تطور الحركة التشكيلية الفلسطينية في ضوء المتغير السياسي

نصر جوابرة يتتبع نشأة التشكيل الفلسطيني وتأثره بالخطاب الفني الغربي.
السبت 2024/08/31
فن تأثر بالحروب

لا شك أن الحركة التشكيلية الفلسطينية هي حركة مميزة، تمتلك هوية خاصة شديدة التأثر بالأوضاع السياسية، فالمتتبع لتاريخ البلد سيجد أنه عاش طوال القرن الماضي تغيرات سياسية وديموغرافية كبيرة ألقت بظلالها على كل مناحي الحياة، ولعل الفن التشكيلي هو أحد نماذج هذا التغير، وأحد الشواهد المهمة عليه. وهو ما يحاول توضيحه الدكتور نصر جوابرة في كتابه “فنون ما بعد الحداثة في فلسطين”.

كان لحقبة ما بعد الحداثة في السياق الثقافي انعكاسات مهمة وخطيرة طالت جميع أشكال الإنتاج الثقافي ومنها الفنون التشكيلية، بحيث أحدث خطاب ما بعد الحداثة متغيرات فكرية هامة على صعيد القيمة الجمالية والتشكيلية للمنجز الفني من جهة، وعلى صعيد المضامين والمحتوى الفكري للعمل الفني ودوره الحضاري من جهة أخرى، حتى أنها أسست لمرحلة جديدة لها سماتها وخصوصيتها وملامحها الفكرية الخاصة، تمثلت بمجموعة من التيارات الفنية التي أخذت تجتاح المشهد الفني في الغرب منذ ستينات القرن العشرين وتضمنت صياغات شكلية مستحدثة ووسائل تعبيرية جديدة ومغايرة لما هو مألوف في الإنتاج الفني الغربي.

ويقدم الناقد الدكتور نصر جوابرة في كتابه “فنون ما بعد الحداثة في فلسطين” الصادر عن دار خطوط وظلال، إطارا نظريا وفكريا وتحليليا لاتجاهات ومفاهيم وسمات وملامح فنون ما بعد الحداثة في سياق تطور الفكر الجمالي الغربي المعاصر، وكنتيجة لمجموعة من التحولات السياسية والثقافية والعلمية والاقتصادية التي أصابت المجتمعات الغربية، لينطلق بعد ذلك إلى معالجة موضوعة “الفن المعاصر في فلسطين” بالتقصي والبحث عن مدى تأثر الفن الفلسطيني بالخطاب الفني الغربي في ما بات يعرف بتيارات فنون ما بعد الحداثة، بعد أن عاش هذا الفن الفلسطيني مجموعة من الظروف الاستثنائية التي وقفت حائلا أمام تفاعله مع الخطاب الثقافي العربي والعالمي المعاصر كما حرم فنانه من فرص الاضطلاع والتأثر بما يحدث في العالم من تطور في سياق العملية الفنية الإبداعية.

اقتلاع وتغييب

اقتباس من لوحات لأشهر فناني العالم
اقتباس من لوحات لأشهر فناني العالم

يتتبع جوابرة في كتابه نشأة الحركة التشكيلية الفلسطينية وتطورها في ضوء المتغير السياسي، متوقفا عند أهم المحاور والمنعطفات التي مرت بها منذ انطلاقتها في بداية القرن العشرين إلى اليوم، مركزا على الأحداث السياسية والعسكرية الهامة التي تلازمت مع مسار الحركة وشكلت عاملا فاعلا في صياغتها وفي تحديد مسار تطورها، كما يرصد ويحلل أبرز أعمال الفنانين القدامى والحداثيين.

