ترامب يستعد لإعادة تعريف قواعد لعبة الشبكات الاجتماعية

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في حاجة إلى “أكسجين الدعاية” الذي سيجده في منصة خاصة يطلقها قريبا للحفاظ على علامته السياسية الخاصة، بالإضافة إلى إمبراطوريته التجارية العالمية.
واشنطن- أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أنه سيطلق شبكة اجتماعية خاصة به خلال شهرين أو ثلاثة. وأخبر كبير مستشاري ترامب جيسون ميلر قناة “فوكس نيوز” أن المنصة “ستعيد تعريف اللعبة”.
وإذا تم المضي قدما في الخدمة، فقد تكون جذابة للمحافظين الذين يعتقدون أن الشبكات الاجتماعية السائدة متحيزة ضد الأيديولوجيات اليمينية. وقد يحجم كبار مزودي الخدمات السحابية، مثل مايكروسوفت أو أمازون، عن تقديم الدعم بسبب اتهامات تحفيز العنف التي تلاحق ترامب، مما قد يضطره إلى الاعتماد على شركاء تقنيين أصغر أو أجانب.
وقال ميلر “أعتقد أن هذا الشيء سيكون أهم حدث لمنصات التواصل الاجتماعي، وسوف يعيد تعريف اللعبة بالكامل، والجميع سينتظرون ويراقبون ليروا ما سيفعله ترامب بالضبط”.
وأوضح ميلر أنه ليس قادرا على الخوض في التفاصيل في هذه المرحلة، لكنه أشار إلى أن العديد من الشركات تواصلت مع ترامب في ما يتعلق بالمشروع، وكان يعقد اجتماعات رفيعة المستوى مع عدة فرق.
ورفض الخوض في التفاصيل عندما سئل عما إذا كان ترامب سيُنشئ المنصة بنفسه أم سيعمل مع شركة أخرى على بنائها. وقال ميلر “أعتقد أن الرئيس يعرف الاتجاه الذي يريد أن يسلكه هنا وستكون هذه المنصة الجديدة كبيرة ويريدها الجميع، وسوف تجلب الملايين وعشرات الملايين من الأشخاص”.
ومن المتوقع أن يشجع ترامب المشتركين في المنصة على التحدث بحرية ومشاركة “الميمات” الخطيرة الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي مع تمكينهم من الإفلات من العقاب، على الرغم من أنه من المحتمل أن تتطور المنصة إلى غرفة يمينية يسكنها في الغالب معجبون متشابهون في التفكير.
ويضيف مراقبون أن الجمهور المصفق سيرضي غرور ترامب لكنه لن يساعده على زيادة قاعدته وتطويرها خارج جدرانها، كما ستزيد المنصة تعميق الانقسامات القائمة داخل الحزب الجمهوري، والتي هي بالفعل قوية. وحتى الآن لم يتم الكشف عن شكل المنصة المقرر أن يطلقها ترامب، لكن من غير المحتمل أن تنتقل بعيدا عن تطبيق المراسلة الفورية الذي تمت تجربته واختباره في تويتر.
وعلق موقع تويتر حساب ترامب -realDonaldTrump@ الذي يتابعه أكثر من 88 مليون متابع بعد الهجوم الذي شنه أنصاره في السادس من يناير الماضي على الكونغرس، ما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص بينهم ضابط شرطة، في أحداث وصفت بأنها هزت أسس الديمقراطية الأميركية.
وبعد حظر الحساب تراجعت المعلومات الخطأ حول تزوير الانتخابات عبر العديد من منصات التواصل الاجتماعي بنسبة 73 في المئة، من 2.5 مليون إلى 688 ألف إشارة، وفقا لبيانات من شركة التحليلات الاجتماعية “زيغنال لاب”.

جيسون ميلر: أعتقد أن هذا الشيء سيكون أهم حدث لمنصات التواصل الاجتماعي
وعلق فيسبوك ومواقع أخرى مثل سنابشات ويوتيوب وإنستغرام أيضا بشكل مؤقت أو دائم حسابات الرئيس السابق، الذي غادر البيت الأبيض في 20 يناير بعد هزيمته أمام الديمقراطي جو بايدن في انتخابات نوفمبر الماضي. كما تعرضت منصات التيار اليميني، بما في ذلك غاب وبارلر، لرقابة مكثفة.
