تركيا حجر عثرة أمام جهود تسوية الأزمة الليبية

واشنطن تبعث برسائل معارضة لبوادر تصعيد أنقرة في ليبيا.
الخميس 2020/12/24
استفزازات تركيا مستمرة

أنقرة – وافق البرلمان التركي مساء الثلاثاء على تمديد مهام القوات التركية في ليبيا لمدة 18 شهرا، في خطوة تعزز الشكوك حيال نوايا أنقرة بشأن إيجاد تسوية نهائية للأزمة الليبية.

ويرى مراقبون أن هذه الخطوة التي اتخذتها تركيا تكشف عن تحد جديد قامت به أنقرة للمجتمع الدولي الذي يتحرك على أكثر من صعيد من أجل إيجاد تسوية سياسية شاملة للأزمة الليبية واستبعاد الحل العسكري، بينما تصر تركيا على مواصلة جلب الأسلحة والمرتزقة والقوات العسكرية إلى ليبيا.

والثلاثاء استأنف ضباط أتراك موجودون في العاصمة طرابلس تدريب عناصر من ميليشيات حكومة “الوفاق”، واجهة الإسلاميين في البلاد، برئاسة فايز السراج.

وقالت وزارة الدفاع التركية في بيان “إن هذه الدورة التدريبية تندرج في إطار اتفاقية التعاون العسكري المبرمة بين تركيا وليبيا”.

ويقول مراقبون إن هذه التحركات تكشف عن رغبة أنقرة في إفشال المسارات الجارية حاليا من أجل إيجاد تسوية للأزمة الليبية، وذلك بهدف حماية مصالحها غربي البلاد.

وتأتي هذه الخطوات في وقت لا تلقى فيه التحركات التركية في ليبيا أي دعم خاصة مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي كانت إدارته تعد من أبرز حلفاء أنقرة، عن تثمينه لاتفاق وقف إطلاق النار في البلاد والتقدم المُحرز في العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة وبقيادة ليبية و“هي خطوات حاسمة نحو حل الصراع”، ما يُظهر بوادر تغيّر في  الموقف الأميركي حيال الأزمة الليبية.

وقال ترامب في رسالة وجهها إلى السراج لتهنئة الليبيين بمناسبة ذكرى استقلال ليبيا، إن “الولايات المتحدة ملتزمة بدعم استعادة ليبيا لسيادتها ووحدتها الوطنية”، مشددا على أن “السيادة والوحدة الوطنية هما أمران ضروريان لضمان الاستقرار والتصدي للتحديات الاقتصادية والأمنية والإنسانية”.

مصباح دومة: البرلمان التركي يعرقل جهود اللجنة العسكرية والانتخابات في ليبيا
مصباح دومة: البرلمان التركي يعرقل جهود اللجنة العسكرية والانتخابات في ليبيا

وإلى جانب تحركاتها التي قامت بها من أجل ضرب المخرجات التي قد تتمخض عن اجتماعات الحوار الليبي – الليبي، تواصل أنقرة جلب المرتزقة وتكديس الأسلحة في ليبيا تحسبا لمواجهة جديدة مع الجيش، وذلك في خرق واضح لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم توقيعه في مدينة جنيف السويسرية.

وينص هذا الاتفاق على ضرورة إخراج المرتزقة خلال 90 يوما، في خطوة ضرورية من أجل التمكن من إجراء انتخابات عامة في ديسمبر المقبل.

ولم تبد أنقرة أي تحمس لمخرجات المسارات المتعددة والتي أخذت أبعادا سياسية من خلال اجتماعات بوزنيقة في المغرب، ثم الحوار الليبي – الليبي في تونس مرورا بالمباحثات التي تجريها اللجنة العسكرية 5+5 في مدينة سرت.

وبالرغم من أن هذه المباحثات تمكنت من تحقيق اختراق هام بعد أن تم الاتفاق على فتح الطريق الرابط بين مدينتي سرت ومصراتة وسط البلاد، إلا أن مثل هذه الاستفزازات قد تعيد البلاد إلى مربع التصعيد العسكري.

وقال عضو مجلس النواب الليبي، مصباح دومة، إن “تركيا تواصل تمددها في ليبيا”.

وأضاف في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أن “البرلمان التركي يعرقل جهود اللجنة العسكرية (5+5) والانتخابات في ديسمبر 2021”، مشددا على “أنه على الليبيين الدفع بخروج كل مرتزق من ليبيا، ودعم المسارات السياسية والعسكرية وتوحيد مؤسسات الدولة”.

وحاولت تركيا مرارا عرقلة جهود التسوية في ليبيا سواء من خلال استفزازات عسكرية تستهدف استدراج الجيش إلى مواجهة جديدة أو من خلال مناورات سياسية تستهدف تثبيت موالين لها في المرحلة الانتقالية.

وراهنت تركيا على العديد من الوجوه البارزة غربي ليبيا في محاولة لتثبيتها خلال المرحلة الانتقالية من أجل ضمان عدم المساس بمصالحها في البلاد.

كما تواصل تركيا جلب المرتزقة إلى ليبيا وتحريك أسطولها الحربي في محاولات لاستفزاز الجيش واستدراجه إلى مواجهة جديدة تنسف جهود التسوية، خاصة أن هذه التحركات تزامنت مع تصريحات استفزازية لأعضاء من حكومة “الوفاق”.

وتخشى أنقرة تركيز سلطة تنفيذية مؤقتة ورحيل الموالين لها على غرار السراج، ما يضع مصالحها على المحك لاسيما اتفاقية ترسيم الحدود البحرية المثيرة للجدل والتي وقعتها مع رئيس حكومة “الوفاق” وتعارضها العديد من القوى الإقليمية والدولية على غرار مصر وفرنسا واليونان وغيرها.

4