تساؤلات عن سر حياد الجيش اللبناني في أحداث طرابلس

من يريد إعطاء صورة عن طرابلس أنها قندهار لبنان.
السبت 2021/01/30
نحن الأفقر

بيروت - توقعت أوساط سياسية لبنانية أن تكون الأحداث التي شهدتها مدينة طرابلس، عاصمة الشمال اللبناني، بمثابة نقطة تحوّل على صعيد العلاقة بين رئيس الجمهورية ميشال عون من جهة ورئيس الوزراء المكلّف سعد الحريري من جهة أخرى.

وأشارت هذه الأوساط إلى أن الحدث الأهمّ الذي لا بد من التوقف عنده والذي أثار تساؤلات كثيرة بقيت دون أجوبة، بعد أن أحرق متظاهرون مبنى بلدية طرابلس الذي يزيد عمره على ثلاث مئة عام، هو وقوف الجيش اللبناني موقف المتفرّج على أعمال الشغب التي شهدتها المدينة ذات الأكثريّة السنية ليل الخميس – الجمعة.

وقالت هذه الأوساط إن اللافت غياب أي قيادات سنّية، من أهل المدينة أو خارجها، قادرة على ضبط الوضع في الشارع من جهة والتأثير على قيادة الجيش كي تضع حدّا لحال الانفلات من جهة أخرى.

وأبدت الأوساط نفسها تخوفا من امتداد أعمال الشغب وتدمير المؤسسات الرسمية إلى مناطق لبنانية أخرى من بينها بيروت، خصوصا وسطها.

ولم تستبعد أن يكون الهدف مِن وقوف الجيش موقف المتفرّج هو الضغط على سعد الحريري كي يعتذر عن عدم قدرته على تشكيل حكومة في ظلّ أزمة ثقة عميقة بينه وبين رئيس الجمهورية.

ورأى مراقبون محايدون أن أساس التظاهرات التي شهدتها طرابلس مساء الخميس الماضي حالة الفقر والجوع التي يعاني منها الكثير من أبناء المدينة التي تعتبر الأفقر على شاطئ البحر المتوسط. وعبّر هؤلاء المراقبون عن استغرابهم من لجوء مجموعات غير منضبطة إلى التكسير والعنف وإشعال الحرائق في غياب أي تدخل للجيش اللبناني الذي كان يستطيع، على الأقل، منْع إحراق مبنى البلدية ومؤسسات أخرى فيها وثائق رسميّة.

وتساءلوا “من يقف وراء هذه المجموعات التي هي من داخل المدينة؟ وهل من علاقة لها بأجهزة أمنية معيّنة تسعى إلى إعطاء صورة عن طرابلس فحواها أنّها قندهار لبنان؟”.

----
مبنى بلدية طرابلس يزيد عمره على ثلاث مئة عام

ولُوحظ عجز واضح من السياسيين السنة في التعاطي مع هذه الأحداث، خاصة في ظل صعوبة القول بأنها مؤامرة طائفية تستهدف المدينة وأهلها. واكتفى الحريري بتصريحات عامة توحي بأن رئيس الحكومة المكلف يفكر فقط في تبرئة نفسه وإبعاد تهمة التقصير تجاه المدينة التي تركها الساسة السنّة لمصيرها، بمن في ذلك من تقلدوا مسؤولية رئاسة الحكومة.

وإذا كان حزب الله قد نجح في تركيز جهوده على تقديم مختلف المساعدات للمناطق الشيعية، فإن المسؤولين السنة كان آخر همهم تحسين أوضاع طرابلس اقتصاديا واجتماعيا.

ووصف الحريري في بيان له، الخميس، ما حدث في مدينة طرابلس بالجريمة “الموصوفة والمنظمة”، معتبرا أن من أقدموا على إحراق طرابلس مجرمون لا ينتمون إلى المدينة.

وقال الحريري بحسب بيان صادر عن مكتبه الإعلامي “إننا نقف إلى جانب أهلنا في طرابلس والشمال، ونتساءل معهم: لماذا وقف الجيش اللبناني متفرجا على إحراق السرايا والبلدية والمنشآت؟ ومن سيحمي طرابلس إذا تخلف الجيش عن حمايتها؟”.

وأعاد رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب نفس كلام الحريري بشأن اتهام “المجرمين، الذين أحرقوا بلدية طرابلس، وحاولوا إحراق المحكمة الشرعية، وعاثوا فسادا في المدينة ومؤسساتها الرسمية والتربوية والاقتصادية”.

وقال دياب في بيان له إن “التحدي الذي نلزم به أنفسنا، هو أننا سنحبط مخطط العابثين، من خلال وعد بالعمل سريعا على إعادة تأهيل مبنى بلدية طرابلس، ليبقى معبرا عن شموخ المدينة وتراثها النقي المتجذر عبر التاريخ”.

في غضون ذلك، استمرّ التصعيد بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء المكلّف، وذلك بعد تسريب ميشال عون كلاما عبر صحيفة “الأخبار” الموالية لحزب الله كال فيه كل أنواع الاتهامات لسعد الحريري معتبرا أنّه يريد إنهاء الدور المسيحي في لبنان.

وقال الحريري في أعنف هجوم له على رئيس الجمهورية “الواضح من سياق الكلام المنسوب، أن دوائر قصر بعبدا تريد توجيه الاشتباك الحكومي نحو مسارات طائفية، وهي تنزع بذلك عن رئيس الجمهورية صفة تمثيل اللبنانيين بمختلف أطيافهم لتحصر هذا التمثيل بمسؤوليته عن حصص المسيحيين في الدولة والسلطة والحكومة”.

------------

اقرأ أيضاً: 

1