يقول جوابرة “لم يكد يودّع الشعب الفلسطيني ومنذ بداية القرن العشرين احتلالا حتى جاء احتلال آخر، فالاحتلال العثماني ثم الاحتلال البريطاني وأخيرا الاحتلال الصهيوني، والذي شكل الحالة الأعنف والأشرس منذ احتلاله لأرض فلسطين في العام 1948، فلم يكتف هذا الاحتلال بالسيطرة على الأرض والإزاحة القسرية للإنسان الفلسطيني الذي تشتت في بقاع الأرض، بل بدأ ببرامجه الممنهجة في محاربة الثقافة الفلسطينية داخل فلسطين المحتلة. فمن الانتحال الثقافي وسرقة الموروث إلى محاربة المثقف والفنان بالسجن والنفي والاغتيال والتصفية الجسدية أحيانا كثيرة، إلى المنع من السفر والإقامة الجبرية، رافق كل ذلك منع ورقابة مدروسة على المواد الثقافية من مجلات ودوريات وكتب في جميع ميادين المعرفة ومنها الفنون”.

وتابع “كانت هجمة ممنهجة في سياق إستراتيجية محكمة ترمي إلى الاقتلاع والتغييب وتفكيك مقومات الوجود الفلسطيني على الأرض وتفتيت بنيته الاجتماعية بأبعادها الثلاث الإنسان والأرض والمكان والزمن، حتى بات المجتمع الفلسطيني يعيش في جغرافيا معزولة عن محيطه العربي والعالمي وجسدا محنطا توقفت فيه اللحظة الزمنية عند دخول الاحتلال الجديد، فأخذ يعاني مجهولية في جميع ميادين المعرفة ومنها الفنون وما يحدث بها من تطور. إلى أن جاء العام 1993 بما تضمن من تحول سياسي من خلال مؤتمر أوسلو للسلام تمثل بقدوم السلطة الفلسطينية على أرض فلسطين كشكل من أشكال الحكم الذاتي، والذي كانت له انعكاساته المهمة على مجمل الحياة الفلسطينية، إذ مثل فضاء من الحرية وشكلا من أشكال الخلاص ولو الجزئي من قهر الاحتلال وسياساته التجهيلية للإنسان الفلسطيني وللفنان والمثقف بشكل خاص، حرية كفلت له ولأول مرة مشروعية خطابه الثقافي والفني وسمحت له بالسفر والمشاهدة والاحتكاك بنظرائه من فناني العالم”.

ويلفت جوابرة إلى ما قاله الفنان كمال بلاطة في كتابه “استحضار المكان” عن نشأة الحركة التشكيلية الفلسطينية المعاصرة (1850 ـ 1948)، حيث أشار إلى أن الحركة التشكيلية الفلسطينية في تلك الفترة تأسست على مفهوم الأيقونة الدينية التي مثلت امتدادا طبيعيا لتقاليد الرسم الأيقوني البيزنطي بفعل التفاعل الحضاري مع الغرب الذي فرضته مكانة فلسطين الدينية، بحيث انتقل هذا التقليد الفني عبر الإرساليات الدينية المختلفة التي تواجدت بشكل خاص في مدينة القدس وأخذ الكثير من الفنانين الفلسطينيين تقليد هذا النوع من الفن الوافد إلى فلسطين.

ويوضح أنه في العام 1917 أسدل الستار على الامبراطورية العثمانية وجاء الانتداب البريطاني بالإنابة ليفرض سيطرته على بعض أقطار الوطن العربي ومنها فلسطين، بعد أن تبنى سياسة مماثلة للاحتلال العثماني مكنته من ترسيخ مشاريعه وبرامجه الاحتلالية عبر تجاهله لحاجات الشعب الفلسطيني الروحية والثقافية. وفي خضم الحظر المتواصل على المثقف والفنان شهدت فلسطين في تلك الفترة تطورا ملحوظا في مجالات الفنون التطبيقية (الصناعية) كالصناعات الخشبية والصدف والزجاج والفخار والنسيج والتطريز، بعد أن سافر الكثير من الفنانين والمبدعين صوب الدول العربية كمصر والعراق وسوريا بهدف الالتحاق بمدارس الصناعات الحرفية، وبعد إنهاء دراستهم عمل معظمهم في مجال تدريس الرسم والأشغال الدوية في فلسطين وبعض الأقطار العربية.

