تطوير المغرب لشبكة القطارات يغري الشركات الإسبانية

تالغو تتطلع للظفر بعقود إنشاء خطوط عالية السرعة والمساهمة في تعزيز الأسطول بطرازي أڤريل وإي.أم.يو.
الخميس 2024/03/07
الانطلاق إلى وجهة جديدة

تسعى شركات إسبانية للانضمام إلى مشاريع تطوير شبكة سكك الحديد في المغرب مستفيدة من الخطط التي تخول للمستثمرين الأجانب الحصولَ على عقود ضمن ميثاق الاستثمار لتنفيذ أعمال التوسعة التي من المزمع تنفيذها قبل انطلاق كأس العالم 2030.

الرباط - شكلت زيارة وزير النقل الإسباني أوسكار بوينتي سانتياغو إلى الرباط هذا الأسبوع فرصة أخرى لاستكشاف الفرص الممكنة للمشاركة في مشاريع النقل والبنية التحتية في ظل أهداف المغرب المتعلقة بتطوير شبكة سكك حديد عالية السرعة.

وأكد سانتياغو في تصريحات صحفية عقب اجتماع مع نظيره المغربي محمد عبدالجليل الاثنين الماضي، أن بلاده أبدت استعدادا للمساهمة في تطوير الشبكة وتقاسم تجربتها مع المغرب في هذا المجال.

وقال إن “المغرب أطلق مؤخرا مشاريع لتطوير شبكة سكك الحديد، وتتطلع إسبانيا إلى المساهمة في هذه الخطة، بالنظر إلى خبرتها في هذا المجال” في ظل الديناميكية التنموية.

واعتبر سانتياغو أن علاقة إسبانيا بالمغرب تحظى بأولوية وأهمية بالغتيْن، مضيفا أن “المغرب يتيح إمكانيات كبيرة لتنمية المنطقة بأكملها، خاصة أمام الاتحاد الأوروبي”.

وتبذل الرباط جهودا باتجاه تحديث الشبكة وتطوير البنية التحتية للنقل وتأهيل الخدمات المرتبطة بها، في محاولة لإنعاش الاقتصاد من بوابة إنعاش المبادلات التجارية بما يدعم خزينة الدولة مستقبلا.

أوسكار سانتياغو: مستعدون للمساهمة في تطوير شبكة سكك الحديد بالمغرب
أوسكار سانتياغو: مستعدون للمساهمة في تطوير شبكة سكك الحديد بالمغرب

ويتطلب تنفيذ مخطط المغرب التنموي إطلاق مناقصات لشراء قطارات جديدة، وهو يندرج وفق رؤية العاهل المغربي الملك محمد السادس، ويهدف إلى تعزيز منظومة النقل المحلي عبر خطوط سكك الحديد كخيار أمثل لتنقل مستدام وشامل.

وأوضح عبدالجليل في تصريح صحفي أن زيارة الوزير الإسباني “شكلت مناسبة سانحة لبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك”، حيث سيعمل الجانبان معا على تطوير شبكة النقل عبر القطارات فائق السرعة، وبحث آفاق التعاون في هذا المجال.

وشدد على أهمية التعاون الوثيق بين البلدين بموجب الاتفاقيات الموقعة خلال الزيارة الأخيرة لرئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز إلى المغرب بهدف تطوير مشاريع مستقبلية.

ووقع المغرب وإسبانيا في فبراير الماضي مذكرة تفاهم لتحديد الإطار العام للتعاون في مجال النقل والبنية التحتية، بما فيها إمكانية تطوير سكك الحديد.

ونصت المذكرة على أنه “يمكن للبلدين القيام بأنشطة تعاونية تتعلق بتطوير البنية التحتية لسكك الحديد… عبر صيانة القطارات والعربات، وتصميم ورش العمل، وتدريب الموظفين والتنفيذ وتشغيل أنظمة الإدارة”.

كما طرحت إمكانية التعاون في مشاريع التخطيط والإدارة والتنظيم لقطاع خدمات النقل البري ومراقبة الحركة البحرية وإدارة وتشغيل خدمة المساعدات الملاحية، بالإضافة إلى التعاون في مجالات أخرى.

وفي خطوة تشير إلى تعزيز التعاون الثنائي بين الرباط ومدريد في مجال النقل والبنية التحتية، أفادت صحيفة “لا إنفورماسيون” الإسبانية أن شركة تالغو تتطلع للظفر بعقود لبناء شبكة القطارات السريعة التي يعتزم المغرب تشييدها.

وكانت تقارير قد أشارت في عام 2023 أن تالغو تسعى إلى تسويق قطارين مبتكرين، وهما قطار أڤريل فائق السرعة وقطار الركاب الخفيف (إي.أم.يو) البالغ سرعته القصوى 160 كيلومترا في الساعة، والذي حصل على التراخيص اللازمة للعمل بالشبكة الإسبانية.

