ترامب لا يمتلك أي سلطة قانونية لإغلاق تويتر

هل يجب على مواقع التواصل الاجتماعي أن تكون حارسا على "الحقيقة"؟
الجمعة 2020/05/29
هل تورط تويتر مع ترامب

لا يستطيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب تنفيذ تهديداته بإغلاق تويتر، لكنه يستطيع أن يضع ضغوطا على الشركة كي ينشر ما يريد من تغريدات لمتابعيه الذين يفوق عددهم 80 مليون شخص دون أن يتعرض للمحاسبة أو التكذيب.

 واشنطن - قال خبراء قانون إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يمتلك أي سلطة قانونية لإغلاق موقع تويتر وأن تهديداته “حمقاء تماما”.

ولوح ترامب الأربعاء بقرارات مرتقبة ضد مواقع التواصل الاجتماعي التي اتهمها بالتدخل في الانتخابات الرئاسية، وبتقويض حرية التعبير في الولايات المتحدة.

وفي تغريدة جديدة الخميس، جدد الرئيس الأميركي موقفه، قائلا “تبذل الشركات التقنية الكبرى كل ما في وسعها مسبقا من أجل فرض رقابة على انتخابات 2020. إذا حدث ذلك فعلا، فهذا يعني أننا تجرّدنا من حياتنا”.

وأضاف “لن أدع ذلك يحدث أبدا! لقد حاولوا جاهدين في عام 2016، وخسروا (في إشارة إلى محاولة التأثير على الانتخابات ونتائجها). وها هم الآن يتصرفون بجنون تام.. ترقبوا!”

إلا أن ترامب لم يوضح ما هي الخطوات التي طلب من متابعيه ترقبها، لكن البيت الأبيض أعلن قبل ساعات أن الرئيس الأميركي سيوقع، قرارا يتعلق بشركات التواصل الاجتماعي، دون ذكر أيّ تفاصيل.

ويتجدد الجدل كل فترة وأخرى حول ما إذا كان ينبغي لمنصة تويتر حظر ترامب، خاصة أن العديد من تغريداته كانت ستنتج عنها عمليات إزالة أو تعليق مؤقت إذا جاءت من حساب مستخدم عادي، لكن تويتر استثنت رؤساء الدول، في إشارة إلى بند “الجدوى الإخبارية” الذي يسمح للشركة بالتهرب من المسؤولية.

واكتسب الجدال أهمية هذا الأسبوع بعد أن أضافت منصة ترامب “المفضلة” رابطا لتغريدتين رئاسيتين قدمتا ادعاءات زائفة بشأن صناديق الاقتراع بالبريد، وكانت المرة الأولى التي تتخذ فيها تويتر خطوة كهذه، حيث وجه الرابط المسمى “ابحث عن الحقائق” المستخدمين إلى صفحة بروابط لمقالة على شبكة “سي.أن.أن” بشأن ادعاءات الرئيس التي لا أساس لها من الصحة.

ودفعت خطوة تويتر ترامب إلى الادعاء بأنها كانت تتدخل في انتخابات 2020 والتهديد “بتنظيم صارم أو إغلاق” المنصة.

من جانبه، رأى الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك مارك زوكربيرغ أن تويتر أخطأ في التعامل مع تغريدات الرئيس الأميركي، معتبرا أنه ليس من واجب مواقع التواصل أن تكون حكما أو حارسا لما تعتبر أنه “الحقيقة”!

وأوضح في مقابلة مع “فوكس نيوز” الخميس أن “لدى فيسبوك سياسة مختلفة تماما عن تويتر”.

 وأضاف “أنا أؤمن بأنه لا ينبغي أن تكون فيسبوك حكما للحقيقة، أو ناظرا ومراقبا لصحة كل ما يقوله الناس على الإنترنت”، في انتقاد غير مباشر لكيفية تصرف تويتر مع تغريدات ترامب.

كما رأى أنه “لا ينبغي أن تكون تلك الشركات الخاصة، ولاسيما شركات ومنصات مواقع التواصل في وضع يمكنها من الرقابة على تصريحات أو تغريدات المستخدمين”.

وأعاد ترامب نشر تغريدة تحمل تقريرا عما قاله زوكربيرغ وتصدرت التقرير صورة ثلاثية لترامب في المنتصف وعن يمينه مؤسس تويتر جاك دارسي، وعن يساره زوكربيرغ، وعنوان التقرير “زوكربيرغ يضرب تويتر بسبب فحص ما يقوله ترامب”، ويقول إن “الشركات الخاصة لا يجب أن تكون الحكم على الحقيقة”.

وكان فيسبوك قد ترك نفس المنشورات التي نشرها ترامب الثلاثاء بخصوص الاقتراع بالبريد، دون مساس، كما يفعل مع كل ما ينشره ترامب.