مرحلة تأسيسية

الفنان الفلسطيني قدم عملا فنيا معاصرا يخاطب ثقافة الجماهير أو ما يسمى بالثقافة الهابطة لا ثقافة النخبة
الفنان الفلسطيني قدم عملا فنيا معاصرا يخاطب ثقافة الجماهير أو ما يسمى بالثقافة الهابطة لا ثقافة النخبة

يرى جوابرة أنه على صعيد الرسم والتصوير فقد “سجلت بعض الإرهاصات الفنية القليلة التي مارسها بعض الفنانين الذين حرموا من فرص الدراسة الأكاديمية الواعية، فكانت تجاربهم أقرب إلى الارتجال والفطرية وتبتعد عن الاحتراف في مستوى التعامل مع اللوحة، الأمر الذي يبقي النشاط الفني الفلسطيني في النصف الأول من القرن العشرين خارج دائرة الممارسة الفنية الواعية التي يمكن أن نطلق عليها مصطلح حركة فنية فلسطينية بالمعنى المعاصر للكلمة، وكان من أبرز هؤلاء الفنانين: جبرا إبراهيم جبرا، وجبرا جرجورة، وجورج فاخوري، وجوزيف فاروق، وجبران خليل سعد، وحيدر الخالدي، وداود زلاطيمو، وروبير ملكي، وشريف الخضرا، وصوفيا حلبي، وزلفى السعدي وخليل حلبي وعبدالرزاق بدران وفاطمة المحب وفضول عودة. أما على صعيد المواضيع الفنية التي شكلت هاجسا لهؤلاء الفنانين فقد تمحورت ما بين المناظر الطبيعية والحياة الجامدة وما بين رسم وجوه لشخصيات من التاريخ والتراث العربي إضافة إلى بعض المواضيع الدينية”.

ويشير إلى أن “الحركة التشكيلية الفلسطينية بعد احتلال عام 1948 انعكست عليها جرائم موجة الاحتلال الصهيوني وعصاباته، وقد تجلى هذا الانعكاس في تشتيت العديد من الأسماء والتجارب الفنية إلى الدول العربية المجاورة، فاستقر الكثير من تلك الأسماء خارج الأراضي المحتلة، وشكلت ملتقى فنيا مع الكثير من الأسماء الفنية الفلسطينية الأخرى التي كانت قد دفعتها رغبتها إلى الدراسة الأكاديمية للفن خارج فلسطين في سنوات الأربعينات، أي قبل نشوب الحرب ولم تستطع العودة بسبب الاحتلال بعد ذلك التاريخ”.

الفنان الفلسطيني تأثر بفنون ما بعد الحداثة من خلال التقصي للسمات والإستراتيجيات والمفاهيم العامة التي تتأسس عليها تلك الفنون
الفنان الفلسطيني تأثر بفنون ما بعد الحداثة من خلال التقصي للسمات والإستراتيجيات والمفاهيم العامة التي تتأسس عليها تلك الفنون

ويقول “كان من بين هؤلاء الفنانين الفنانة فاطمة المحب، والتي عُدّت أول فتاة فلسطينية تسافر لدراسة الفن خارج فلسطين، بعد أن حصلت على دعم وموافقة من قصر الملك فاروق ملك مصر في حينها لقاء لوحة رسمتها له في أواخر الثلاثينات، إذ أتمت الفنانة دراستها عام 1942 في المعهد العالي لمعلمات الفنون في القاهرة، من ثم عادت لتعمل كمدرسة للفنون في فلسطين العام 1948 لكن دفعتها أحداث النكبة للهجرة إلى الأردن”.

ويتابع أنه “كان من بين هؤلاء الفنانين من شكّل تواجده في الدولة العربية المضيفة فرصة للمساهمة الفاعلة في بناء الحركة التشكيلية العربية المعاصرة كالفنان جبرا إبراهيم جبرا الذي استقر في بغداد بعد عام 1948 إذ مارس الرسم إضافة الى شهرته كناقد وشاعر وروائي، وقد ساهم في تأسيس جماعة بغداد للفن الحديث، كما ترأس رابطة نقاد الفن في العراق حتى عدت كتاباته عن الفن العراقي مرجعا رئيسيا للدراسة. وكذلك الفنان والمحامي روبير ملكي الذي هاجر إلى سوريا، وشكل حضورا فاعلا ومؤثرا في الحركة التشكيلية السورية بعد أن جمع بجهوده عددا من الفنانين الذين كونوا معه في ما بعد جمعية الفنانين السوريين”.

