تدخل ملكي لصرف مليار دولار دعما عاجلا للمزارعين المغاربة لمواجهة الجفاف

العاهل المغربي يحث الحكومة على ضرورة اتخاذ التدابير العاجلة لمواجهة آثار الجفاف في إطار استراتيجية ملكية تقوم على متابعة أوضاع الفئات محدودة الدخل ودعمها.
الجمعة 2022/02/18
برنامج ملكي استثنائي لدعم المزارعين

الرباط- أعلن المغرب إطلاق برنامج استثنائي بقيمة 10 مليارات درهم (حوالي 1.2 مليار دولار) لدعم القطاع الزراعي والتخفيف من آثار الجفاف هذا الموسم، في خطوة قال مراقبون إنها تظهر حرص العاهل المغربي الملك محمد السادس على متابعة أوضاع الفئات الاجتماعية الضعيفة ومساعدتها على مواجهة الأزمات الطارئة.

وجاء الإعلان عن هذا الدعم إثر استقبال العاهل المغربي مساء الأربعاء الماضي كلاّ من رئيس الحكومة عزيز أخنوش ووزير الفلاحة محمد صديقي في إقامته بمنطقة بوزنيقة قرب الرباط.

وحث الملك محمد السادس الحكومة خلال الاجتماع على “ضرورة اتخاذ كافة التدابير الضرورية والعاجلة لمواجهة آثار نقص الأمطار على الزراعة”.

رشيد ساري: أصحاب الضيعات الكبرى مدعوون لترشيد استعمال الماء والاعتماد على تقنيات حديثة للسقي

وذكر بلاغ للديوان الملكي أن “البرنامج الاستثنائي الذي أعدّته الحكومة، هدفه التخفيف من آثار تأخر التساقطات المطرية، والحد من تأثير ذلك على النشاط الزراعي، وتقديم المساعدة للمزارعين ومربي الماشية المعنيين”.

ويقول مراقبون محليون إن تدخل الملك محمد السادس لفائدة المزارعين هو امتداد لاستراتيجية ملكية تقوم على متابعة أوضاع الفئات محدودة الدخل ودعمها سواء في الأوضاع العادية أو في الأوضاع الاستثنائية مثل الدعم الحكومي المقدم خلال أزمة كورونا، أو في أوضاع الفيضانات أو الجفاف.

وسبق للعاهل المغربي أن أعلن عن إحداث “السجل الاجتماعي الموحد”، قصد تنظيم استفادة الأسر المغربية من برامج الدعم الاجتماعي وفق “معايير دقيقة وموضوعية وباستعمال التكنولوجيا الحديثة”.

وأكد المتحدث باسم الحكومة مصطفى بايتاس على أن السلطة التنفيذية تتابع بالجدية المطلوبة مسألة تأخر هطول الأمطار وأنها ستطلق قريبا مجموعة من المبادرات في هذا الاتجاه.

من جهته، قال رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير يوسف كراوي فيلالي إن البرنامج الاستثنائي الملكي يعد تدبيرا ضروريا يروم دعم الموسم الزراعي الحالي، نظرا إلى الوضع الراهن الذي يتسم بنقص كبير في الأمطار.

ويرتكز البرنامج الاستثنائي على ثلاثة محاور رئيسية يتعلق أولها بحماية الرصيد الحيواني والنباتي، وحل أزمة ندرة المياه، والثاني بالتأمين الزراعي، والثالث بتخفيف الأعباء المالية عن الفلاحين والمهنيين، وتمويل عمليات تزويد السوق الوطنية بالقمح وعلف الماشية، علاوة على تمويل الاستثمارات المبتكرة في مجال السقي.

وبغاية التخفيف من حدة المعاناة لدى سكان القرى، حث نواب في البرلمان على دعم توفير الماء الصالح للشرب ومياه السقي، وتقديم الدعم اللازم للمزارعين، ومعالجة الصعوبات التي تعترضهم.

يوسف كراوي فيلالي: البرنامج الاستثنائي الملكي يعد تدبيرا ضروريا يروم دعم الموسم الزراعي الحالي

ودعا البرلمانيون الحكومة إلى العمل على تقديم مشروع تعديلي لقانون المالية في أقرب الآجال لمراجعة التوقعات والمؤشرات التي بني عليها وإعادة النظر في توجهاته وأولوياته واختياراته الاقتصادية والاجتماعية على ضوء واقع السنة الزراعية الجافة.

ويعرف الموسم الزراعي نقصا كبيرا في تساقط الأمطار حيث بلغ المعدل الوطني للتساقطات إلى حد الآن 75 ملم، مسجلا بذلك عجزا بنسبة 64 في المئة مقارنة بموسم عادي، فهذه الوضعية المناخية والمائية الحالية تؤثر سلبا على سير الموسم الزراعي، خاصة الزراعات الخريفية وتوفير الكلأ للماشية.

وتم تسجيل ارتفاع ملحوظ في أسعار الأسمدة والمواد العلفية من ذرة وأعلاف مركبة وتفل الشمندر والنخالة، منذ نهاية الصيف ويتفاقم يوما بعد يوم، كلما تأخر تساقط الأمطار.

ويعتبر المهندس الزراعي عبدالمومن غينوني أن مزارعي الحبوب يستعدون لحصاد ضعيف تماما مثل الموسم الزراعي قبل الأخير (2019)، وأضاف أنه إذا وضعنا جانبا متوسط الموسم الزراعي المسجل في العام الماضي، يمكننا القول إن المغرب يستعيد سيناريوهات الجفاف في العقود الأخيرة.

ويضيف غينوني أن المزارعين يواجهون خيارات صعبة سواء ما تعلق بالحبوب والبقوليات أو حتى لمراعي الماشية.

وأكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في المغرب أن أربعة أخماس موارد البلاد من المياه قد تختفي على مدار الـ25 عاماً المقبلة، وما تمثله من مخاطر على السلم الاجتماعي بسبب شح المياه ونقص التساقطات.

وفي هذا الإطار أكد الخبير الاقتصادي رشيد ساري لـ”العرب” أن أصحاب الضيعات الكبرى مدعوون لترشيد استعمال الماء والاعتماد على تقنيات حديثة للسقي والتفكير في الأجيال القادمة لأن القطاع الزراعي يستهلك لوحده 80 في المئة من المياه.

1