تصاعد التحذيرات من خروج أزمات العراق المالية عن السيطرة

توقعات بأن الاقتصاد العراقي سيواجه تقلصا بنسبة 10 في المئة في النمو خلال العام الحالي.
الأربعاء 2020/06/24
علي علاوي: الاقتصاد قد يواجه صدمات لن نقدر على معالجتها

يختزل إقرار المسؤولين عن السياسات المالية للعراق بأنه لم يعد هناك متسع من الوقت لتأجيل إطلاق قطار الإصلاحات الهيكلية، التي طال انتظارها، مدى الصدمات التي قد يواجهها اقتصاد البلد المتعمد على الريع النفطي في حال لم تتم معالجة الأوضاع في غضون عام من الآن.

بغداد - تعطي تصريحات المسؤولين العراقيين عن حتمية الإسراع في إصلاح الخلل المالي، الذي ما فتئ يتسع اعترافا بصعوبة التركة الاقتصادية الثقيلة مع بلوغ المؤشرات السلبية حدودا خطيرة تضع البلاد على شفا هاوية.

وحذر وزير المال علي علاوي في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية من أن “الاقتصاد العراقي قد يواجه صدمات لن نكون قادرين على معالجتها ما لم يتم تبني إجراءات إصلاحية خلال أقل من عام”.

وأوضح علاوي الذي تم تكليفه بإرساء استقرار الاقتصاد بعد انهيار أسعار النفط الخام الذي قلّص عائدات الدولة بمقدار النصف، أن “الإصلاح أمر ضروري”.

وأضاف “إذا لم نعدل الأمور خلال هذه السنة، ربما نواجه صدمات لن نكون قادرين على معالجتها”، فيما تشير التوقعات إلى أن الاقتصاد العراقي سيواجه تقلصاً بنسبة 10 في المئة خلال العام الحالي”.

وتواجه حكومة مصطفى الكاظمي جبالا من المشاكل، والتي كانت نتيجة طبيعية للاحتلال الأميركي للعراق في 2003 في أعقاب الإطاحة بنظام صدام حسين.

وأشار علاوي الذي كان وزيراً للمال خلال فترة الحكومة الانتقالية بين عامي 2005 و2006، إلى أن “الوضع اليوم أسو” لأن العراق يواجه “حالة اقتصادية وجودية”.

وفي تلك المرحلة، كان سعر برميل النفط 35 دولارا تقريباً، لكن عدد موظفي الدولة كان أقل من مليون. واليوم هناك أكثر من أربعة ملايين موظف، والعديد من العراقيين الآخرين ممن يتقاضون رواتب ومعاشات تقاعدية. وهذا يعني مبلغا شهريا يتراوح بين أربعة وخمسة مليارات دولار.

ومع حصول واحد من كل خمسة عراقيين على معونات حكومية، تصبح الفاتورة أثقل على الدولة التي تعتمد في دفع كل نفقاتها على النفط الذي انهارت أسعاره قبل أشهر مع نقص شديد في الطلب عليه.

ووفقاً لعلاوي، فإن على الحكومة دفع رواتب شهري يونيو يوليو في الوقت المحدد، عبر الاقتراض من المصارف الحكومية.

علي علاوي:إذا استمر سعر النفط في هذا المستوى لمدة سنة، وبقي الإنفاق على ما هو عليه، من دون شك سنصطدم بحائط

ولكنه حذر من أن “هذه الإجراءات ممكنة لفترة قصيرة وإلا ستؤثر على هيكلة الأسعار، وبالتالي على التضخم ما سيؤثر بدوره على سعر الصرف وعلى الاحتياطي في البنك المركزي”.

وفي مواجهة النفقات التي تزايدت على مر السنوات، وجدت الحكومة الخزينة فارغة، بعد 17 عاماً من الغزو الأميركي الذي أرسى نظاماً سياسياً جديداً نخره الفساد والمحسوبية، ووضع العراق في مراتب متقدمة ضمن قائمة الدول الأكثر فساداً في العالم.

وقال علاوي “من المفروض أن يكون لدى الحكومة شهر ونصف شهر من النفقات قبل أن تواجه أزمات”.

وأضاف “كان يفترص أن يكون لدينا سيولة بين عشرة إلى 15 تريليون دينار، لكن الخزينة لم يكن فيها سوى تريليوني دينار فقط”.

ويرى خبراء الاقتصاد اليوم، ومنهم علاوي، أنه يجب إعادة النظر بكامل النظام المالي للعراق، ثاني أكبر منتجي النفط في منظمة أوبك.

وترى الحكومة أن من الضروري اعتماد خطة لتوفير السيولة النقدية، حيث سيتعين على 40 مليون عراقي أن يخضعوا لسياسة تقشف مشددة قد تستمر لعامين على الأرجح.

وإضافة إلى ذلك، ستقوم السلطات بمعالجة الثغرات في جدول الإنفاق، وخصوصاً في ما يتعلق بتعدد الرواتب أو الفضائيين كما تتم تسميتهم، وهم المسجلون في قوائم الرواتب من دون مزاولة العمل.

وعلى المستوى الحكومي، سيتعين تنفيذ وعود طال انتظارها لتنويع الاقتصاد، وعدم جعل مصير البلاد رهن أسواق الخام العالمية، وبدء المناقشات مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

وأكد علاوي أنه “إذا استمر سعر النفط في هذا المستوى لمدة سنة، وبقي الإنفاق على ما هو عليه، من دون شك سنصطدم بحائط. لا يمكننا أن ندير دولة، خصوصاً من الجانب الاقتصادي، مع أمل فقط بارتفاع أسعار النفط لتغطية النفقات”.

وتخيم الشكوك على الأوساط الاقتصادية التي تتساءل عن مدى قدرة حكومة انتقالية، تشكلت خلال أخطر أزمة اجتماعية في البلاد، على إصلاح كامل للاقتصاد الذي يشكو اختلالات جوهرية وأزلية.

ورغم أن علاوي عاصر أزمة مماثلة في العام 2005، فإنه أقر هذه المرة بأن أزمة الثقة بين المواطنين والسلطة اتسعت، بعد ستة أشهر من انتفاضة شعبية غير مسبوقة قمعت بالقوة من قبل حكومة عادل عبدالمهدي السابقة.

وبالفعل في بداية شهر يونيو الحالي، عندما تم استقطاع المعاشات التقاعدية في أولى خطوات سياسة التقشف الحكومية، كان الاحتجاج بالإجماع ضد علاوي ورئيس الوزراء الجديد، حتى داخل البرلمان الذي تناط به عادة الموافقة على الإصلاحات، وخصوصاً محاربة الفساد الذي أدى إلى تبخّر أكثر من 450 مليار دولار من المال العام منذ العام 2003.

10