ويوضح نصر جوابرة أنه “وبالرغم مما عانته المرحلة السابقة ـ النصف الأول من القرن العشرين- من غياب وضعف في المشهد الثقافي الفلسطيني العام والمشهد التشكيلي خاصة، إلا أنها عدت بكل إرهاصاتها ونزعتها الارتجالية وتجاربها الفردية، المرحلة التأسيسية التي مهدت إلى تطور المشهد التشكيلي المعاصر في فلسطين والذي أخذ يتبلور ويتشكل على صورة حركة فنية واعية بالمفهوم المعاصر للحركة منذ تفاعله مع الحدث السياسي الجديد الذي تمثل بالنكبة عام 1948. ويعد كلا من الفنان الفلسطيني إسماعيل شموط وقرينته الفنانة تمام الأكحل رائدي الحركة التشكيلية الفلسطينية المعاصرة، بما لعباه في فترة الخمسينات من دور فاعل في إرساء دعائم الفن التشكيلي الفلسطيني المعاصر”.

ويؤكد الباحث أنه “رغم الرفض والعداء الواضح الذي طال الفن والفنان والعمل الفني، أخذت تتشكل بعض الطاقات الفنية التي عدت نواة لحركة تشكيلية تحت الاحتلال، بحيث أخذت تحضر وتعد معارض فنية ذات مضامين وطنية وسياسية وتقيمها بشكل سري وبعيدا عن أعين الاحتلال الذي اعتبر الفن محركا للوعي والذاكرة الفلسطينية وأداة فاعلة في إطار التوعية والتعبئة الجماهيرية القادرة على التحريض ضد ممارساته اللاإنسانية، فكانت تقام تلك المعارض في قاعات المدارس والبلديات والجامعات والنوادي الرياضية”.

ويضيف أنه “مع نهاية القرن العشرين استمرت الحركة التشكيلية الفلسطينية المعاصرة بالتطور والانفتاح نحو التجارب البصرية المعاصرة في العالم، رغم قيام الانتفاضة الثانية العام 2000 بما تمخض عنها من تردّ في الأوضاع السياسية والاجتماعية العامة، وتراجع كبير في حجم الدور الذي كانت تلعبه المؤسسة الحكومية المتمثلة بوزارة الثقافة الفلسطينية، لتنوب عنها المؤسسات الثقافية الأهلية والتي أخذت تتأسس بوتيرة متزايدة وملحوظة مع نهاية عقد التسعينات أي مع بدء الدعم الأوروبي الحكومي والأهلي للشعب الفلسطيني والذي تعاظم مع انتفاضة الأقصى إضافة إلى بعض المواقع الافتراضية عبر شبكة الإنترنت”.

ويشرح جوابرة أن “هذه المراكز أخذت بتقديم الدعم المادي والمعنوي من خلال إعداد جوائز ومسابقات فنية وتوفير إقامات فنية لفنانين فلسطينيين للسفر والإقامة في أشهر الملتقيات الفنية في أوروبا والولايات المتحدة، إضافة إلى ورش فنية متنوعة تتخللها استضافة أعمال فنية وفنانين من الغرب لغرض توفير التبادل الفكري والمعرفي مع الفنانين الغربيين، وإتاحة الفرصة للفنان الفلسطيني بالتعرف على آخر ما يحدث في حقل الفنون البصرية في العالم والتي أخذت تركز في مجملها على تنمية وترسيخ الاتجاهات الفنية المعاصرة في ما يعرف بفنون ما بعد الحداثة، والتي أثمرت بدورها في توجه الفنان الفلسطيني وبشكل خاص الفنانين الشباب نحو تلك الأساليب المعاصر في التعبير”.