محمد عبدالجليل: سنعمل معا لإرساء شبكة نقل عبر القطارات فائقة السرعة
محمد عبدالجليل: سنعمل معا لإرساء شبكة نقل عبر القطارات فائقة السرعة

وترى أوساط اقتصادية مغربية أن هذا التعاون يتماشى مع رهان المغرب على تطوير شبكة النقل عبر القطارات وخصوصا فائقة السرعة لتعزيز السياحة الداخلية والخارجية وربط مناطق معزولة من حيث البنية التحتية الخاصة بسكك الحديد.

وأكد الخبير الاقتصادي محمد ياوحي أن القطاع سيكون ذا أهمية كبرى في المستقبل القريب خاصة بعد نجاح تجربة القطار السريع تي.جي.في وتمكنه من نقل الآلاف من المسافرين وتحقيق مكاسب اقتصادية وتجارية مهمة.

وقال لـ”العرب”، إنه “يجب إشراك الشركات المغربية المرتبطة بالقطاع للاستفادة من التجربة الإسبانية ونقل الاستثمارات أيضا إلى البلدان الأفريقية التي تعاني من نقص حاد في مجال النقل بمختلف أنواعه”.

وأكد ياوحي أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن إسبانيا الشريك الأول اقتصاديا للمغرب، وقد تعززت الشراكة بينهما بعد الموقف الإيجابي لمدريد من قضية الصحراء.

وقال “تعتبر هذه الشراكة وغيرها رسالة واضحة إلى الدول التي تريد الاستثمار والتعاون مع المغرب أن موقفها من قضية الصحراء هو المحدد في قبول الشراكات أو رفضها”.

وتستعد شركة سكك الحديد الحكومية (أو.أن.سي.أف) طرح مناقصة دولية بقيمة 839 مليون يورو لتعزيز الأسطول من خلال شراء 168 قطارا جديدا في سياق زيادة الاستثمار في القطاع ضمن إطار تنفيذ المخطط التنموي المستدام للدولة.

وتشمل المناقصة 150 قطارا للخدمات بين المدن وخدمات النقل السريع والخدمات الحضرية، فضلا عن 18 قطارا فائق السرعة من أجل تمديد خطوط سكك الحديد لتلك القطارات.

وذكر المكتب الوطني للسكك الحديدية في نوفمبر الماضي أن “المناقصة هدفها مواكبة حركية التنقل عبر القطارات وتحديث جزء من الأسطول الذي بدأ يتقادم وتأمين النقل على امتداد خط القطار فائق السرعة نحو مراكش، والربط الجهوي في الدار البيضاء والرباط”.

محمد ياوحي: الشراكة تشكل فرصة مهمة لنقل التجربة إلى بلدان أفريقيا
محمد ياوحي: الشراكة تشكل فرصة مهمة لنقل التجربة إلى بلدان أفريقيا

وبحسب ياوحي، فإن السلطات خصصت قرابة 1.16 مليار يورو لشراء قطارات جديدة لدعم الشبكة حتى العام 2026.

وخلال العقدين الماضيين، أنجز المغرب مشاريع كبرى في مجال البنيات التحتية من طرق سيارة وسريعة وسكك حديدية وموانئ ومطارات باستثمارات تفوق 40 مليار دولار.

وجاء ذلك التطور لينسجم مع الإصلاحات الجوهرية للقطاع بغية التحرير التدريجي لأنشطة النقل، بالإضافة إلى اعتماد مدونة متطورة للسير على الطرق ومدونة حديثة للطيران تتماشى مع القواعد المعمول بها على الصعيد الدولي.

وفي ظل المنافسة الكبيرة بين الشركات العالمية من فرنسا وإسبانيا منحت الشركة المغربية عقد الدراسات الأولية لمشروع الربط عالي السرعة بين مراكش وأغادير لشركة تصميم سكك الحديد الصينية سي.آر.دي.سي.

وقالت في بيان مؤخرا إن “الصفقة جاءت ضمن موضوع إعلان صفقة دولية مفتوحة لتقديم العروض شاركت فيها عدة شركات، وتم إثرها اختيار مكتب التصميم الصيني، لحصوله على أفضل عرض”.

وحسب الشركة يشكل هذا المسار فرصة حقيقية لإرساء منظومة لصناعة محلية في قطاع النقل عبر القطارات، ستترتب عنها تأثيرات اقتصادية واجتماعية هامة، من حيث توفير فرص العمل وجعل البلد مركزا عالي التنافسية على مستوى أفريقيا والعالم.

10