تراث الأمازيغ ممزوج بموسيقات العالم في مهرجان الحمامات الدولي

الفنانان نضال اليحياوي ومنير الطرودي يقدمان حفلين امتزج فيهما التراث العريق بروح العصر وموسيقات العالم.
الاثنين 2019/08/19
منير الطرودي يفتح خزائن التراث على العالم

  الحمامات (تونس) – يواصل مهرجان الحمامات الدولي فعاليات دورته الـ55 مقدما عروضا موسيقية متنوعة، سواء التونسية أو العربية أو العالمية، إضافة إلى عروض مسرحية تعود عليها جمهوره.

وهذه الدورة أضاءت في عرضين مختلفين على التراث الموسيقي الشعبي التونسي الذي أعيد تطويعه وتم مزجه مع مختلف أنماط الموسيقى العالمية، من خلال عرضين الأول للفنان نضال اليحياوي بعنوان “شاوية” والثاني للفنان منير الطرودي “مزاج ثوري”.

قدم الفنان الشاب نضال اليحياوي ضمن فعاليات الدورة 55 لمهرجان الحمامات الدولي عرضه الموسيقي الأخير “شاوية” الذي يستعيد فيه أغاني شعبية تونسية من التراث الموسيقى الذي اشتهرت به محافظة الكاف العريقة شمال غرب البلاد والتي تقع على الحدود مع الجزائر في مرتفع تعاقبت عليه حضارات وأعراق.

ووعد نضال اليحياوي في تصريحات قبل الحفل، الجمهور الذي حضر بأعداد كبيرة ومعظمه من الشباب، بمنعه من الجلوس، وهو ما تجلى منذ الدقائق الأولى للعرض حيث تفاعل الحاضرون مع “هالاليلو” و”زرق الوشمة” و”نجع أولاد حربي” و”نخلة جبارة” و”العين السودة” وغيرها من الأغاني بالرقص والتصفيق.

من خلال عرض “شاوية” استحضر نضال اليحياوي تراث موسيقى الشاوي وأصوات جبال الشمال الغربي مضفيا عليها موسيقى غربية حديثة تعتمد على آلات موسيقية عصرية كالقيثارة والباص لكن ترافقها دائما آلتا “القصبة” والطبل، وذلك دون تغيير اللحن الأصلي.

ومرة أخرى يؤكد نضال اليحياوي بعد مشروعي “برقو 08” و”حلفاوين الشعبية”، أنه لا يبحث عن الموسيقى السهلة، بل إنه ينبش في أعماق التراث وموسيقى الأجداد في كل ربوع البلاد، لينتج نوعا موسيقيا خاصا به يمتزج فيه الروك بالبوب والجاز والموسيقى الأمازيغيية.

هو نوع خارج عن كل التصنيفات المتداولة لا يمكن وصفه لا بالتقليدي ولا بالعصري لكنه يخترق المسامع ويشد الانتباه ويتخطى الحدود نحو العالمية.

وسط أجواء موسيقية موغلة في عالم الإبداع عاش جمهور مهرجان الحمامات الدولي ليلة فنية بامتياز امتزجت فيها موسيقات العالم وتنوعت فيها الإيقاعات

وشارك نضال اليحياوي في عرض “شاوية” كل من عازف القيثارة مهدي البحري وعازف الباص مروان سلطانة، وعلى آلة القصبة محمد الشابي وعلى الطبل عماد الرزقي وعلى الدرامز يوسف سلطانة.

هذه المجموعة التونسية الشابة تعد بالكثير وهو ما أكده نضال اليحياوي في ندوة صحافية إثر العرض حيث شدد على أن مشروع “شاوية” ما زال يتطور وأن العديد من الأفكار تجول بخواطر أفراد المجموعة لإثرائه أكثر فيما أعلن عن مشاريع أخرى قيد الإنجاز سيتم الإعلان عنها لاحقا.

ووسط أجواء موسيقية موغلة في عالم الإبداع عاش جمهور مهرجان الحمامات الدولي مؤخرا ضمن فعاليات الدورة 55 ليلة فنية بامتياز امتزجت فيها موسيقات العالم وتنوعت فيها الإيقاعات.

وأحيا حفل العرض الثاني الفنان التونسي منير الطرودي الذي كان مرفوقا بمجموعة من خيرة العازفين من تونس ومن الخارج قدموا مزيجا من الشعبي التونسي مع الغربي ومزيجا من القديم العتيق مختلطا بالجديد والمعيش وتطويعا للبدوي والتراثي بالجاز والريغي والهيب هوب.

بدا الحفل الذي يحمل عنوان “مزاج ثوري” بمقطوعة موسيقية قبل أن يصعد منير الطرودي على الركح ويبدأ في إطلاق تنغيمات تنم عن حنجرة فريدة من نوعها فكان الصوت يرتفع حينا ويخفت حينا آخر ثم يعود لينخفض فيعلو ويتموّج ويروح بعيدا ثم يعود.

صاحبت صوتَ منير الطرودي إيقاعات مثلت مزيجا من الموسيقى الشعبية وموسيقى الجاز هي إيقاعاتُ مثيرةٌ ومبهجة في نفس الوقت تفاعل معها الجمهور بالتصفيق والهتاف، فرقص عليها أحيانا وتابعها بكل اهتمام أحيانا أخرى.

“واشي واشي” و”العساس” و”أنا سقيم عليل” وغيرها من الأغاني المستمدة من التراث الشعبي والشعر العربي القديم أداها منير الطرودي على إيقاعات الروك والجاز والبانك والهيب هوب.

ورافق الطرودي كل من سندة العتري على البيانو والهادي الفاهم على القيثارة ورياض بن عمر على الكمان وحسين بن ميلود على الناي والإنكليزي بيتر كورسر على الساكسوفون والتركي كابتر أمراح على الباص والإسباني الفرنسي فيليب غارسيا على الباتري.

هذا المزيج من الجنسيات أضفى على العرض رونقا خاصا ومميزا استساغه الجمهور إلى جانب تحركات وشطحات منير الطرودي المتفردة على الركح ولباسه الذي يوحي بروح شرقية.

الجمهور الذي حضر الحفل رغم أنه لم يكن غفيرا إلا أنه جاء خصيصا لهذا النوع من الموسيقى وجاء خصيصا لمنير الطرودي الذي أمتعه واستجاب لطلباته وغنى لهم “راكب على الحمراء” ورقص معهم، فكانت سهرة لن ينساها منير الطرودي في مسيرته حسبما صرح به في ندوة صحافية عقدها بعد العرض.

17