ثقافة الجماهير

حح

يستعرض الكاتب تواريخ وأدوار المراكز الداعمة للفن والفنانين، ومنها: مؤسسة عبدالمحسن القطان، حوش الفن الفلسطيني، الأكاديمية الدولية لفنون فلسطين، المعرض الافتراضي، مؤسسة المعمل للفن المعاصر، منتدى الفنون المعاصر، دار الندوة الدولية، شبابيك من غزة للفن المعاصر، مؤكدا أن “الفن الفلسطيني داخل فلسطين ومنذ نشأته تميز كخطاب فني جماهيري، محمل بمضامين تعبوية وتوعوية وتحريضية ضد الاحتلال وغالبا ما يتسم بالنزعة الواقعية بوصفها الأسلوب الأمثل لمخاطبة الجماهير، فالخطاب الفني النخبوي الذي يهتم بتحقيق البناء الشكل على حساب الفكرة قلّ وجوده في المنجز الفني الفلسطيني داخل فلسطين، ذلك المنجز المسكون بالهم الوطني والإنساني”.

وكذلك يحلل بعض رؤى وأعمال بعض الفنانين التشكيليين الذين يشكلون علامات بارزة في مسيرة الفن التشكيلي الفلسطيني الحداثي مثل الفنانين خليل رباح، ورنا بشارة، فاتن نسطاس، فيرا تماري، شريف واكد، أنيسة أشقر، جمانة مناع، يزن خليلي، رائدة سعادة، تيسير البطنيحي، إبراهيم جوابرة، محمد الحواجري، خالد جرار، شادي الحريم، ومجموعة فوتوغرافية للفنانة نويل جبور.

ويخلص جوابرة إلى تأثر الفنان الفلسطيني المعاصر بالكثير من الاتجاهات الفنية الما بعد حداثية وحاول تقديم أعمال فنية مقاربة للأسس العامة لتلك الاتجاهات ومنها: فن الفكرة، الأنستليشن آرت، فن الأداء، فن الجسد، ديجتال آرت والفيديو آرت بأنواعه الثلاثة “فيديو برفورمانس، فيديو تجريبي، فيديو أنستليشن” إلا أن هنالك من الاتجاهات الفنية التي لم تحظ باهتمام الفنان الفلسطيني ومنها النت آرت، الغرافيتي وفن الأرض.

كذلك أشار التحليل إلى مزج الفنان الفلسطيني لأكثر من اتجاه في العمل الفني الواحد، وذلك كما بدا في عمل إبراهيم جوابرة إذ قدم عملا جمع ما بين فنون الجسد وفن الأداء. أيضا تأثر الفنان الفلسطيني بفنون ما بعد الحداثة من خلال التقصي للسمات والإستراتيجيات والمفاهيم العامة التي تتأسس عليها تلك الفنون.

وتوصل الباحث إلى أن “الفنان الفلسطيني المعاصر قد تبنى الكثير من تلك المفاهيم والإستراتيجيات لإنتاج عمله الفني. وكان من أهمها: أن الفنان الفلسطيني قدم عملا فنيا معاصرا يخاطب ثقافة الجماهير أو ما يسمّى بالثقافة الهابطة لا ثقافة النخبة. كما قدم أعمالا فنية معاصرة منافية لمفاهيم فنون الحداثة وأبنيتها الهرمية بما تتضمن من ثنائيات كـ: الأصلي/ المستنسخ، والحقيقي/ المتخيل، والشكل/ المضمون، بل قدم عملا فنيا لا تحكمه قواعد ومفاهيم سابقة، واتسمت أغلبها بالتهجين واختلاط الأساليب. وقد غلبت سمة الرواية (ناراتيف) على العمل الفني الفلسطيني بما يخالف عنصر التجريد في فنون الحداثة، وبشكل خاص الرواية المرتبطة بتأكيد الهوية سواء هوية النوع أو العرق إلا أن عينات الدراسة لم تظهر معالجة الفنان الفلسطيني لرواية الشخصية (أتوبيوغرافي)، ويرى الباحث أن ذلك يعود إلى ثقافة المجتمع الذي لم يتعود على اعتراف الشخص بأسراره والكشف عن حياته الشخصية”.

13