وتعليقا على التهديدات التي أطلقها ترامب، قال زوكربيرغ “لا بد أن أفهم أولا ما يعتزمون عمله بالفعل، لكنني بوجه عام أعتقد أن إقدام حكومة على فرض رقابة على منصة لأنها قلقة من الرقابة التي قد تفرضها هذه المنصة، ليس برد فعل صائب”.

وفي نفس السياق، نقل موقع بيزنس إنسايدر عن كين وايت، محامٍ متخصص في التعديل الأول (حق التعبير في الدستور الأميركي) ومحامٍ جنائي في شركة براون وايت أند أوسبورن للمحاماة، قوله إن تهديدات ترامب “شعارات جوفاء موجهة لقاعدته الانتخابية”.

وفسر وايت الموقف القانوني بالقول إن “الحكومة الأميركية لا تمتلك أي سلطة لإغلاق شركات التواصل الاجتماعي، لأنها (أي تلك الشركات) تمتلك الحق -بموجب التعديل الأول في الدستور- للمراقبة والتعليق كيفما ترى ذلك مناسبا”.

وذكر وايت أنه في العام الماضي أدانت محكمة فيدرالية الرئيس ترامب بسبب حظره متابعين له على تويتر، وهو ما حرمهم من المشاركة في منصة عامة.

وهذه ليست المرة الأولى التي يهدد فيها ترامب بإغلاق منصات التواصل الاجتماعي، حيث قام البيت الأبيض العام الماضي بتقديم مشروع قانون لتنظيم عمل شركات التواصل الاجتماعي لمواجهة مزاعم التحيز ضد المحافظين، وهي نفس المزاعم التي كررها ترامب في تغريداته الأربعاء.

من جانبها، سخرت أستاذة القانون في جامعة دريكسيل والمتخصصة في الحريات المدنية وقضايا الإنترنت هانا بلوش – وهبا من تهديدات ترامب بإغلاق تويتر، حيث وصفتها بأنها “تهديدات حمقاء تماما”، مضيفة أنها “تفتقد لأي نوع من الأساس القانوني ومن الواضح جدا أن ما يفعله ترامب في الواقع هو مجرد بلطجة على تويتر كي يتركوه يفعل ما يريد ويغرِّد بأيّ أكاذيب دون أدنى حد من المساءلة”.

يذكر أن هيئة من ثلاثة قضاة بمحكمة الاستئناف الأميركية في واشنطن، رفضت الأربعاء دعوى رفعتها مجموعة محافظة وشخصية يمينية على يوتيوب ضد غوغل وفيسبوك وتويتر وأبل تتهمها بالتآمر لقمع آراء المحافظين السياسية.

وتتقيّد سلطة الرئيس الأميركي بالدستور والمؤسسات القانونية المتعددة والكونغرس، وعلى الرغم من ذلك فقد أثبت ترامب منذ وصوله إلى البيت الأبيض أن لديه تفسيره الخاص لسلطات الرئيس التي وصفها قبل أسابيع قليلة بأنها “سلطات مطلقة”.

ويدرك ترامب جيدا أنه لن يستطيع إغلاق تويتر، لكنه بخلاف الإغلاق، يمكنه محاولة “تنظيم عمل شركات التكنولوجيا مثل تويتر” بطرق أخرى، منها ما طرحه السيناتور الجمهوري جوش هولي بشأن قيام الكونغرس بإلغاء القسم 230 من قانون تنظيم عمل تلك الشركات، وهو ما سيسمح لأي شخص يشعر أنه ضحية للتمييز ضده، لأن هذا الحق محافظ عليه من جانب تلك المنصات، أن يرفع قضية في المحكمة ضدها.

وقال موقع “فوكس” إن القسم 230 من قانون تنظيم عمل شركات التكنولوجيا يجعل تلك المنصات صاحبة الحق في التعامل مع المحتوى المنشور بالطريقة التي تراها مناسبة، وإلغاء هذا الحق يجعل تلك المنصات عرضة للمقاضاة من جانب أي مستخدم يشعر بأنه تعرض للتمييز بسبب آرائه مهما كانت تلك الآراء.

كما يمكن لترامب أن يستخدم صراعه مع تويتر كذخيرة سياسية لمساندة ودعم تحقيقات وزارة العدل ولجنة التجارة الفيدرالية في الكونغرس، في انتهاك شركات التواصل الاجتماعي الكبرى لثقة المستخدمين، لكن هذه النقطة تحديدا ربما لن تضر بتويتر كثيرا، حيث إن تلك التحقيقات تستهدف فيسبوك وغوغل بالأساس، وترامب يمتلك علاقة ممتازة مع مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ.

19