واستخدم ترامب تويتر الذي يعتبر منصته المفضلة كوسيلة لأكثر من 10 سنوات، لتجاوز وسائل الإعلام التقليدية والتحدث مباشرة إلى الناخبين، كما استخدمه طوال فترة رئاسته لإهانة منافسيه، وإقالة وزراء الحكومة وإعادة تغيير أجندة الأخبار من أجل رغباته، وبعدما كان ترامب يبدي الإعجاب بتغريدات على هواه ويعيد نشرها، أصبح بدلا من ذلك يتجه إلى إصدار بيانات عبر البريد الإلكتروني والتواصل مع شبكات فوكس نيوز ونيوز ماكس، بعد ظهوره للمرة الأولى في “مؤتمر الحركة السياسية المحافظة” الذي عقد في فبراير الماضي، بعد مغادرته البيت الأبيض في يناير.
وبينما قد يكون ترامب أمضى معظم فترة رئاسته في مهاجمة وسائل الإعلام، لتشويه سمعة القصص غير المرغوبة باعتبارها “أخبارا مزيفة” واختيار المعارك مع وسائل إعلام وصحافيين معيّنين اعتبرهم معادين، ولاسيما صحف “نيويورك تايمز” و”واشنطن بوست” وشبكة “سي.أن.أن”، لكنه مدينا بشهرته في الواقع لصحف التابلويد و”أن.بي.سي”، لذلك كانت عودته إلى وسائل التواصل الاجتماعي حتمية.
ومنذ ذلك الحين، يندر سماع رسائل ترامب المفاجئة والمُدوية التي تخللت الحياة السياسية الأميركية في السنوات الأخيرة، على الرغم من أنه لا يزال مؤثرا داخل الحزب الجمهوري ولا يستبعد الترشح للانتخابات الرئاسية عام 2024.
ويسعى ترامب إلى الحصول على علامة تجارية سياسية شخصية وهو يسيطر على القاعدة الجمهورية. وأصدر مؤخرا تصريحات قصيرة شبهها الكثيرون بتغريداته القديمة.
ووفقا لمراقبين لا يمكن توقع استمرار الوضع الراهن طالما أن ترامب في حاجة إلى “أكسجين الدعاية”، لتهدئة غروره والحفاظ على إمبراطوريته التجارية العالمية من الفنادق ومنتجعات الغولف.
وسبق أن انتشرت تكهنات بأن ترامب قد يسعى إلى إنشاء شبكته التلفزيونية الخاصة في محاولة لتكريم مشاهدي قناة فوكس نيوز، التي كانت أول من أعلنت فوز بايدن في ولاية أريزونا الحاسمة ليلة الانتخابات، ما أثار غضب ترامب. لكن ميلر قال إن وسائل التواصل الاجتماعي كانت الهدف المباشر.
وأضاف “لقد توقف الرئيس عن التواصل مع وسائل التواصل الاجتماعي لفترة من الوقت، لكن تصريحاته في الواقع باتت أكثر شعبية مما كانت عليه على تويتر”. وقال ميلر إن أحد المراسلين أخبره أن تصريحات ترامب أصبحت “أكثر أناقة”.
وقاد ديمقراطيون خططا لعزل ترامب بتهمة التحريض على الهجوم، لكن تمت تبرئته عندما صوت سبعة فقط من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين بالإدانة. لذلك يظل ترامب حرا في الترشح لمنصب الرئاسة.
ترامب يسيطر على استطلاعات الرأي المتعلقة بالمرشحين الجمهوريين المحتملين للرئاسة عام 2024
وسيطر ترامب على استطلاعات الرأي المتعلقة بالمرشحين الجمهوريين المحتملين في عام 2024، وجمع مبالغ هائلة من التبرعات السياسية حتى في الوقت الذي تعاني فيه ثرواته التجارية وسط العديد من التهديدات القانونية.
من جانب آخر، شدد ميلر على ما يحتفظ به ترامب من سيطرة وشعبية داخل حزبه. وقال “لديه بالفعل أكثر من 20 عضوا في مجلس الشيوخ وأكثر من 50 عضوا في الكونغرس، دائما ما يقومون بالاتصال به أو زيارته في منتجعه الخاص بفلوريدا لطلب نصيحته”.
ويعتبر مراقبون أن ما يقوله ميلر “نوع من المبالغة الأدائية التي غالبا ما يعرضها مساعدو ترامب لرئيسهم”، وزعم ميلر أيضا أن التأييد للرئيس السابق كان “الأكثر أهمية في تاريخ العالم. لم يكن هناك من أي وقت مضى هذا النوع من التأييد”.