تضامن النهضة مع القروي لا يضمن تماسك التحالف الداعم للحكومة التونسية

بيان النهضة يعكس ازدواجية خطابها، حيث تؤكد من جهة تضامنها مع حزب نبيل القروي المتهم في قضية تبييض أموال، وتدعم من جانب آخر محاربة الفساد.
الأحد 2020/12/27
النهضة في موقع ضعف

تونس – تحاول حركة النهضة الإسلامية قائدة الائتلاف الحكومي التخفيف من صدمة إيقاف حليفها في الحكومة زعيم حزب قلب تونس، نبيل القروي، بتهمة فساد مالي، وذلك بإيهام الرأي العام المحلي أن التحالف الحكومي سيبقى متماسكا في وجه الأزمات التي تعصف به، فيما يرجح المتابعون أن التحالف معرض للمزيد من الهشاشة والتهاوي في حال انفرط عقده وتراجعت شعبيته أكثر فأكثر.

وعبرت حركة النهضة الإسلامية، الجمعة، عن تضامنها مع حزب قلب تونس وكتلته البرلمانية بعد إصدار مذكرة إيداع بالسجن في حق رجل الأعمال وقطب الإعلام نبيل القروي، في خطوة يرى مراقبون أنها تكشف توجس الحركة من تصدع التحالف البرلماني.

وقال بيان للنهضة إنّ الحركة تعبر عن “تضامنها مع حزب قلب تونس وكتلته البرلمانية إثر تعرضه لحملات تشويه بعد إصدار بطاقة (مذكرة) إيداع بالسجن في حق نبيل القروي، رئيس الحزب”، مؤكدة “دعمها المتواصل لرئيس الحكومة هشام المشيشي ودعوته لإيلاء الملفات الاجتماعية والاقتصادية الأولوية الكبرى وعدم التواني في محاربة الفساد الذي يعطل كل مسارات الإصلاح والاستقرار”.

ويعكس بيان النهضة الذي جاء بعد صمت يوم كامل من قبل قيادييها ازدواجية الخطاب، حيث تؤكد من جهة تضامنها مع حزب نبيل القروي المتهم في قضية تبييض أموال، وتدعم من جانب آخر محاربة الفساد.

ويجمع الائتلاف الحكومي كلا من حزب قلب تونس (30 مقعدا) وحركة النهضة (54 مقعدا)، وائتلاف الكرامة (19 مقعدا).

باسل ترجمان: مستقبل الكتلة النيابية لحزب قلب تونس في مهب الريح
باسل ترجمان: مستقبل الكتلة النيابية لحزب قلب تونس في مهب الريح

ويلوح من خلال البيان أن الحركة التي أسقطت في يونيو الماضي حكومة إلياس الفخاخ، والتي كانت تمثل أغلبية فيها، لمجرد شبهة تضارب المصالح لم يثبتها القضاء إلى حد اليوم وباعتراف القيادي في الحركة عبداللطيف المكي، أنها تسعى إلى المحافظة على شريكها السياسي المتمثل في قلب تونس.

ويرى مراقبون أن النهضة تخشى تصدع التحالف البرلماني لاعتبارات عديدة أبرزها أن قلب تونس يمثل جزءا من الحزام البرلماني لراشد الغنوشي رئيس مجلس النواب الذي ما زال معرضا لسيناريو سحب الثقة منه، لاسيما بعد أن لوحت الكتلة الديمقراطية في العاشر من ديسمبر الجاري باعتزامها تقديم لائحة في الغرض.

ويرى المحلل السياسي باسل ترجمان في تصريح لـ”العرب” أن “بيان النهضة يعكس حقيقة التحالف بين الحزبين، وأن الاتهامات بالفساد لا تفسد للود قضية بينهما”.

واعتبر ترجمان أن “البيان يعكس أيضا تعاطي الحركة مع الواقع السياسي”، وأبدى استغرابه من أن “النهضة التي زعمت حرصها على مكافحة الفساد، إلا أنها اليوم شريكة معه”، حسب تعبيره.

وتوقع أن يتعرض التحالف الحكومي إلى التصدع، خاصة أن مستقبل الكتلة النيابية لحزب قلب تونس في مهب الريح، حيث سيغادرها الكثير من القياديين في حالة تمت إدانة القروي بشكل نهائي، وأضاف “هناك تململ كبير داخل الحزب جراء ذلك”.

واستنتج ترجمان أن “النهضة معنية ببقاء هذا الحزام السياسي الهش”، مستدركا “لكن هذا الحزام لن يدوم طويلا وستكون هناك هزات طويلة تمس جميع الأطراف الفترة القادمة”.

وإذا تفكك الائتلاف الداعم للحكومة، فهذا يهدد بشكل جدي مصير حكومة هشام المشيشي الهشة أصلا والتي تواجه مصاعب اقتصادية غير مسبوقة واحتجاجات في عدة مناطق تطالب بفرص العمل.

والجمعة، اتهم حزب قلب تونس، أطرافا لم يسمّها بمحاولة عزله على خلفية حبس رئيسه، في قضية فساد مالي. وجاء ذلك على لسان رئيس كتلة الحزب بالبرلمان (30 مقعدا من أصل 217)، أسامة الخليفي، خلال مؤتمر صحافي بالعاصمة تونس إثر حبس القروي، الخميس.

والقروي (57عاما) رجل أعمال في قطاع الاتصالات والإعلام، وكان مرشح حزب قلب تونس، الفائز بالمركز الثاني في الانتخابات التشريعية 2019، في السباق الرئاسي الذي نافس فيه الرئيس الحالي قيس سعيد في الدور الثاني.

وبدأت التحقيقات في تهم التهرب الضريبي وغسيل أموال الموجهة للقروي وشقيقه غازي في عام 2019، إثر دعوى قضائية تقدمت بها منظمة “أنا يقظ” الناشطة في مجال مكافحة الفساد.

2