المشترك لبطولة كأس العالم لكرة القدم في 2030، حسب بيان المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.

وشهدت هذه الاجتماعات تطابق وجهات نظر الوفود الأمنية الثلاثة، وتأكيدها على أهمية وضرورة تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات الأمنية، بما يسمح بتحييد ودرء سائر المخاطر والتهديدات المتنامية على الصعيدين الإقليمي والدولي، من خلال تبادل الخبرات والتجارب والممارسات الكفيلة بتأمين التظاهرات الرياضية الكبرى، وتوفير الأجواء الآمنة لإنجاح هذه الأحداث الكروية الدولية، خصوصا في ظل استعداد المغرب وإسبانيا لتنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم في سنة 2030 بمشاركة البرتغال.

وذكر هشام معتضد، الأكاديمي والباحث في الشؤون الإستراتيجية، لـ”العرب” أن هذا الاجتماع حيوي بالنسبة إلى ألمانيا بشكل خاص حيث تعمل مع المغرب على توسيع نطاق التعاون الأمني ومجالات إستراتيجية أخرى والاستفادة من روابطه الإقليمية ومتانة علاقاته مع العمق الأفريقي، كفاعل مهم في تحقيق الاستقرار والسلم في المنطقة، ومنصة موثوق بها على مستوى استتباب الأمن.

وأكد محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، لـ”العرب” أن الحوار الدائم بين المسؤولين في البلدان الثلاثة يثبت أهمية العلاقات ذات الطابع الإستراتيجي، لأنهم يواجهون تحديات مشتركة تعزز العلاقات وينمو في إطارها الترابط الإستراتيجي متعدد الأبعاد، مشيرا إلى أن إسبانيا على وجه الخصوص تدرك الدور الأساسي للمغرب في منظومة الأمن الإقليمي، باعتباره ليس فقط متلقيا أمنيا يتفاعل مع الخطط الأمنية في المنطقة، بل هو مزود أمني يزود المنطقة بالتدابير الأمنية الاستباقية.

محمد بودن: إسبانيا تدرك الدور الأساسي للمغرب في منظومة الأمن الإقليمي
محمد بودن: إسبانيا تدرك الدور الأساسي للمغرب في منظومة الأمن الإقليمي

ويأتي هذا الاجتماع الثلاثي في سياق تزايد تحديات أمنية إقليمية ودولية بين أفريقيا وحوض المتوسط، لأجل تبادل وجهات النظر حول مختلف القضايا الأمنية ذات الاهتمام المشترك، وتقييم حصيلة التعاون الثنائي بين الرباط وبرلين في مجال الأمن، خصوصا بعد الزيارة التي قام بها حموشي إلى ألمانيا في يونيو الماضي.

وقد اجتمع مسؤولون أمنيون مغاربة وألمان كبار بالعاصمة الرباط في فبراير الماضي، لمناقشة إستراتيجيات تعزيز التعاون الثنائي في مكافحة التهديدات العابرة للحدود الوطنية وتقييم آليات زيادة التعاون بين الأجهزة الأمنية في كلا البلدين، حيث شدد الجانبان على أهمية اتباع نهج تعاوني لمعالجة التحديات المعاصرة، وأن الشراكات الفعالة بين الشمال والجنوب لا غنى عنها للحفاظ على الأمن العام في عالم مترابط بشكل متزايد.

الاجتماع في مدريد مناسبة سانحة أكد فيها الجانبان المغربي والألماني على ضرورة تعزيز ديناميكية تبادل المعلومات والخبرات، على النحو الذي يحقق المزيد من الفاعلية في عمليات التعاون الأمني بين البلدين، مع العمل على تكثيف التعاون العملياتي، حيث يعتبر المغرب بالنسبة إلى ألمانيا فاعلا مهما في تحقيق الاستقرار والسلم في المنطقة، إذ يعتمد على إستراتيجية متعددة الأبعاد وتهدف إلى التصدي لمختلف التهديدات الأمنية.

ولفت هشام معتضد إلى أن الرباط وبرلين لهما رؤى متقاطعة في ما يخص مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية والجريمة العابرة للحدود والاتجار غير المشروع، وبالتالي فتبادل الزيارات على أعلى المستويات يندرج أيضا في إطار توحيد الجهود للدفع بمجهودات البلدين في تدبير التحديات المشركة ورسم خارطة طريق لكسب الرهانات الأمنية المشتركة.

ويشترك المغرب وألمانيا في تاريخ من التعاون الأمني القوي، خصوصا وأن ألمانيا تحديدا عانت كثيرا من تنامي الظاهرة الإرهابية والخطابات المتطرفة، حيث أكدت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فايسر أن المعلومات الاستخبارية التي قدمتها الأجهزة المغربية أثبتت أنها لا تقدر بثمن، بما في ذلك تنبيه السلطات الألمانية إلى مؤامرة إرهابية مشتبه بها، وهو ما أدى الى اعتقال المتهم فورا.

4