تضييق الخناق على حكومة الدبيبة ومهلة المحتجين للرئاسي تنتهي اليوم

تتسع دائرة الاحتجاجات في ليبيا وسط تضييق القبضة على رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة، الذي يحاول حماية منصبه، وسط تحميله مسؤولية الاشتباكات الأخيرة التي خلّفت قتلى مدنيين وخسائر مادية فادحة.
بدأت الاحتجاجات الشعبية والضغوط الداخلية والخارجية في تضييق الخناق حول حكومة الوحدة المنتهية ولايتها في سحب البساط من تحت قدمي رئيسها عبدالحميد الدبيبة الساعي جاهدا إلى البقاء في منصبه إلى أجل غير مسمّى.
وعلّق رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي على الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس مساء الجمعة بالتعبير عن فخره بما وصفه بالمشهد الحضاري للمتظاهرين.
وقال “نفخر بالمشهد الوطني الحضاري الذي قدّمه أبناء شعبنا في العاصمة عبر العودة إلى حق التعبير السلمي والمسؤول عن تطلعاتهم،” داعيا كل الليبيين إلى مواصلة التعبير السلمي الراقي في مختلف المدن، من أجل بناء دولة عصرية تعبّر عن آمال الجميع.
وأشاد المنفي بدور المؤسسات الأمنية في حماية التظاهرات، مردفا “لطالما كان الرهان على الاستماع لرأي الشعب بكافة الوسائل لتحقيق التغيير الإيجابي.”
وشهدت شوارع وساحات طرابلس حشودا غفيرة من المتظاهرين الذين رفعوا شعارات الإطاحة بحكومة الدبيبة والتنديد باستمرار الانسداد السياسي والانفلات الأمني.
وأصدر المحتجون بيانا اتهموا فيه حكومة الدبيبة، والحكومة الليبية المكلفة من البرلمان، والمجلس الرئاسي، ومجلسي النواب والدولة، بالمسؤولية المباشرة عن تفاقم الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد، خاصة بعد الاشتباكات الأخيرة التي خلفت قتلى مدنيين وخسائر مادية فادحة.
المحتجون أصدروا بيانا اتهموا فيه حكومة الدبيبة وعددا من المؤسسات الليبية بالمسؤولية المباشرة عن تفاقم الأوضاع
وطالب المحتجون بحل شامل لكافة الأجسام السياسية الحالية، وتشكيل لجنة أزمة تتولى تسيير شؤون البلاد بشكل مؤقت، إلى حين التمهيد لمرحلة انتقالية تُتوّج باستفتاء على الدستور وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.
كما شدّد المتظاهرون على ضرورة تحديد موعد أقصى للاستحقاقات الدستورية لا يتجاوز 25 يوليو 2026، مانحين المجلس الرئاسي مهلة لا تتعدى 24 ساعة للرد والتنفيذ.
ولم يستبعد المتظاهرون اللجوء إلى العصيان المدني في حال استمرار التجاهل الرسمي، داعين كافة المدن الليبية للانضمام إلى موجة الاحتجاجات، منادين بتوحيد الصف الوطني ورفض كافة أشكال التدخل الخارجي، في مسعى لإنقاذ ليبيا من الفوضى والتفكك.
وقالت أوساط ليبية إن الدبيبة نجح في اختراق الاحتجاجات وفي القائمين عليها، وذلك من خلال تحويل هدفها من الإطاحة بحكومته إلى الإطاحة بكل الأجسام السياسية وهو ما يبدو غير منطقي حاليا، ولن يوافق عليه المجتمع الدولي، وسيتم اعتباره دعوة لتكريس الفوضى للدفع بالبلاد إلى الفراغ السياسي.
وأكّدت تلك الأوساط، أن اختراق الدبيبة يبقى محدودا إذا قورن بحجم الاحتجاجات وبعد المشاركين فيها، وبما يعكسه ذلك من انكشاف حقيقة الحكومة المنتهية ولايتها وثبوت تورّطها في الفساد والعبث بمقدرات الدولة والعمل على عرقلة الحل السياسي وتهميش طموحات الشعب.
