تركيا تخوض جولة جديدة من التشديد النقدي لحماية الليرة

تخوض السلطات النقدية التركية جولة أخرى عبر اعتماد معايير صارمة لدعم العملة المحلية المترنحة أمام الدولار وحماية المودعين بإجبار القطاع المصرفي على حيازة المزيد من السندات المقومة بالعملات الأجنبية مع مضاعفة الحيازات المقومة بالليرة.
أنقرة - أعطى إعلان البنك المركزي التركي الثلاثاء بشأن تدخله مجددا لحماية أموال المودعين بالليرة المنهارة بارقة أمل للأوساط الاقتصادية والشعبية المستاءة من التقاعس لأشهر عن اتخاذ قرارات مصيرية تنتشل البلد من وضعه المأزوم.
ويبدو أن هذه المساعي قد لا تجد طريقها إلى تحقيق الأهداف المرجوة بالنظر إلى السياسات النقدية المرنة التي تتبعها السلطات في غير محلها مما قد ينجر عنها المزيد من التبعات على الرغم من وجود مؤشرات إيجابية لنمو الاقتصاد هذا العام بثبات.
واتخذ المركزي خطوات جديدة لتعزيز الودائع بالليرة، ورفع نسبة السندات التي يجب على البنوك الاحتفاظ بها لودائع النقد الأجنبي، وطالب أولئك الذين لديهم ودائع أقل من 50 في المئة بالعملة المحلية بحيازة المزيد من السندات اعتبارا من العام المقبل.
كما رفع المعدل المطلوب للاحتفاظ بالأوراق المالية للودائع بالعملات الأجنبية إلى 5 في المئة من 3 في المئة من الودائع هذا الشهر. وقال إنه سيتم اتخاذ المزيد من الخطوات هذا العام والعام المقبل كجزء من “إستراتيجية دعم الليرة”.
وفي عام 2023، ستحتاج البنوك التي لديها أقل من نصف الودائع بالليرة إلى حيازة سندات إضافية بمقدار سبع نقاط مئوية، مما يمثل أحدث تغيير تنظيمي يهدف إلى دعم سياسة غير تقليدية لخفض أسعار الفائدة وسط ارتفاع التضخم.
وتراجع العائد على سندات الخزانة لأجل عشرة أعوام إلى 11.32 في المئة بعد إعلان هذا القرار من 13.12 في المئة الاثنين الماضي. ولم يطرأ تغيير يذكر على الليرة وسجلت 18.58 مقابل الدولار.
وقال تاجر فوركس في أحد البنوك لرويترز إن “سبع نقاط مئوية من متطلبات السندات الإضافية تبدو مرتفعة، ولذا يبدو أن البنك المركزي يريد أن يكون لدى البنوك 50 في المئة على الأقل، وإذا أمكن 60 في المئة من الودائع بالليرة العام المقبل”.
وأكد مصرفيون أن القواعد الجديدة ستلزم المقرضين بحيازة سندات إضافية من 80 إلى مئة مليار ليرة (4.3 و5.4 مليار دولار).
وأوضح المصرفيون، الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، أن ودائع الأفراد بالليرة تشكل الآن 46 في المئة من إجمالي الودائع، بينما بلغت ودائع الكيانات التجارية بالليرة 47 في المئة.
وقال البنك المركزي في بيان إنه “اعتبارا من العام المقبل، يتعين على البنوك التي تتراوح ودائعها بالليرة بين 50 و60 في المئة من الإجمالي أن تمتلك نقطتين مئويتين إضافيتين من السندات بما يتجاوز نسبة الخمسة في المئة المحددة لهذا العام”.
وحثت السلطة النقدية على تحويل العملات الأجنبية بسلسلة من القواعد بدأت في ديسمبر الماضي، عندما انخفضت قيمة العملة بشكل حاد، وبعد ذلك ارتفعت الودائع بالليرة.
وقال البنك المركزي “هذه الممارسة عززت الميزانيات العمومية للبنوك ودعمت الاستقرار المالي”.
ومع مطلع العام المقبل سيعتمد مستوى الأوراق المالية التي يجب على البنوك الاحتفاظ بها على أساس أهداف حصة الودائع بالليرة.
وفي السابق كان البنك المركزي يطلب من البنوك الاحتفاظ بنسبة سبعة في المئة إضافية من الأوراق المالية إذا كان معدل التحويل من الفوركس إلى الليرة أقل من خمسة في المئة من ودائعها.
وتُظهر بيانات وكالة التنظيم والرقابة المصرفية التركية (بي.دي.دي.كي) أن ودائع الأفراد في النقد الأجنبي بلغت 2.69 تريليون ليرة (144.74 مليار دولار) اعتبارا من السابع من أكتوبر الجاري، بينما بلغ إجمالي الودائع بالليرة 2.02 مليار ليرة (110 مليار دولار).

وفي الفترة نفسها، بلغت ودائع الكيانات التجارية من العملات الأجنبية 1.61 تريليون ليرة (90 مليار دولار)، في حين بلغت الودائع بالعملة المحلية 1.27 تريليون ليرة (70 مليار دولار).
ومن المتوقع أن يخفض البنك المركزي سعر الفائدة الرئيسي مرة أخرى هذا الأسبوع بواقع مئة نقطة أساس إلى 11 في المئة، وفقا لاستطلاع أجرته رويترز مع مجموعة من المحللين، رغم أن التضخم يبلغ أكثر من 83 في المئة.
ودعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مزيد من التيسير في السياسة النقدية كل شهر، وقال إنه “يتعين أن تكون أسعار الفائدة في خانة الآحاد بحلول نهاية العام”.
وفاجأ البنك المركزي التركي الأسواق حيث خفض سعر إعادة الشراء القياسي لأسبوع واحد بمقدار مئتي نقطة أساس إلى 12 في المئة في الشهرين الماضيين.
وكان البنك قد شرع في دورة خفض أسعار الفائدة منذ أكثر من عام، حيث خفض سعر إعادة الشراء لمدة أسبوع بمقدار 500 نقطة أساس إلى 14 في المئة، حيث ظل ثابتًا في الأشهر السبعة الأولى من هذا العام.
وتقول الحكومة إن التيسير النقدي جزء من البرنامج الاقتصادي الجديد الذي يسعى لتعزيز النمو والاستثمارات والتوظيف وتنمية الصادرات من خلال خفض تكاليف الاقتراض، وخاصة للمصدرين والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم.