تطلعات وطموحات ترافق عودة مهرجان الأغنية الليبية

يبني الليبيون العديد من الآمال على المهرجانات الثقافية والفنية ومن بينها مهرجان الأغنية الليبية الذي كانت الحرب سببا في غيابه، عله يحدث بعودته حراكا محليا ويعيد إلى الفن الليبي إشعاعه وحضوره عربيا رغم الظروف السياسية الحرجة التي ستنعقد فيها الدورة القادمة.
تستعد العاصمة طرابلس لاحتضان الدورة الخامسة لمهرجان الأغنية الليبية والتي ستكون امتدادا للدورات الأربع التي تم تنظيمها في الأعوام 2001، 2002، 2003 و2004، وذلك في إشارة إلى عودة الحياة الفنية والثقافية للبلاد التي لا تزال تعيش على وقع أزمة سياسية مستفحلة منذ العام 2011.
وأعلنت اللجنة المنظمة أنها تلقت 82 عملا غنائيا تقدم بها أصحابها للمشاركة في مسابقات المهرجان، من بينها ثمانية أعمال غير مطابقة للشروط. وبعد أن قامت اللجنة الفنية برئاسة الفنان الملحن وعازف الكمان رمضان غمق بفرز الأعمال المترشحة، توصلت إلى اختيار 20 منها لتقديمها على المسرح، لكن دون تحديد الموعد النهائي للتظاهرة.
وتشكلت اللجنة الفنية إلى جانب رئيسها رمضان غمق من الشاعر الغنائي عبداللطيف قنابة والملحن البدري كلباش من طرابلس، والملحن والعازف عبدالسلام رجب من مرزق، والباحث الأكاديمي ورئيس نقابة المهن الموسيقية ببنغازي محمد بالحسن محمد حسن، وتكون بذلك قد ضمت أعضاء من غرب وشرق وجنوب البلاد.
وستخصص جملة من الجوائز المهمة للفائزين من بينها جائزة كبرى تقدر بـ60 ألف دينار للأغنية المتكاملة كلمة ولحنا وأداء، وجوائز تشجيعية بقيمة 15 ألف دينار لأفضل كلمات وأفضل لحن وأفضل أداء، كما سيتم تكريم عدد من الفنانين الذين خلدوا أسماءهم في سجلات الأغنية الليبية.
وكان وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية في حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها وليد اللافي قد اقترح تسمية الدورة الحالية للمهرجان باسم أحد الفنانين الراحلين، تكريما لمسيراتهم ولما قدموه من أعمال في سبيل النهوض بالأغنية، وهو ما أدى إلى تداول عدد من الأسماء البارزة في مجال الأغنية والموسيقى الليبية الجديرة بالتكريم ومنها المطرب والملحن محمد حسن والفنان الملحن والمتخصص في “المألوف” حسن العريبي والملحن كاظم والمطرب سلام قدري وغيرهم.
وأشار ناشطون إلى أن الدورة الخامسة للمهرجان ستنتظم فيما لا يزال مؤسس التظاهرة الشاعر الغنائي الكبير والمدير الأسبق لهيئة الإذاعات الليبية عبدالله منصور قابعا في السجن منذ العام 2013 رغم تبرئته من كل التهم الموجهة إليه باعتباره كان من أبرز رجالات النظام السابق.
وبعد 18 عاما عن آخر دورة، أصدر مدير عام قناة ليبيا الوطنية القرار رقم (157)، بشأن إقامة الدورة الخامسة لـمهرجان الأغنية الليبية في مدينة طرابلس وتشكيل لجنة عليا للمهرجان برئاسة الفنان أحمد فكرون وهو ملحن ومغن من بنغازي برز في فترة السبعينات من القرن الماضي، وحقق شهرة عالمية حيث أقام حفلات في عواصم كبرى مثل لندن وباريس وطوكيو، وشارك في الكثير من المهرجانات الدولية.
وتضم اللجنة العليا كذلك الفنانين لطفي العارف وعبدالله الأسود وراسم فخري ومحمد شريوط ومحمد الصادق ومحمد خميس ووليد جديع. وأوكلت إليها مهمة وضع سياسة وإستراتيجيا عامة للمهرجان.
وينتظر أن تمثل الدورة الجديدة مناسبة للاطلاع على مسارات الغناء الليبي في تجاربه المتنوعة والمتعددة والثرية والتي أعطته القدرة على التأثير في فنون الدول المجاورة، فيما يبقى الهاجس الأول للفنانين هو الدعم الحكومي سواء في مجال الإنتاج أو في مجال الإعلام وحماية حقوق التأليف والملكية الفكرية التي لا تزال تعاني التهميش ما جعل الموسيقى الليبية نهبا لغير أصحابها.