واعتبر الناشط السياسي والمرشح الرئاسي سليمان البيوضي أن المظاهرات الشعبية الحاشدة التي شهدها ميدان الشهداء في العاصمة طرابلس تمثل تحولا جذريّا، في المشهد الليبي، مشددًا على أن المجتمع الدولي بات يتعامل مع مرحلة ما بعد حكومة الدبيبة، ويبحث بجدية سبل تشكيل سلطة تنفيذية جديدة.
وتابع الدبيبة أن الحشود التي خرجت يوم الجمعة، قاربت مئة ألف متظاهر، في تأكيد على أن وتيرة التعبئة الجماهيرية آخذة في التصاعد، وأن هناك دعمًا محليًا ودوليًا لحق الشعب في التظاهر والتعبير عن مطالبه، والتي تتلخص في إنهاء الانسداد السياسي والانتقال إلى مرحلة جديدة.

وأوضح البيوضي أن اتهام المتظاهرين بتقاضي أموال مقابل خروجهم أسهم في تأجيج الغضب الشعبي وتوسيع رقعة الاحتجاجات، لاسيما في ظل محاولات فاشلة من أبواق إعلامية للتقليل من حجم التظاهرات أو تشويه صورتها، وقال إن الدفاع عن المصالح والمناصب لن يغيّر من الحقيقة، محذرًا إياهم من الوقوف في صف خاسر مع حكومة فقدت شرعيتها الأممية وسقطت شعبيًا.
وفي بيان شديد اللهجة، عبّرت القوى والحركات في مدينة مصراتة، عن إدانتها واستنكارها الشديدين لما يقوم به أنصار حكومة الدبيبة من محاولات يائسة لزجّ اسم مصراتة في صراع على النفوذ والمنافع، عبر استخدام أدوات الدولة والمؤسسات العامة لبث الكراهية، وتأجيج الانقسام، وإشاعة الفتنة بين أبناء المدينة.
ووجّهت القوى والحركات والفعاليات السياسية والمجتمعية والوطنية في مصراتة، نداء إلى المجلس البلدي المنتخب، باعتباره الضامن لوحدة المدينة وسلامها الاجتماعي، مطالبين إياه باتخاذ إجراءات عاجلة وحازمة، ونادت برفض قاطع لكل الممارسات الميليشياوية التي تحول دون خروج المتظاهرين السلميين للتعبير عن رفضهم لحكومة منتهية الصلاحية، ونحمّل من يمنعهم مسؤولية أيّ تصعيد، مشددة على ضرورة التزام المجلس البلدي ببيانه الأخير، والدعوة الفورية لمديرية الأمن والمنطقة العسكرية الوسطى لتأمين التظاهرات وضمان سلامتها.
وتمسّك البيان، بالمطالبة العاجلة بحل كافة الميليشيات المتورطة في جرائم الخطف والتعذيب والانتهاكات الجسيمة ضد المعارضين في مدينة مصراتة، وعدم التساهل مع مرتكبيها تحت أيّ ذريعة، ودعا كافة المؤسسات العامة إلى منع استخدام أيّ شعارات أو رموز تحريضية أو مثيرة للفتنة من شأنها تأجيج العنف وتعزيز الانقسام المجتمعي، سواء داخل المدينة أو على مستوى ليبيا عامة، كما طالب بإقالة عاجلة لمسؤول راديو مدينة مصراتة، وتكليف شخصية مهنية مستقلة بديلة، نظرًا إلى انحيازه الفج وتخليه عن مبدأ الحياد الإعلامي الذي ميّز الإذاعة على مدار السنوات الماضية، وتحويله المنبر الإعلامي إلى أداة سياسية منحازة تخدم جهة بعينها، في تهديد مباشر للنسيج الاجتماعي بالمدينة.
ويرى مراقبون أن حكومة الدبيبة تواجه مدّا قويا من الغضب الشعبي، وأن الأمر لا يقف عند العاصمة طرابلس وإنما يشمل كافة مناطق البلاد بما في ذلك مصراتة، وهو ما يدفع نحو ترجيح تصعيد الاحتجاجات خلال الأيام القادمة والانطلاق في تنظيم العصيان المدني بهدف إجبار المجتمع الدولي على حسم موقفه من المشهد السياسي الحالي ورفع الغطاء عن الحكومة المنتهية ولايتها.