تراجع التضخم يعجل محادثات مصر مع صندوق النقد الدولي

نزول التضخم يفرض قيام صندوق النقد بتعيين لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي للنظر في خفض أسعار الفائدة.
الخميس 2020/10/08
تحديات مالية

عجّل تراجع التضخم بإعادة محادثات مصر مع صندوق النقد الدولي لإتمام إجراءات الحصول على قرض ما يعقّد مهمة البنك المركزي حول الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة لبيع أذون الخزانة وحماية العملة، أم خفضها لتنشيط الاقتصاد المتضرر من كورونا.

القاهرة - انخفض التضخم في مصر إلى بعض أدنى مستوياته فيما يزيد كثيرا على عشر سنوات، مما قد يستوجب إجراء مشاورات مع صندوق النقد الدولي بموجب شروط قرض جديد قيمته 5.2 مليار دولار.

وبسبب ذلك تتعقد أيضا معضلة يواجهها البنك المركزي هل يبقي على أسعار الفائدة مرتفعة لبيع أذون الخزانة وحماية العملة، أم يخفضها لتنشيط نمو الاقتصاد المتضرر من جائحة فايروس كورونا. وبموجب اتفاق استعداد ائتماني مدته عام واحد وُقّع مع صندوق النقد في يونيو بقيمة 5.2 مليار دولار، فإن مصر ملزمة بالتشاور مع فريق فني إذا كان التضخم بصدد النزول عن ستة في المئة بنهاية سبتمبر ومع مجلس إدارة الصندوق نفسه إذا انخفض التضخم السنوي لما دون 4 في المئة.

تباطأ التضخم إلى 3.4 في المئة في أغسطس من 4.2 في المئة في يوليو، مقتربا من أدنى مستوياته منذ 2005. ويتوقع بعض الاقتصاديين رقما مماثلا لشهر سبتمبر، المتوقع إعلان قراءته في العاشر من أكتوبر. وقال بعض الاقتصاديين إنه في حالة نزول التضخم بشكل سريع جدا، فقد يقول صندوق النقد إنه يتعين على لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي النظر في خفض أسعار الفائدة عند اجتماعها المقبل في 12 نوفمبر.

وأضافوا أن البنك المركزي متردد في خفض الفائدة لحين التأكد من عودة الاستقرار في مصادر التدفقات الدولارية، مثل السياحة وتحويلات العاملين في الخارج ومشتريات الأجانب من أذون الخزانة المصرية.

وقال محمد أبوباشا، الاقتصادي لدى المجموعة المالية هيرميس، “لا أعتقد أنهم مستعدون لتقليص أسعار الفائدة بينما الموازين الخارجية مازالت تحت ضغط. ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية يبقي أيضا على استمرار معاملات التربح من فروق أسعار الفائدة”.

ولم يحدد تقرير لفريق خبراء الصندوق الشهر الماضي الإطار الزمني لقياس التضخم ولا موعد إجراء أي مشاورات. ولم يرد الصندوق ولا البنك المركزي حتى الآن على طلبين للتوضيح.

يعود انخفاض التضخم في مصر لأسباب منها تشديد السيطرة على المعروض النقدي منذ برنامج صندوق النقد في 2016 وحملة منسقة للاستثمار في الزراعة وضعف الطلب الاستهلاكي بسبب جائحة كورونا.

تباطأ نمو المعروض النقدي (ن2) إلى 11.33 في المئة العام الماضي من مستوى مرتفع بلغ 25.4 في المئة في أعقاب الاتفاق البالغة مدته ثلاث سنوات مع صندوق النقد في 2016 لقرض بقيمة 12 مليار دولار. ومنذ تفشي الجائحة، يعاود المعروض النقدي الصعود من جديد.

البنك المركزي يواجه مشكلة في إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لبيع أذون الخزانة وحماية العملة
البنك المركزي يواجه مشكلة في إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لبيع أذون الخزانة وحماية العملة

وتفيد أرقام البنك المركزي أن الاستثمار في الزراعة، وأغلبه حكومي، بلغ 0.92 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2018\2019، وهو مستوى كبير. وتشكل المنتجات الغذائية جزءا هاما من سلة أسعار المستهلكين.

وصعد التضخم إلى ذروة عند 33 في المئة في يوليو 2017 بعد أن طبقت مصر إجراءات تقشفية بدعم من صندوق النقد شملت رفع أسعار الوقود وفرض ضريبة القيمة المضافة وضرائب أخرى على منتجات التبغ، مع خفض قيمة العملة للنصف مقابل الدولار.

وقال تشارلز روبرتسون، كبير الاقتصاديين لدى رينيسانس كابيتال، إن كبح التضخم إلى هذه الدرجة في سوق ناشئة منخفضة الدخل مثل مصر إنجاز استثنائي.

وقال “لكن أرى حاجة لتغيير بؤرة التركيز في 2021 و2022 إلى دعم النمو”، مضيفا أن الاستثمار في الصناعات التحويلية يراوح مكانه لأسباب منها فايروس كورونا.

وقد قلصت البنوك المركزية في الدول النامية أسعار الفائدة لعشرين 20 شهرا متتاليا، وهو ما يفوق دورات التيسير التي تسببت فيها الأزمة المالية في 2008 وفي أعقاب أزمة اليورو في 2010، غير أن وتيرة الخفض واصلت التباطؤ في سبتمبر.

وفي 24 سبتمبر، قلصت لجنة السياسة النقدية في مصر فائدة الإقراض لليلة واحدة 50 نقطة أساس إلى 9.75 في المئة، قائلة إن مؤشرات رئيسية خلال فصل الصيف تنبئ بتعاف تدريجي للنشاط الاقتصادي.

وقال البنك المركزي إنه يتوقع صعود التضخم إلى أوائل نطاقه المستهدف الذي يدور بين ستة و12 في المئة في الربع الرابع من العام بسبب تأثيرات سنة الأساس.

وقال بنك أوف أميركا غلوبال ريسيرش إن خفض الخمسين نقطة أساس ربما كان لاستباق ضغوط صندوق النقد لتقليص الفائدة في نوفمبر.

10