المهرجان سينتظم فيما لا يزال مؤسس التظاهرة والمدير الأسبق لهيئة الإذاعات عبدالله منصور مسجونا رغم تبرئته
وكانت أول تجربة لتنظيم مهرجان للأغنية الليبية قد انتظمت في العام 1955 أي بعد أربع سنوات من استقلال البلاد وقيام دولتها الوطنية الموحدة وفق النظام الملكي الدستوري الفيدرالي، وفي سبتمبر 1956 شهد مسرح فندق “المهاري” تنظيم دورة رسمية شارك فيها سبعة مطربين من بينهم محمد الكعبازي ومحمد مرشان ومحمد سليم ومحمد الفرجاني ومحمود الشريف وعبدالسلام الصابري. وقد ترأس لجنة التحكيم عبدالمجيد المشيرقي بمساعدة محمد فريد سيالة، وقاد الفرقة الموسيقية الفنان عثمان نجيم. وفاز بالجائزة الأولى محمود الشريف عن أغنية “بيّن لي ذنبي” كلمات علي السني وألحان كاظم نديم، وحاز على الجائزة الثانية الفنان محمد مرشان عن أغنية “ليلي طال“ من كلماته وألحانه، فيما ذهبت الجائزة الثالثة للفنان محمد سليم عن أغنية “خذاني الغرام“ من كلماته وألحانه.
وقد انتظر الفنانون الليبيون عشرين عاما لتنتظم الدورة الثالثة على ركح مسرح الكشاف في العام 1976 بمشاركة عدد من الأصوات البارزة آنذاك مثل محمد حسن وخالد سعيد ولطفي العارف وأحمد حلمي وفرقة طلائع النصر ومصطفى طالب.
وفاز بالجوائز الأولى خالد سعيد عن أغنية “أنا اللي ظلمت القلب” كلمات محمود السوكني ولحن كاظم نديم، ومحمد حسن عن أغنية «بلادنا زين على زين” من ألحانه وكلمات مسعود القبلاوي، ولطفي العارف عن أغنية “بر البوادي” من ألحان كاظم نديم وكلمات بشير أحمد، ومصطفى طالب عن أغنية “لما ناداني” لحن كاظم نديم وكلمات أحمد الحريري.
وفي أغسطس 2001 انتظمت الدورة الأولى لمهرجان الأغنية الليبية في صيغته الجديدة والتي استمرت لمدة خمسة أيام، وشارك فيها أكثر من مئة متسابق بين ملحن وشاعر ومغن في خمسة وثلاثين عملا. وأقيم المهرجان تحت شعار “زهرة ربيع الفن.. تتفتح في محراب حب الوطن”، وذهبت جوائزها التسع مناصفة إلى 18 فنانا بين كاتب كلمات، ملحن، ومؤد، فيما منحت جائزة التحكيم الخاصة مناصفة أيضا لخمسة فنانين ليبلغ عدد الفائزين 23 فنانا من أصل 105 مشاركين.
وذهبت الجائزة الأولى للنص مناصفة للشاعرين مسعود القبلاوي عن أغنية “كبير مكانك“ وناصر ديهوم عن أغنية “فرحة قلب”، أما الجائزة الأولى لأفضل لحن فقد تحصل عليها الفنانان سلام قدري عن أغنية “نزرع محبه”، وعطية محمد عن أغنية “كبير مكانك” الفائزة بجائزة أفضل نص، وذهبت الجائزة الأولى للأداء مناصفة لمطربين شابين صاعدين آنذاك هما أيمن الأعتر عن أدائه المميز في أغنية “أمي”، ونور العالم عن أغنية “الخيال”، فيما ذهبت الجائزتان الثانية والثالثة للأداء مناصفة إلى أصوات شابة وجديدة في عالم الغناء والطرب الليبي. أما الجوائز الأخرى للتلحين فقد منحت إلى عبدالمجيد حقيق، محمد خميس، رمضان غمق، الصديق مخلوف، فيما نال المرتبتين الثانية والثالثة أيضا مناصفة الشعراء سليمان الدرسي، عبدالسلام زقلام، سليمان شبيك، صالح أبوالسنون.
أما جائزة لجنة التحكيم الخاصة للعمل المتكامل فقد ذهبت إلى أغنية “خطأ ونعده“ تأليف ضو عون، تلحين محمد الصويعي، أداء خلود، كما منحت جائزة التلحين مناصفة بين مسعودة القرش وخالد لطفي والأداء مناصفة بين زهرة الياسمين عن أغنية “غنوا للحب“ وفتحية حسين عن أغنية “وردة بظل زيتونة”.
وأعلنت لجنة التحكيم عن حجب الجائزة الذهبية لعدم وجود أي عمل يرتقي إلى هذا المستوى فيما نوهت بأعمال الملحنين إبراهيم أشرف، عبدالباسط البدري، إبراهيم عمر والشارف شيبوب.